هوامش على دفتر الثورة
أكتب هذا المقال في عهد جديد، أكتب اليوم وقد أشرقت الشمس التي بشرت بها، وظن البعض أن أمثالي من الحالمين بالثورة يعيشون خيالا واسعا وأضغاث أحلام!، أعود لقلمي وأوراقي بعد توقف شهر كامل عن كتابة المقال .. هو الشهر الفاصل بين الحق والباطل، بين النور والظلام، بين الأمل واليأس، بين الثورة وطغيان حسني مبارك!
بدأ التوقف بسبب اعتقالي مع الكثير من خيرة شباب مصر الثوار صباح ٢٦ يناير، بعد أن قدر الله سلامتنا في اليوم الأول للثورة ٢٥ يناير، لنبقى محتجزين في معسكر للأمن المركزي، مفترشين البلاط والبرد يعصر أجسادنا المتلاحمة، تدفئنا حرارة قلوبنا الثائرة، ونبضاتها الخافقة بحب الوطن، ثم كان يوم الإفراج عنا مساء الجمعة ٢٨ يناير، بعد انتصار الثوار على سفاحي شرطة النظام البائد في معركة جمعة الشهداء ٢٨ يناير، وتوجهت بعد الإفراج عني فورا إلى ميدان التحرير، غير عابئ بالإرهاق وعدم النوم ولا حتى لهفة أهلي لمعرفة مكاني، لأجد نفسي منذ ليلة السبت ٢٩ يناير أهتف مع أصدقائي المفرج عنهم، محاولين تجميع صفوف الثوار بعد ما جرى يوم الجمعة، مرددين هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام"!
لست بصدد الحديث عن تجربتي الشخصية في ثورة ٢٥ يناير المجيدة، فذلك الحديث يحتاج إلى صفحات وصفحات، وقد بدأت في كتابة تلك الملاحظات والمشاهدات في كتاب أدعو الله أن يوفقني في إكماله ليكون شاهدا أمينا على تلك الأحداث، لكنني مهتم الآن في هذا المقال بأمور أراها أهم من رواية ما جرى!
إن دماء الشهداء الطاهرة، وثورتنا الشعبية المجيدة لم تكن في مشكلة شخصية مع الرئيس المخلوع حسني مبارك في ذاته، وإنما هتفت الجماهير المصرية الثائرة الشعب يريد إسقاط النظام، نعم تحقق الهدف الأهم من الثورة بإسقاط رأس النظام، لكن بقى حتى الآن فلول له، وثعابين خبيثة من أنصاره تنهب ثروات هذا البلد، تحكم بينما قامت الثورة كي تحاكمهم!، إن ثورتنا المجيدة لازالت مستمرة، ولم تحقق بعد كل أهدافها التي لابد وأن تكون حزمة واحدة لا تتجزأ أبدا، حتى نضمن انتقالا للسلطة من نظام بائد إلى الشعب الذي هو مصدر السلطات.
يعرف الجميع أنني في عهد النظام البائد، في عهد القهر والاستبداد والترويع، كنت أكتب ما يمليه عليا ضميري بلا حسابات، وبلا خوف، فمن الأحرى أن أقول ما أراه اليوم بلا خوف ونحن في عصر الثورة التي حلمنا بها طويلا.
في الحقيقة أنني - ككل الشعب المصري - أحمل في صدري احتراما وإجلالا للقوات المسلحة المصرية التي انحازت إلى إرادة الجماهير، ورفضت قيادات الجيش المصري الوطني التعرض للمتظاهرين، على الرغم من الأنباء التي ترددت أن الرئيس المخلوع كان يريد ذلك، وأجد كمواطن مصري أن أداء التحية العسكرية من المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى أرواح شهداء الثورة يحمل في طياته معاني عميقة تمس وجداني ووجدان كل مصري، لكني لدي ملاحظات على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أرجو ألا تفهم على سبيل المزايدة أو أي إساءة ولكن يمكن اعتبارها على سبيل التعاون مع المجلس في إبداء الرأي من أجل وطننا الحبيب مصر.
من المعلوم أن الثورة تعني الانتقال من شرعية إلى شرعية، ومن نظام إلى نظام، وهذا يعني أن الدستور السابق قد سقط مع سقوط مبارك ويجب وضع دستور جديد لا أن تجرى تعديلات على الدستور القديم، وهذا الأمر ليس بدعة - والعياذ بالله - فمن الطبيعي أن تأتي الثورة بدستورها الجديد المعبر عنها، فمثلا ثورة ١٩١٩ أتت بدستور 1923م ثم ثورة يوليو 1952م أتت بدستورها أيضا، كما أنه موضوعيا الدستور الحالي - المتوقف العمل به - هو دستور النظام البائد، رسخ الاستبداد والفساد، عبر إعطائه صلاحيات لا نهائية لرئيس الجمهورية خلقت منه إله، ولم يراعي أي فصل بين السلطات، وبعد أن تم تعديل ذلك الدستور - أو تزويره - في مهزلتي ٢٠٠٥ و ٢٠٠٧ تحول إلى ثوب مهلهل لا يصلح فيه ترقيع أو تعديل، والحل الوحيد هو جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، يضمن الحريات السياسية والنقابية ويحدد فترة الرئاسة بمدتين، ويقلل من صلاحيات رئيس الجمهورية، ويراعي الفصل بين السلطات، ويضمن حرية الإعلام، وحرية تشكيل الأحزاب والتظاهر والإضراب والاعتصام.
أيضا من أهم الملاحظات الواجب وضعها أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة هي الرفض المطلق لبقاء حكومة أحمد شفيق، فهذه الحكومة يجب أن تحاكم لا أن تحكم!، هذه الحكومة التي عينها الرئيس المخلوع، وهي الحكومة التي حدثت في عهدها مهزلة أربعاء الجمال والبغال، حين هاجمنا بلطجية النظام راكبين جمالا وخيولا وبغالا حاملين السيوف والسنج والطوب، لا أدري كيف نقبل أن يكون رئيس وزرائنا أحمد شفيق؟! والرجل قال بلسانه أنه لم يكن يعرف بما جرى في أربعاء البغال والجمال!، على الرغم من ضبط الكثير من هؤلاء بهويات شرطة سرية!، فإما الرجل كان يعلم ويكذب!، أو لا يعلم ويتصرف وزير داخليته بمفرده، مما يجعله رئيس وزراء غير أهل لمسؤوليته!!، في كل الأحوال لا يصح أن يكون رئيس وزراء مصر كذاب أو غير أهل لتحمل مسؤولياته، لا أستطيع أن أقبل أن يكون اللواء محمود وجدي وزيرا للداخلية وهو الرجل الذي اتخذ أول قرار له بعودة شعار الشرطة في خدمة الشعب، وثاني قرار كان إطلاق النار على المتظاهرين في الوادي الجديد فتلطخت يديه بدماء ١٢ شهيدا جديدا!، هو الآن والعادلي سواء فمن قتل ١٢ كمن قتل ٣١٠، الروح المصرية غالية، ولن نفرط في دماء أخواننا الشهداء مهما حدث، لذلك يجب فورا إقالة تلك الحكومة ويتم تشكيل حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال من التكنوقراط.
كما أن هناك أمورا عاجلة لا تحتاج أكثر من قرار يجب أن تتحقق فورا وهي:
- وقف العمل بقانون الطوارئ والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين.
- حل جهاز أمن الدولة وإلغاء محاكم أمن الدولة ومحاكمة قيادات ذلك الجهاز.
- حل الحزب الوطني ومحاكمة قياداته.
- تشكيل مجلس حكم انتقالي مدني، مكون من أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس الدولة، ورئيس محكمة استئناف القاهرة، ورئيس أركان الجيش، يدير هذا المجلس أمور البلاد حتى الانتهاء من الدستور الجديد، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في مدة لا تتجاوز الستة أشهر.
ولا يزال هناك هوامش على دفتر الثورة، نكملها في المقال القادم،،
والله المستعان.
ملحوظة هامة: هل تنشر جريدة مصرية ورقية هذا المقال ونحن في عهد جديد للحرية؟!
هناك تعليقان (2):
ثقافة الهزيمة .. أنها حقا عائلة محترمة
فى 6 فبراير 2011 نشرت شبكة الأخبار الأمريكية
CNN
كشفت صحيفة الجارديان البريطانية نقلا عن محللين مختصين بشؤون الشرق الأوسط قولهم أن ثروة الرئيس المصري حسني مبارك بلغت نحو 70 مليار دولار، جزء كبير منها موجود في بنوك سويسرية وبريطانية، أو على شكل عقارات في لندن ونيويورك ولوس أنجلوس، أضافة إلى ممتلكات خاصة على طول شاطئ البحر الأحمر، وقال تقرير أن المصدر الرئيسي لهذه الثروة هو أطلاع الرئيس على صفقات أستثمارية حققت مئات الملايين من الدولارات لمصر، ولهذا تم نقلها إلى حسابات سرية في بنوك أجنبية، أو أستثمارها في البورصات العالمية والعقارات، وأكد التقرير أن علاء وجمال مبارك هم إيضا من أصحاب المليارات، ونقلت الصحيفة عن أماني جمال، أستاذة العلوم السياسية في جامعة برينستون، قولها أن ثروة العائلة تتراوح ما بين 40 و70مليار دولار، وهي أرقام تقارب ثروات بعض من زعماء دول الخليج، الغنية بالنفط...
باقى المقال ضمن مقالات ثقافة الهزيمة بالرابط التالى
www.ouregypt.us
أولا انا على يقين أن حكومة أحمد شفيق سوف ترحل قريبا لكن ما يحزنني أن كل يوم يمر علينا مع هذه الحكومة هو فرصة للفاسدين وناهبي ثروات الدولة لاخفاء ادلة ادانتهم مثلا زكريا عزمي بذل كل جهده مشكورا لفرم المستندات والأوراق الموجودة بالقصر الرئاسي. هذا بخلاف الحرائق المقصودة في وزارة الداخلية ومجمع المصالح واخرها في الجهاز المركزي للمحاسبات والتهديد المتكرر لرئيس الجهاز لعدم ارسال التقارير للنائب العام. للأسف كنت اتوقع من المجلس العسكري حل هذه الوزارة مباشرة ولكن أعتقادي أن طنطاوي هو المسئول عن سياسة التقطير التي تدل على أنه لازال يضع في اعتباره أولويات اخرى بخلاف مطالب الشعب.
إرسال تعليق