الثلاثاء، 17 مايو 2011

إلى المجلس العسكري .. الثورة مستمرة!


إلى المجلس العسكري .. الثورة مستمرة!

قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وتبين الخيط الأبيض من الأسود، فهذه ثورة، شاء من شاء، وأبى من أبى، ولا أحد - مها كان - له شرعية في هذا البلد إلا شرعية الثورة، فالشعب هو المعلم، وهو الثائر، والخالد أبد الآبدين، وهو من يعطي الشرعية لمن يشاء، وينزعها ممن يشاء!

قام الشعب المصري العظيم، بثورته المجيدة، ودفع دم شهدائه الأبرار، لأنه أراد أن يشعر بالكرامة، بالعدالة، أراد نصيبه من الثروة القومية، التي نهبها النظام السابق، في عمليات تجريف واسعة على مدار ٣٠ سنة، شعب تسقط على رأسه صخور الدويقة، بينما يسكن سارقيه في قصور، امتصوها هم وأبناؤهم من دماء البلد، شعب يحرق في القطارات، ويغرق في العبارات، وقاتليه يتنقلون بطائراتهم الخاصة، من القاهرة إل شرم الشيخ، ومن شرم الشيخ إلى مارينا، شعب في تكوينه الجيني يكره إسرائيل، ويراها "العدو الاستراتيجي"، بينما كان حاكمه "كنزها الاستراتيجي"!، وحين انتصر الشعب، ولم تفلح هجمات بربر النظام البائد على ظهور جمالهم وبغالهم، واستبسل الثوار حتى الموت، ودافعوا عن الثورة، والكرامة، لأنه أخيرا، وفي ميدان التحرير، شعر المصري أنه إنسان، سيد مصيره، وتنحى المخلوع، غير مأسوف عليه، تنحى وفي يديه دماء ألف شهيد، وصرخات الأمهات المكلومة، تطلب العدل، تطلب القصاص، فأي أموال تلك التي تعوض أم عن ولدها؟!، وتأخر القصاص، يوما بعد يوم، أسبوعا بعد الآخر، وبدا للثوار أننا نسير في اتجاه ميدان مصطفى محمود، بدلا من ميدان التحرير، فكانت عظمة الشعب في جمعة انقاذ الثورة ١ إبريل - وبمقاطعة الإخوان - ، فالشعب أخيرا قد امتلك أمره، ولم يعد أحد يمنحه شيئا، هو من يمنح، وهو من يمنع، وكان التساؤل ممزوجا بالحيرة، والغضب مصحوبا بالمرارة، لماذا لم تحاكموا مبارك؟!، وهو القاتل، وهو السارق، وهو كنز الأعداء الإستراتيجي!، ولم يجب أحد، فكانت جمعة التطهير والمحاكمة ٨ إبريل، ثم الخطاب الهزلي للمخلوع، مفتتحا كلامه "بالإخوة والأخوات"، عفوا يا مبارك، نحن لا إخوة ولا أخوات، لقد قتلت إخوتنا وأخواتنا، وأخيرا جاء القرار، الحبس ١٥ يوما، ودخلنا في دوامة مستشفى شرم الشيخ الفخيم، أم مستشفى سجن المزرعة، المهم أن هناك قرارا بالحبس، ومسحت أم الشهيد دمعتها - مؤقتا - في انتظار حكم الإعدام، نعم الإعدام، فالقاتل يقتل ولو بعد حين، ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب، واقتربت لحظات الحسم، وزادت الضغوط على المجلس العسكري، فأعداء الثورة في الداخل والخارج - ومنهم حكاما عرب - يجدون محاكمة المخلوع وكبار عصابته، ستصبح عدوى لشعوب المنطقة، وفيضان لن يوقفه أحد، يهز عروشهم جميعا، ويهدد مصالح الأمريكيين والإسرائيليين، وحينما كنا قاب قوسين أو أدنى من العدالة، جرى التراجع والانقلاب، بعد أن كان قطار الوطن عدل من مساره إلى ميدان التحرير، فإذا بيد في كابينة القيادة تأخذه مرة أخرى إلى ميدان مصطفى محمود!

حين جاءت حكومة د. عصام شرف، استبشر بها الثوار ثم كان الأداء في الغالب مخيبا للآمال، ولم تحقق إنجازا ملحوظا في أهم مجالين، الأمن والاقتصاد، فالأمن حدث ولا حرج، مدير أمن القليوبية السابق أثناء الثورة، المتهم بقتل المتظاهرين، يتم تعينه مديرا لأمن الجيزة، ويصله بلاغا من شيخ سلفي "أبو يحي" بأحداث إمبابة قبل وقوعها، فلا يتحرك، وتشتعل الفتنة، لكن حين اقترب مجموعة من الثوار من سفارة العدو الإسرائيلي، كان اللواء فاروق لاشين مدير أمن الجيزة موجودا بنفسه، وانطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، وانهمر الرصاص المطاطي، وفورا تم اعتقال ١٨٦ شابا وتحويلهم للنيابة العسكرية!، أين هذه السرعة، وهذا الحسم، في أحداث شارع عبدالعزيز، وقسم الساحل، واعتداء البلطجية على متظاهري ماسبيرو، فرجال الأمن رحماء على البلطجية، أشداء على الثوار!، وفي الاقتصاد، هرول سمير رضوان وزير المالية إلى البنك الدولي، وإلى الأمريكان، دون أية نظرية اقتصادية للتنمية المستقلة والتصنيع، فالاقتصاد المصري في العهد البائد، كان قائما - في الأساس - على معونات السيد الأمريكي، وبعد الثورة، سمير رضوان يسير على نفس الخط لا يحيد عنه!، أما الثوري - الوحيد تقريبا - في حكومة الثورة، د. نبيل العربي وزير الخارجية، جرى نفيه في عملية درامية، بين دهاليز الجامعة العربية الميتة إكلينيكيا منذ زمن!

