تحية إلى مفجر خط الغاز!
أخذت عهدا على نفسي، منذ أن أمسكت قلمي لكتابة مقال أسبوعي، أن أقول ما أعتقد، بغض النظر من معي ومن ضدي، وبغض النظر ما إذا كان كلامي صادما أو حادا، وقاطعت كل الحسابات والتوازنات السياسية المعتادة، فاعتبرت الكلمة أمانة، وطلقة حبر على الورق، في وجه كل فاسد، وخائن، وعميل، دستوري في ذلك مقولتين لاثنين من أكثر ما أحببت، الإمام علي -كرم الله وجهه- حين قال: "الحق يكون ثم يتبعه من يكون"، والزعيم الخالد جمال عبد الناصر حين قال: "الخائفون لا يصنعون الحرية، والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء".
ومن هذا المنطلق، لا أجد حرجا في تحية ذلك (البطل)، الذي قام بتفجير خط الغاز للأعداء، فتصدير الغاز لإسرائيل جريمة سياسية، وعار أخلاقي، ومبارك كنز إٍسرائيل الاستراتيجي، على حد وصف بنيامين بن آلي عاذر، قد غادر الحكم غير مأسوف عليه، فلا يصح لمصر بعد ثورتها العظيمة، وصحوتها الوطنية، أن تبقى كنزا لأحد، إلا للشعب المصري، وللشعب العربي، هذا هو قدر مصر، ودورها الراسخ في صلب التاريخ، وهنا يجب تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، فتصدير الغاز للأعداء هو الجريمة بعينها، وتفجير ذلك الخط اللعين هو عنوان البطولة، ودليل الرجولة، سيقول نفر .من المنافقين. هذا عمل تخريبي، ونقول أن تصدير الغاز للأعداء هو التخريب بعينه، وهو الاعوجاج عن خط الثورة الوطني، وتفجير الخط لإيقاف الغاز، هو تصحيح الاعوجاج، وليس تخريبا.
لا شك أن الكثير من أبناء الثورة "الأصليين"، الذين حملوا رؤوسهم على أيديهم، في أيام الشدة 25 يناير، و28 يناير، وتعرضوا لقنابل الغاز، والرصاص المطاطي، والرصاص الحي، وواجهوا القناصة، والبلطجية، والجمال، والخيول والحمير، وتحدوا الموت في كل لحظة، يشعرون بالقلق، والمرارة، فهناك انقلابا حادا، على خط الثورة، حيث تم إطلاق سراح الضباط المتهمين بقتل الثوار في السويس، وتبرئة رموز الفساد المغربي، والفقي، وغالي في إحدى قضايا الفساد الشهيرة، عرفت بقضية بالم هيلز، وبدا ذلك الخط هو المنهج القادم في التعامل مع قضايا أركان نظام الفساد، وقبلها رغم القبض على جاسوس إسرائيلي، عمل - على حد وصف المجلس العسكري- على الإيقاع بين الشعب والجيش، ونشر الفتنة والفوضى، إلا أن الغاز المصري، ورغم الرفض الشعبي، استمر في التدفق إلى إسرائيل!، وتوالت علينا بالونات الاختبار، بحيدث فارغ من المضمون، والذكاء السياسي، وحتى اللياقة والأدب، عن العفو عن المخلوع، بخبر تم تسريبه عمدا إلى جريدة الشروق، ثم تم نفيه حين اتضح حجم الرفض الشعبي، ولكن بقى المخلوع في شرم الشيخ معززا مكرما، وكأنه ليس قاتلا للشهداء، وعميلا للأعداء، وتوالت مظاهر الانقلاب على خط الثورة، من قرارات للمجلس العسكري تارة، ولحكومة شرف تارة، فحين قدم يحي الجمل استقالته، يعيده المشير طنطاوي، على الرغم أن يحي الجمل هو الوحيد تقريبا الذي أجمعت القوى الوطنية على رفض إدائه السيئ، ولجانه الوفاقية والحوارية ذات النزعة "الفلولية" لنظام المخلوع، وموازنة الثورة التي أعدها سمير رضوان وزير المالية، خريج مدرسة جمال مبارك، في لجنة السياسات، والعضو المعين من قبل المخلوع في برلمان التزوير الأخير، تلك الموازنة تنحاز بشكل واضح إلى رجال الأعمال على حساب عامة الشعب، بعد إلغاء الضرائب على الأرباح الرأسمالية، استجابة لضغوط كبار المستثمرين، بينما ألغت الموازنة الزيادة المقررة للمعاشات!، ونبيل العربي الثوري الوحيد تقريبا في حكومة الثورة، جرى نفيه في دهاليز الجامعة العربية، الميتة إكلينيكيا منذ زمن، وتم استبداله في عملية نصب وخفة يد، بمحمد العرابي السفير الذي أشاد ومدح المخلوع مدحا لا يضاهيه شعراء الخلفاء والسلاطين!، وله في مدح جمال مبارك كذلك آيات وعبر للسائلين!
وبدا المصريون في حالة قلق عام، فالثورة لم تحقق لهم أكثر من تغيير شكلي، كاسم محطة مترو الشهداء بدل مبارك، وإلغاء التوقيت الصيفي، تغير الأشخاص وبقت نفس الاختيارات السياسية والاقتصادية، فطوابير الخبز كما هي، والمعاناة والبؤس كما هو، ومبارك في المنتجع بشرم الشيخ كما هو!، حتى قتلة الشهداء في السويس تم الإفراج عنهم، وتبرئة أنس الفقي، وأحمد المغربي، ويوسف بطرس غالي، وهنا إذ نعتبر أن تفجير خط الغاز للأعداء بطولة، كذلك نعتبر أنه إن تم تبرئة قتلة الشهداء، أو الإعفاء عنهم، فإن قتلهم سيكون أيضا بطولة، ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب.
وأخيرا .. لذلك لا حل أفضل من استمرار الثورة في الميدان، بسلميتها وحضارتها الزاهية، وقدرتها على التطهير والتعمير، فيا رفاقي الثوار الأصليين ألقاكم في الميدان، ولا أتحدث هنا إلى أولئك الذين رسموا الأعلام على الخدود، وتصوروا بجانب الدبابات، وتراقصوا على أغاني يا حبيبتي يا مصر بعد النصر، فحولوا الثورة إلى كرنفال، فهؤلاء كانوا في نزهة، وليسوا في ثورة، إني أنتظر الثوار الأصليين، الذين لديهم استعداد للموت في سبيل انقاذ الثورة، القاكم أحبائي الجمعة 8 يوليو القادم، في بيتنا الجميل .. ميدان التحرير، والله المستعان.
هناك تعليق واحد:
السلام عليكم تحية عسكرية للمصرى الحر السائر على درب الأحرار والذى بتخذ من القضية الفلسطينة بوصلته للوقوف على الحقيقة المجردة ....
إرسال تعليق