الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

صيام الرئيس!!



صيام الرئيس!!


ها قد جاء شهر رمضان اللهم أجعل لنا في أوله رحمة وفي أوسطه مغفره وفي آخره عتق من النار .. ويقول رسولنا الكريم (ص): "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" اللهم اجعلنا منهم .. كما يقول الله تعالى في حديثه القدسي "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، وذلك لأن أي عمل يمكن أن يدخل به شبهة الرياء كأي يصلي أحدهم في المسجد ليقال عنه أنه ورع وتقي أو يتصدق بأموال كثيرة ليقال عنه كريم وإنما الأعمال بالنيات .. أما الصوم فهو عبادة مختلفة إذ أن بها من الخصوصية بين العبد وربه لا يتطلع عليها سواهما لأن الامتناع عن الطعام والشراب قد يختلف في العلن عن الخفاء كما أن الهدف من الصوم ليس الامتناع عن الطعام والشراب من آذان الفجر وحتى أذان المغرب وحسب بل حمل النفس البشرية "الأمارة بالسوء" بطبيعتها على التحلي بالأخلاق الحميدة وإعلاء قيم الرحمة والخير والتسامح والعدالة ولذلك يقول رسلونا الكريم (ص): "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"
كل ما ذكرته دفعني للتساؤل بيني وبين نفسي "الأمارة بالسوء" هل يصوم الرئيس؟!
يبدو سؤالي مستفزا إذ قد يقول البعض وإنت مالك ألست منذ سطور تعد على الأصابع قائل بأن عبادة الصوم بها خصوصية بين العبد وربه .. نعم وأنا لا أختلف مع هذا القول لذلك سأفترض بأن الرئيس بالفعل يمتنع عن الطعام والشراب من الفجر إلى آذان المغرب حيث يمسك كوبا من قمر الدين أو التمر الهندي في يده ويقول اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله!!
ولكن هل يعني ذلك أن الرئيس يصوم؟!
فالهدف من الصوم أعمق وأكبر كثيرا من هذا الامتناع عن الطعام والشراب فمثلا كيف يصوم الرئيس وهو يتعاون مع الصهاينة في حصار إخواننا في غزة ويغلق معبر رفح في وجه المعونات الغذائية الذاهبة للقطاع وحين يفتح المعبر تدخل المعونات "بالتقطير" لا تسد جوعا ولا تشفي غليلا!!
وكيف يصوم الرئيس ويعتقل هو وأمن دولته وأمنه المركزي و"محاكمه" العسكرية الشرفاء أمثال مجدي أحمد حسين وعبدالمنعم أبو الفتوح وخيرت الشاطر ومسعد أبو فجر وغيرهم الكثير والكثير .. كيف يصوم الرئيس وأهالي قرية البرادعة مصابون بالتيفود نتيجة الفساد المستشري في كل أجهزة دولته مما جعل مياه الصرف الصحي تختلط بمياه الشرب دون أن يحاسب مسؤول واحد .. كيف يصوم الرئيس وخبراء العدل يتعرضون للظلم ويفترشون سلالم وزارتهم بحثا عن مطالبهم المشروعة ولا يجدون أي عدل!!
كيف يصوم الرئيس وأغلبية المصريين في عهده "البغيض" قد أصبحوا تحت خط الفقر ويعانون أشد المعاناة لتوفير وجبة إفطار في رمضان والكثير منهم لا يجدونها وأصبح المصريين بكل فئاتهم لديهم مشاكل اقتصادية شديدة من أول أساتذة الجامعات والأطباء وحتى سائقي المقطورات والعربات الكارو والعمال!!
كيف يصوم الرئيس بينما يرتكب نظامه كل أنواع الجرائم من تعذيب إلى سرقة إلى غرق العبارة إلى سرطنة المبيدات إلى الري بمياه الصرف الصحي إلى عدم توافر الخبز وحتى المياه النقية وأكبر جريمة يرتكبها هي بقاؤه رئيسا لمصر بعد أكثر من ربع قرن جرف فيها ثروتها القومية وخرج بها من التاريخ لتهوي في هوة حضارية عميقة وتتحول إلى مستعمرة أمريكية منزوعة سيادة القرار ويتم اختزال مستقبلها في عائلة تناقش مستقبل الحكم بين أب وابنه!!
وبعد ذلك مازلت أتسائل أيصوم الرئيس حقا؟!
لا تؤاخذوني إن نفسي لأمارة بالسوء وكل عام وأنتم بخير!!

الاثنين، 17 أغسطس 2009

السيد والخادم!!

e السيد والخادم!!

إلى واشنطن شد الرحال وجهز "حقائب" فارغة إذ من المنتظر أن تمتلئ بالخيرات الأمريكية من الدولارات وخلافه .. كل هذا مقابل بعض "التكتيكات" الصغيرة ولا أقول التنازلات لا سمح الله التي لا تؤثر بالطبع على دور مصر الإقليمي والريادي والاستراتيجي والجميل خالص وسمعونا صلاة النبي!!
القصة وما فيها أن الأمريكان "حلفاءنا" قلقين بعض الشئ من وجود قوة خارج السيطرة لها كرامة في المنطقة، وأصبح الآن لديها تكنولوجيا نووية جيدة واقتصاد وتصنيع وطني متنامي وهي بالطبع إيران. كما أن الإسرائيلين "حلفاءنا وحبايبنا وإخوانا كمان" غاضبين من صوت نجاد العالي الذي يقلق مضاجع الصهاينة في تل أبيب بسبب تصريحاته وما تتضمنه من هجوم على الكيان الصهيوني وتطالب بالقضاء عليه باعتباره "ورم سرطاني خبيث" وهذا الكلام يعتبره الأمريكان خطا أحمر لا يجب حتى التفكير فيه لا ترديده، كما أن الإزعاج التي تسببه حماس بدا غير قابل للتحمل حيث كان أوباما قادما إلى البيت الأبيض وفي نيته وإنما الأعمال بالنيات أن يحقق تطبيعا عربيا بصورة واسعة مع إسرائيل ولكن وجود حماس وإصرارها على المقاومة جعلها تصبح عقبة في طريق تحقيق آمال أوباما، فكان من الطبيعي أن يعتمد الأمريكان والإسرائيليين على حبيبهم وحليفهم ورجلهم الكـُبرة السـُكرة حسني مبارك لذلك كانت الزيارة!
أولا: فيما يخص التطبيع العربي مع إسرائيل يقول سليمان عواد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بأن مصر ملتزمة برفض التطبيع العربي "الشامل" مع إسرائيل قبل تحقيق التسوية الشاملة ولكن – ويا خوفي من ولكن – يمكن القبول بتطبيع "محدود" مقابل وقف الاستيطان!!، وحتى الآن لم أفهم ماذا يقصد بالتطبيع الشامل والمحدود فالأمر بالنسبة لي – ويمكن أطلع دقة قديمة – إما الاعتراف بإسرائيل وهذا موقف يجلب العار ويعتبر خيانة للقضية وإما رفض الاعتراف واعتبارها كيانا مغتصبا وهو موقف وطني محترم ولا يوجد موقفا وسطيا بين الإثنين فأي تطبيع "محدود" يعتبر اعترافا بإسرائيل يتناقض مع المبدأ!!
ثانيا: فيما يخص إيران "بعبع" أمريكا وإسرائيل الآن فإن الترتيبات تجري على قدم وساق لمشروع مظلة أمنية دفاعية (عربية – أمريكية – إسرائيلية) تكون رادعا لإيران الشريرة التي تكره إسرائيل! .. وعلى الرغم مما نشرته جريدة الأهرام الرسمية أن مصر ترفض المشاركة في المظلة الدفاعية إلا أن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية قال في جريدة الشروق "إن الجانب الأمريكي لا يتوقع من مصر إلا توفير غطاء سياسي لهذه المظلة وهو ما لا تمانع مصر في توفيره"، وعلينا أن نفهم الصورة الجديدة حلفاءنا هم أمريكا وإسرائيل وأعداءنا هم إيران وحزب الله وحماس وكل من تجرأ باللفظ أو بالفعل على إسرائيل!!ثالثا : الدولارات الأمريكية .. ماذا سنحصل نظير أننا دولة "بتسمع الكلام" وفاهمة جيدا دورها في المنطقة .. وبالتالي فإن أهم الموضوعات التي ستثار ستكون اقتصادية مثل المعونة الأمريكية .. وهذه المعونة استخدمتها أمريكا بجدارة على طريقة العصا والجزرة للتأثير على مواقف مصر السياسية حيث أن القانون الخاص بالمعونة الأمريكية صدر عام 1952م بهدف المحافظة على "المصالح الأمريكية" في الشرق الأوسط ، واستمرت المعونة 4 سنوات ثم تم تجميدها وسحب أمريكا عرضها لتمويل السد العالي عقابا لمصر في ذلك الوقت على رأسها الناشفة وعدم اعترافها بإسرائيل وصفقة الأسلحة التي عقدتها مصر مع تشيكوسلوفاكيا، ومع بداية السابعينات قدم الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون 250 مليون دولار كمعونة اقتصادية لمصر لتكون بمثابة إعادة للعلاقات أو بمعنى أدق بيقدم السبت!!
وبعد فض الاشتباك الثاني عام 1975م بين مصر وإسرائيل تم إدارج مصر ضمن برنامج المساعدات الأمريكية ثم بعد أن أصبحت دولة "بتسمع الكلام" ووقع السادات على اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام عام 1979 تعهد جيمي كارتر الرئيس الأمريكي وقتها بتقديم مليار دولار سنويا كمعونة اقتصادية لمصر، واستمرت مصر في الحصول على معونة تقدربـ 815 مليون دولار سنويا حتى عام 1998م تم بعد ذلك تخفيضها بنسبة 5% سنويا حتى وصلت عام 2008 إلى 415 مليون دولار ولكن إدارة بوش خفضت المعونة 50% في عام 2009م لتصل إلى 200 مليون دولار فقط واليوم تأتي الزيارة "التاريخية" من أجل رجاء واستعطاف قلب أوباما الطيب الكريم ومن قدم شئ بيداه عند المولى وجده وتلقاه لتعود المعونة إلى سابق عهدها 415 مليون دولار مع استمرار تخفيضها سنويا بنسبة ال 5%.كما تتطرق الزيارة إلى اتفاقية الكويز الموقعة عام 2004م وتقضي بأن المنتجات المصرية التي يتم انتاجها بداخل مناطق معينة في مصر هي القاهرة الكبرى والإسكندرية وبورسعيد والمنيا وبني سويف لها حق الدخول الحر إلى السوق الأمريكية بدون جمارك بشرط أن تتضمن السلعة في مكوناتها على 10.5% مكون إسرائيلي مما يشجع على التطبيع التجاري ونفع واستنفع مع الصهاينة! ، وما سيطالب به مبارك في هذه الزيارة هو زيادة المناطق التي تشملها الاتفاقية حتى تصل إلى أسوان ليصبح صعيد مصر كله غارقا في التطبيع وأهو رزق وجاي!!من هذه الزيارة والملفات المطروحة على طاولتها "أو من تحتها" يظهر جليا ما هو دور مصر الحقيقي في ظل حكم مبارك الذي تتغنى به الصحف الحكومية والإعلام الرسمي وهو "خدمة" المصالح الأمريكية والإسرائيلية مقابل المعونات الاقتصادية واتفاقيات التجارة، والمقابل الأهم هو بقاء مبارك في الحكم من الأساس، أما ما يثير تعجبي أن توصف الزيارة بالتاريخية بينما هي لقاء طبيعي جدا بين السيد والخادم!!

الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

الأزمة المائية النيلية!


الأزمة المائية النيلية

"مصر هبة النيل" .. الله يرحمك يا هيرودت .. تلك العبارة التي لخص فيها المؤرخ العبقري هيرودت سر عظمة مصر على مر العصور بأن وصفها بـ"هبة النيل" تؤكد مدى الارتباط الوثيق بين وجود مصر والنهر "الخالد" .. ذلك النهر الذي تنبه أجدادنا الفراعين إلى أهميته القصوى في حياتهم فألهوه تحت إسم الإله "حابي" وقدسوه باعتباره رمزا للخير والعطاء. ولو عاش هيرودت بيننا اليوم لكان قد أصيب بأحد الأمراض الملازمة بالضرورة للمصريين كارتفاع الضغط أو مرض السكر أو فقعة المرارة لما يحدث لنا من مصائب لا يتحملها بشر بينما نظامنا الحاكم القابع على كرسيه – ورقابنا – منذ أكثر من ربع قرن نسى أن خارج قصوره شعبا كان يموت جوعا والآن على أعتاب أن يموت من العطش!!


يقدر نصيب مصر من المياه بـ 63.6 مليار متر مكعب يمثل نهر النيل 95% منها أي 60.42 مليار متر مكعب بالإضافة لـ 1.3 مليار متر مكعب من الأمطار و 1.4 مليار من المياه الجوفية و5.4 مليار متر مكعب من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي وهذه الأرقام "الرسمية" التي ذكرها وزير الري الحالي محمد نصر الدين علام .. بينما تؤكد مصادر أخرى مستقلة أن نصيب مصر من ماء النيل الآن يقدر بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويا فقط .. لسنا بصدد فض "الخناقة" بين الرقمين ولكن بصدد أن هذا النصيب – أيا كان الرقم – أصبح مهددا بالفعل نتيجة للسدود التي بدأت دول المنبع في بنائها وستؤدي بالطبع لحرمان مصر من جزء كبير من مياه النيل التي تصل إليها ويـُلحظ بقليل من التمحيص أيدي إسرائيلية تعبث في منابع النيل ولعل ما نشر في هاآرتس الإسرائيلية عن زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان المرتقبة لكلام من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وهم دول المنبع للنيل تشير بوضوح إلى تلك الأيدي الخبيثة التي كما تهدد أمننا القومي من الحدود الشرقية تهدد أمننا المائي من الجنوب، ونحن هنا نشيد بحكمة الرئيس وعبقريته وذكاؤه ووسع أفقه و"عيونه الجريئة" وأن كل رؤساء العالم يستشيرونه في كل كبيرة وصغيرة من أول أوباما حتى رئيس جزر الموز – التي لا أعرف مكانها - !!


وحصة مصر من مياه النيل تضمنها اتفاقية عام 1929م التي تعطي لمصر حق النقض "الفيتو" للإعتراض على أي سدود أو مشروعات للري بكل وادي النيل .. واتفاقية عام 1959م بين مصر والسودان والتي تضمن لمصر نصيبها القادم عبر الأراضي السودانية، وعندما قررت مصر بناء السد العالي بدعم من الاتحاد السوفيتي أنذاك قامت أمريكا بدراسة إنشاء عدة سدود على النيل الأزرق وهي كاربودا – بوردو – مابيل – مترايا، وحين تغيرت الأوضاع وانضمت مصر للتحالف مع أمريكا في السابعينات وأصبحت إثيوبيا حليفة للاتحاد السوفيتي الذي قام بتوصيل رسالة إلى مصر تلوح بإمكان السوفيت أن يتعاونوا مع إثيوبيا لبناء سد على النيل الأزرق ورد الرئيس السادات وقتها أن مصر ستقوم بقصف هذا السد إذا ثبت أنه "يمكن" أن يهدد أمن مصر المائي!!والحقيقة أن هذا السد أصبح واقعا ملموسا ويبدو أن نظامنا العبقري كان مشغولا بحكمته العميقة ولم يلحظ أن إثيوبيا بنت بالفعل في فبراير الماضي سدا "يخزق العين" اسمه سد تيكيزي يبلغ ارتفاعه 188 مترا تكلفته 365مليون دولار ويضيف 300 ميجاوات من الكهرباء إلى شبكة إثيوبيا ونحن هنا لم نحرك ساكنا!!ويبدو أن إثيوبيا وجدت الحكاية لعبة حلوة ووجدت مصر دولة لقطة فباتت تدرس بجدية إنشاء عدد آخر من السدود قد تصل إلى 20 لتتمكن من زيادة إنتاج الكهرباء حتى تبيعها لدول الجوار وأهو رزق وجايلها والمصريين طيبين يشربوا ساعتها مياه الصرف الصحي طالما أن السادة الوزراء والكبراء والرؤساء – عفوا هو رئيس واحد – يمكنهم شرب مياه معدنية مستوردة!!


ومازاد الطين بلة أن إقليم جنوب السودان الذي لديه الكثير من المشاكل مع حكومة السودان لديه النية للإنفصال عام 2011م وهو ما يهدد باقي نصيب مصر من المياه الذي سيتضاءل بالقطع نتيجة للسدود الأثيوبية، وبعد أن كان نصيب الفرد من المياه عام 1959م يقدر بنحو 1893 مترا مكعبا وصل عام 1996م إلى 936 مترا مكعبا ليصبح الآن بالصلاة على النبي 740 مترا مكعبا وتوقع وزير الري الحالي أن يصل عام 2025م إلى 582 مترا مكعبا أي نصف حد الفقر المائي المقرر بالألف متر مكعب سنويا دون أن يخبرنا الوزير عن الحل ماذا ستفعل يا عم الحاج أنت؟! لا حياة لمن تنادي!!


وكم تؤلمني الصورة التي تطالعنا في كل الجرائد المصرية هذه الأيام لأهالي قرية البرادعة المساكين الذي جعلهم حظهم العثر يحملون في بطاقاتهم الجنسية المصرية حيث أدى اختلاط مياه الشرب هناك بمياه الصرف الصحي إلى إصابة 400 فردا من أبناء القرية بالتيفود وأصبح المواطنين في الكثير من قرى مصر لا يجدون مياه شرب نظيفة إلا من خلال حمل جراكنهم والتدافع بالطوابير أمام عربات وحنفيات المياه النظيفة – التي أشك في نظافتها أيضا – ويبدو أن قدر أبناء هذا الوطن هو الطوابير فمن طوابير الدجاج واللحوم أمام الجمعيات في السابعينات إلى طوابير الخبز في الأعوام الأخيرة .. وأرى المستقبل "الباهر" لأبناء وطني في ظل حكم مبارك والحزب الوطني وهم يحملون جراكنهم وحللهم وأوانيهم ويقفون في طوابير من أجل الحصول على شربة ماء .. فعلا بلدنا بتتقدم بينا .. ربنا يستر!!

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

عبد الحليم قنديل يشهر "الكارت الأحمر" لنظام الفساد والاستبداد!


عبد الحليم قنديل يشهر "الكارت الأحمر" لنظام الفساد والاستبداد!



قراءة في كتاب كارت أحمر للرئيس :


من هو الكاتب:

عبد الحليم قنديل ولد بقرية الطويلة محافظة المنصورة وتخرج من كلية الطب جامعة المنصورة، وعمل بمستشفيات وزارة الصحة بالدقهلية والقاهرة ثم ترك الطب عام 1985م وعمل بالصحافة .. أنشأ مجلة "الغد العربي" وترأس تحرير صحف "العربي" ، " الكرامة" ، "صوت الأمة" .. خاض معارك قوية ضد نظام مبارك تعرض بسببها لملاحقات أمنية وصلت لحد الاختطاف والترويع والإقالة من الجرائد التي يترأس تحريرها ومنع مقالات له من المطبعة نتيجة لضغوط أمنية .. وعلى المستوى السياسي يعد من أصلب المعارضين لنظام مبارك وأحد أهم مؤسسي حركة كفاية التي يشغل الآن منصب منسقها العام وصاحب الدعوة لإتلاف المصريين من أجل التغيير وأحد أهم مؤسسيه وصاحب صياغة بيانه التأسيسي الذي وقع عليه الكثير من الشخصيات العامة والمناضلين السياسيين والكثير من الفئات العمالية والشبابية والقيادات النقابية.


والكتاب:

هو مجموعة من المقالات "الحمراء" التي تؤرخ بدقة لحال مصر الآن في ظل حكم الفساد والإستبداد الذي يترأسه مبارك والجاثم على أنفاسنا منذ أكثر من ربع قرن، كما يتضمن الكتاب المقالات الثالثة التي منعتها جهات أمنية في اللحظات الأخيرة قبل طبع جريدة صوت الأمة بل وتسببت تلك المقالات في إقالة كاتبها من رئاسة تحرير الجريدة إثر ضغوط أمنية شديدة!

لماذا الكارت الأحمر؟!

مقالات الكتاب تجيبنا على هذا السؤال، فالكتاب يوضح كيف أن مبارك وصل إلى الحكم بمنطق الصدفة ولا شرعية له بمعاني التاريخ، وأنه كان أقصى أمانيه - أي مبارك - أن يكون سفيرا أو رئيس لشركة فإذا به يفاجئ بتعينه نائبا لرئيس الجمهورية عام 1975 ليجلس على مقعد الحكم إثر النهاية الدرامية للسادات بالاغتيال على منصة العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981م، ليحول مبارك مصر كلها إلى شركة خاصة ثم تحولت إلى عائلة! .. أي انتهى الحال بمصر الكبيرة لعائلة صغيرة!! .. الكارت الأحمر أمر طبيعي لنظام أقصى إنجازاته التاريخية هو أن جعل المصريين يكرهون مصر ويهربون منها، فعهد مبارك يمثل مرحلة انحطاط تاريخي تعد الأسوء في تاريخ مصر، تلك المرحلة التي ازداد فيها فقر وبؤس المصريين وتحول الشعب المصري إلى شعب مريض بكل أمراض الدنيا فالشعب المصري تتم عليه عملية إبادة بيولوجية بالأغذية المسرطنة والمياه الملوثة حيث تتصدر مصر الإحصائيات العالمية في أمراض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي فيرس C وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطانات المختلفة بصورة رهيبة.
وعلى المستوى السياسي يغتصب مبارك ونظامه السلطة دون أي شرعية شعبية أو قواعد اجتماعية انتهت بالنظام في وضع الرأس المعلق، وبلا حتى شرعية دستورية ويتضح ذلك من حكم المحكمة الدستورية - التاريخي - في عام 2000م بعدم شرعية كل انتخاب أو استفتاء جرى أو يجري بغير الإشراف القضائي الكامل، ولم يحدث أن جرى استفتاء في زمن مبارك كله بالإشراف القضائي الكامل - قاضي لكل صندوق انتخابي- واستفتاءات مبارك 1981م ، 1987م ، 1993م وحتى (انتخابات) 2005 جرت جميعا بلا إشراف قضائي كامل!!

ويوضح الكتاب أن نظام مبارك تجاوز منذ زمن مرحلة الخطأ السياسي إلى الخطيئة الفادحة وجرى في عهده تجريف الاصول الإنتاجية وشفط ونهب الثروة الوطنية بصورة غير مسبوقة، وجرت عملية إفقار منظمة لكل فئات الشعب المصري المكلوم .. بينما يقف النظام قلبا وقالبا مع المفسدين والفاسدين والمحتكرين بل والقاتلين أمثال أحمد عز وممدوح إسماعيل الذي تسبب فساده بإغراق أكثر من الألف مصري بينما سهلت الدولة خروجه سالما ليقبع في لندن ينعم بملياراته التي هي من لحم ودم الشعب المصري.
ولأن النظام المصري ومبارك كما يرى الكتاب ينتهجان سياسة "إسرائيل أولا"، وتحولوا إلى "الذين جلبوا العار لمصر" فما كان منهم إلا أن وقفوا في خانة العدو الصهيوني ضد أهلنا في قطاع غزة ونفذوا التعليمات الإسرائيلية والأمريكية "بحذافيرها" بشأن إغلاق معبر رفح في وجه أبناء غزة البواسل.
ولأن البلاد دخلت في عصر انحطاط تاريخي عام بل أشبه بالخروج الكلي من التاريخ فبعد أن كانت مصر - حتى عام 1973م - رأسا برأس مع كوريا الجنوبية في معدلات التنمية والتقدم والاختراق التكنولوجي وانتهت مصر في عهد مبارك إلى الثقب الأسود وصارت في مكانة بوركينا فاسو وفي معدلات آدائها على مؤشر الفساد الدولي!!
ويشير الكتاب أن صرخة كفاية الأولى "لا للتمديد .. لا للتوريث" قد لاقت صداها في الاحتجاجات التي انتشرت في البلاد لتتحول إلى رياضة يومية في أماكن مختلفة تتوجت بتلاقي موجة الغضب السياسي بموجة الغضب الاحتجاجي وبمساعدة شبابية واعدة من شباب الفيس بوك لتتحول إلى انتفاضة شعبية في 6 ابريل 2008م وتعلن بقوة عن "احتضار النظام" وتحلله.

الطريق:

لم يتركنا الكاتب نضرب أسداسا في أخماسا ونتحول إلى البكاء والصراخ بل رسم طريقا واضحا لانتشال البلاد من أزمتها السحيقة.
والطريق كما يوضحه الكتاب هو الطريق الوحيد للتغيير عن طريق العصيان المدني والاعتصام بالمقاومة السلمية ، ويرى الكاتب أن دخول الانتخابات - تشريعية أو رئاسية - هو نوع من العبث خاصة بعد تعديلات الانقلاب على الدستور في 2007 وإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات الأمر الذي حولها لمجرد تعيينات إدارية واتضح ذلك جليا في مهزلة مجلس الشورى والمحليات من بعدها ، ويؤكد الكتاب على ضرورة الالتفاف حول ائتلاف المصريين من أجل التغيير الذي في وثيقة بيانه التأسيسي الموقع عليها أكثر من 250 شخصية عامة : "إنه لا حل لأزمة مصر بغير التغيير السلمي للنظام القائم والتحول إلى حكم الشعب عبر فترة انتقالية لمدة سنتين تدير البلاد خلالها رئاسة محايدة وحكومة ائتلاف وطني تستعيد هيبة مصر ومكانتها ودورها القيادي عربيا وتسترد استقلالنا وإرادتنا الوطنية، وتقيم الديمقراطية وحكم القانون والتوزيع العادل للثروة، بإنهاء حالة وقانون الطوارئ وإيقاف العمل بتعديلات الانقلاب على الدستور وتصفية تركة الاعتقال السياسي والمحاكمات العسكرية والاستثنائية وإطلاق حريات الصحافة وتكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات وهيئات التدريس واتحادات الطلاب والفلاحين".
وينتهى الكتاب بنص وثيقة البيان التأسيسي للإتلاف التغيير وقائمة الموقعين عليه - التي أشرف بوجودي بها - ، هاهو الكارت الاحمر الذي رفعه الكاتب الشجاع عبد الحليم قنديل في وجه مبارك كتاب عزيزي القارئ يستحق القراءة والتأمل والتعلم.

-------------------------
إشارة :
حفل توقيع ومناقشة الكتاب يوم الأحد 16 أغسطس الساعة السابعة مساءا بنقابة الصحفيين الدور الرابع وجودك مهم بطبيعة الحال.