وأخيرا تخرج جريدة الشروق المصرية، صباح الثلاثاء ١٧ مايو، بعنوان في صدر صفحتها الأولى "مبارك يطلب العفو"، وأن هناك خطابا مسجلا، يجري إعداده، يعتذر فيه المخلوع، ويتنازل عن الأموال، وكان الله بالسر عليم، ولتجف الأقلام، وتطوى الصحف، ولم يعي هؤلاء أصحاب الخطاب المزعوم، أنه لا أحد - حتى المجلس العسكري- يملك ان يصدر عفوا عن المخلوع، فإذا عادت الأموال، فمن يعيد إلى الشهداء أرواحهم!، وفي رسالته رقم 54 عبر الفيس بوك نفى المجلس العسكري أن هناك عفوا عن مبارك، لكن لم يوضح لماذا مبارك في المستشفى الفخيم في شرم الشيخ، وليس في سجن مزرعة طرة، أو في مستشفى السجن كأي مسجون آخر، ولا مجال للحديث الفارغ عن عدم جاهزية المستشفى لحالة المخلوع، فإن كان هناك مسجونا وله نفس الحالة الطبية للمخلوع، هل ستسجنوه في شرم الشيخ؟!، وبسرعة خاطفة، استكمل سيناريو العودة إلى ميدان مصطفى محمود، فتم إخلاء سبيل فتحي سرور، ثم سوزان مبارك، وأخيرا زكريا عزمي، وقد تحمل الساعات القادمة أسماءا أخرى، وبدا الغضب المصري يعود إلى ذروته، فهذا الشعب لم يعد لأحد المقدرة على خداعه، ولا يملك أحد الانقلاب على شرعية الثورة، فالثورة هي الأقوى، والشعب هو القائد!

إلى المجلس العسكري، الثورة مستمرة، ولا تنازل أو تصالح مع نظام القتلة، ولا عودة لسياساته في التبعية السياسية والاقتصادية، فثورتنا كانت قطيعة وخطا فاصلا بين عهدين، إنا قد رأينا النور، ولا عودة - مهما حدث - إلى الظلام، ولو فقدنا أرواحنا، إنا عائدون إلى التحرير، حتى يحدث التغيير .. صبرا جميلا والله المستعان على ما يصفون!

الثلاثاء، 10 مايو 2011

كاميليا وعبير .. وأمريكا وإسرائيل!

كاميليا وعبير .. وأمريكا وإسرائيل!

ليست قصة عبير ذات الزوجين أحدهما مسلم والآخر مسيحي!. ولا قصة كاميليا ذات الدراما والحكايات، صورة بالحجاب، وفيديو يؤكد أنها مسيحية. عبير وكاميليا بقصصهما الشخصية والعاطفية ليستا إلا ذرائع، يظهر على سطح المشهد سلفيون، ويتوارى عن صورة الأحداث ما هم أخطر!

أي ثورة يأتي بعدها مرحلة عدم استقرار – وهذا مفهوم - ، فخلع نظام كبس على الأنفاس أكثر من 30 عاما ليس بالأمر الهين. خاصة إن كان في مصر ذات الدور والتأثير في محيطها الإقليمي. ولتحديد خطوط السير يجب تحديد من هم أعداء الثورة، أصحاب المصلحة في الانفلات الأمني والفتنة الطائفية، وشغلنا بقصص حب عبير، وصور كاميليا بدلا من الالتفات إلى مرحلة البناء؟!. والإجابة المعتادة عن أعداء الثورة ستأتي – تلقائيا – في كلمات "الثورة المضادة"، "فلول الحزب المنحل"، "فلول أمن الدولة المنحل أيضا"، وكل ما سبق صحيح، لكن مصر أكبر من أن يكون ما سبق فقط هم أعداء ثورة كبرى على أراضيها!. فمصر الناهضة ذات دور بالغ التأثير في توازنات المنطقة، وبالتأكيد مصالح أمريكا وإسرائيل لا تستقيم مع نهضة مصر. فحين استردت مصر أنفاسها، فورا أُنجزت المصالحة الفلسطينية المعلقة منذ سنوات. واستردت مصر دورها في إفريقيا، فتحركت الوفود إلى دول منابع النيل، لتفشل المخططات الإسرائيلية من أجل خنق مصر بالمياه من الجنوب. وفي خطوط المواجهة المباشرة، انتهى عصر كنز إسرائيل الاستراتيجي، تصدير الغاز لإسرائيل مهدد، معبر رفح سيكون مفتوحا بشكل دائم، السفارة الإسرائيلية – بعد أن كانت خطا أحمر – تحولت إلى ملطشة طلاب جامعة القاهرة، يتظاهرون أمامها يوميا مطالبين بطرد السفير الإسرائيلي وقطع العلاقات، وإلغاء كامب ديفيد. كما أن محاكمة مبارك أرست قواعدا جديدة في التعامل مع مستبدي المنطقة، ومع تصاعد المد الثوري في دول عربية عدة، لم تعد شعارات تنحي الرئيس أو رحيله فقط تخرج من حناجر الجماهير، بل امتد الأمر إلى شعارات المحاكمة، على خطى الثورة المصرية بالإلهام والتأثير. حدثت ثورة في تونس، فألهمت الثوار في مصر، فخرج من مصر أكبر زلزال ثوري في التاريخ هز عروش طغيان المنطقة، واندفع النور ليضئ ظلام عاشت فيه الجماهير العربية عقودا طويلة، فخفق القلب العربي من المغرب إلى المشرق، من تونس ومصر وليبيا إلى اليمن والبحرين وسوريا. فليس غريبا إذن أن من أكثر الضاغطين لعدم محاكمة مبارك – بجانب إسرائيل وأمريكا – كانوا آل سعود، وهم الذين احتضنوا المخلوع بن علي، وعرضوا استضافة مبارك أيضا!. وليس غريبا أن يُـرفع علمهم في قنا أثناء اشتعال أزمة المحافظ!. وكأنها رسالة مقصودة، مفادها لن تنعموا بثورتكم، ما دام في أراضينا نفط، يضخ الملايين على شيوخ كانوا يحرمون المظاهرات والخروج على الحاكم، واليوم يتعاملون مع الديمقراطية على طريقة غزوة الصناديق، والبلد بلدنا واللي مش عاجبه يروح أمريكا وكندا!. وخطورة هذا النموذج الثوري المصري – الفريد بامتياز – على مصالح أمريكا وإسرائيل وآل سعود المتحالفين معهم، ناتج من تحالف الشعب والجيش إيد واحدة. ولضرب وحصار الثورة المصرية وإظلام نورها الباهر، وقطع وحيها الطاهر، لا طريق لأعدائها سوى محاولة ضرب هذا التحالف (الشعب – الجيش) ليتشابه النموذج المصري – كما يريدون – مع النموذج الليبي والسوري، أي جر الجيش المصري لرفع السلاح في وجه المصريين، وهو الجيش الوطني صاحب العقيدة القتالية أن إسرائيل العدو الاستراتيجي.

يهجم بلطجية على قسم الساحل، يشتبك بلطجية مع بلطجية آخرين في شارع عبد العزيز، حوادث متفرقة في مناطق الهرم والعمرانية والشرابية وشبرا الخيمة ودار السلام والبساتين .. إلخ. تعود إلى الصورة بالتوازي مع الانفلات الأمني دراما كاميليا، وما أن يمل منها الجمهور، وتفقد قدرتها على التأثير، تظهر دراما عبير ذات الزوجين!، وإن فشلت عبير لا مانع من صنع دراما جديدة والهدف هو ذات الهدف، بدلا من البناء علينا البكاء، ضرب النهضة وإرساء الفوضى. ولا يخفى أن الكثير من ضباط الشرطة حانقين على الثورة، وغير راغبين – عن عمد – للتصدي لمشكلة الانفلات الأمني. وجهاز الشرطة يحتاج إلى عملية إصلاح واسعة شاملة، بإعادة هيكلته وتغيير عقيدته، وإحالة كل من هم على رتبة لواء إلى التقاعد، وضم دفعة من كلية الحقوق بعد تدريبهم للعمل كضباط، وإعادة صياغة طبيعة علاقة الجهاز بالمواطن، فنحن لا نريد التسيب والانفلات، وكذلك لا نريد الضرب على القفا، والتعذيب وتلفيق القضايا وفرض الإتاوات، ولا يصح أن نبقى محصورون في الاختيار بين القمع والانفلات، لا نريد سوى تطبيق القانون، القانون كما هو وفقط!

كل ذلك ومصر تمر بمرحلة خطيرة ودقيقة كما ذكرنا، والثورة المضادة ليست من "الفلول" وفقط، بل تتحالف بقصد أو بدون مع مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة، والجيش المصري يراد له في حرارة تلك الأحداث أن يقع في المحظور، ويضرب المصريين، والشرطة كالثوب المهلهل، ووزير الداخلية – مع احترامنا له – غاية في الضعف، ولا حل أمامي في الأفق سوى وزير عسكري للداخلية، ضابط جيش سابق يقوم بعملية إعادة هيكلة جهاز الشرطة، والأمر أمام من بيده الحل والربط، ويمتلك سلطة التنفيذ والتشريع، أمام المجلس العسكري، حفاظا على الثورة، وحفاظا على مصر.