عن المصادر المخفية أتحدث
بدأت أشعر أن أكبر خطر على الثورة هو مصدر عسكري أو قضائي أو مطلع رفض ذكر اسمه!، عبارة تقرأها في جرائد مختلفة، تشعرك دائما بعدم الارتياح، فعادة هذا المصدر "المخفي" الرافض لذكر اسمه، يصرح بكل ما يكرهه الثوار، ويرفضه الأحرار، فهل نحن أمام صدفة –مجرد صدفة- كثيفة التكرار، أم هناك ما يجري في الظلام، وتسويات من تحت الطاولة!
بدأ اهتمامي، الذي تحول إلى علاقة وطيدة ومؤرقة بذلك المصدر المخفي الرافض لذكر اسمه، بخبر نشر في جريدة الشروق بتاريخ 17 مايو تحت عنوان عريض في صدر الصفحة الأولى "مبارك يطلب العفو"، كان المصدر ثقيل الظل، يتحدث عن خطاب يجري إعداده، يعتذر فيه المخلوع، ولتجف الأقلام وتطوى الصحف، الخبر كما يعلم الجميع جس نبض، وكان الرد من الثوار بجمعة 27 مايو، التي قاطعها الإخوان ووصفوها بجمعة الوقيعة، وحين عاد الثوار إلى مكانهم الطبيعي، واعتصموا منذ 8 يوليو بميدان التحرير بالقاهرة، وكافة الميادين في عواصم المحافظات، برز المطلب الساطع، والهدف القاطع، وهو القبض على المخلوع من المنتجع السياحي بشرم الشيخ، ومحاكمته على الهواء مباشرة، ثم اتخذ القرار بعلنية المحاكمات، إلا أن المصدر المخفي لم يشأ أن نسعد بهذا الانتصار، فإذا به يطل علينا، بتصريحاته الكريهة، في جريدة الشروق بتاريخ 17 يوليو وبعنوان في صدر الصفحة الأولى "آخر كلام محاكمة مبارك في شرم الشيخ"، ثم تحدث المصدر المخفي عن استحالة أمنية لإجراء المحاكمة بالقاهرة، مضيفا أن علنية المحاكمة أمر لم يحسم حتى الآن!، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، فالاستحالة الأمنية كلام فارغ، وساذج، ويستهين بعقول الناس، فهل الجيش والشرطة والمخابرات كلهم عاجزين عن تأمين المحاكمة في القاهرة!!، ثم القول بأن علانية المحاكمة لم يحسم يحتوي على قلة أدب، وسماجة غير عادية، فقرار مجلس القضاء الأعلى بعلنية المحاكمات واضح، ومطالب الثوار واضحة، ولا أحد – حتى لو كان مصدرا مخفيا- له شرعية إلا شرعية الثورة، وعدم الالتزام بطموحات وأهداف الثوار، هو انقلاب على الثورة، سيحاسب عليه كل من يرتكبه أيا ما كان، ثم عاد المصدر المخفي هذه المرة بصفة عسكرية، حيث صرح مصدر عسكري رفض ذكر اسمه – كالعادة – لجريدة الشروق يوم 20 يوليو تحت عنوان "جنازة عسكرية لمبارك إذا توفى قبل إدانته"، وتحدث المصدر – الذي فقع مرارتنا جميعا – أن مبارك كان قائدا أعلى للقوات المسلحة، ومن "الطبيعي والمنطقي" أن يتم عمل جنازة عسكرية له!!، أي طبيعي وأي منطقي يا سيادة المصدر المخفي؟!، الطبيعي أن الجيش المصري بيت الوطنية المصرية، وأن مبارك قاتل للشهداء وعميل للأعداء، كيف يقيم الجيش الوطني المصري، جنازة عسكرية لقائد خائن، صدر الغاز للاعداء، وحاصر الأشقاء، ألم تعلم يا سيادة المصدر المخفي أن بنيامين بن آلي عاذر قال عن مبارك أنه كنز إسرائيل الاستراتيجي، القصة ببساطة، أننا نعتبر المحاكمة الجدية لمبارك هي الخط الفاصل بين الثورة والثورة المضادة، ومحاكمة مبارك يجب ألا تتم بالقانون العادي، فالثورة تسقط النظام القانوني نفسه، طبقا للقانون نحن – الثوار – ارتكبنا جريمة قلب نظام الحكم، فعليكم أن تحاكمونا وتفرجوا عن مبارك إذن!، محاكمة مبارك يجب أن تتم وفقا لمحكمة خاصة، وقانون خاص عن الفساد السياسي، والقتل، والخيانة العظمى.
المخفيون في هذا البلد يضيقون بالثوار في الميدان، ويطلقون كلاب الحراسة، والأبواق الإعلامية في حملات التشويه الممنهجة، تارة يصفونا بالبلطجية، وتارة نعطل المصالح، وغيره الكثير والكثير، نطالب بالقبض على مبارك ومحاكمته محاكمة ثورية، فيصدر البيان تلو البيان، يتحدثون في كل شئ إلا أصل ما نريد، ونحن نرد عليكم بصمودنا، فمن صمد أمام الرصاص الحي، وقنابل الغاز، والجمال والخيول والبغال، قد أدرك قيمة حياته، وعرف الموت، ومن يعرف الموت لا يخافه، طبيعة الإنسان يخاف مما يجهل، نبشركم أيها السادة أننا أصبحنا والحمد لله لا نخاف الموت، وماضون في ثورتنا، لن ترهبنا حملاتكم، وتحريضكم ضدنا، فالثورة الآن على منعطف خطر، والميدان يهتف "يا مشير خد قرارك .. إما الشعب وإما مبارك" .. والله المستعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق