الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

نظام أكثر فسادا!


نظام أكثر فسادا!


صدر منذ أيام قليلة تقرير مؤسسة الشفافية الدولية السنوي ليعلن عن تراجع مصر في محاربة الفساد – قال يعني كانت بتحاربه قبل كدا – مؤكدا تراجع مصر إلى المركز 115 من 180 دولة في مجال محاربة الفساد حيث سجلت "المنهوبة" مصر المحروسة سابقا 2.8 نقطة على مؤشر الفساد المكون من 10 نقاط وتعتبر الدولة أكثر نزاهة كلما اقتربت من العشرة وأكثر فسادا كلما اقتربت من الصفر واحنا 2.8 يعني في الحضيض بالصلاة ع النبي!!
لم تصمت الحكومة المصرية ربنا يديها الصحة فهذه الأرقام تضر بسمعة مصر اللي هي يا مشاء الله في السما فعلق الأستاذ ناصر فؤاد المتحدث الرسمي باسم وزارة التنمية الإدارية بقوله إن هذه الأرقام غير معقولة وغير مقبولة وأنا أشك في صحتها ..بل أكد السيد ناصر فؤاد أن تأخر مصر على مؤشر الفساد دليل على أن الحكومة أصبحت جادة في محاربة الفساد لأنها هي التي تظهر وقائع الفساد وتحقق فيها .. طبعا فيما يبدو أن مؤسسة الشفافية الدولية عملت مؤامرة صهيونية أمريكية حتى تسئ إلى مصر مثلما يريد فاروق حسني أن يداري على (سقوطه) في انتخابات اليونسكو لأن الحكومة في مصر لم تتعود أن تسقط في أي انتخابات!!
والأكثر إثارة للشفقة وفقعة المرارة وارتفاع الضغط والسكر قول الأستاذ ناصر فؤاد أن المواطنين هم الذين يعرضون الرشوة على الموظفين بينما لا يطلبها الموظفون منهم .. وكأن الرجل يعيش في كوكب ثاني ولا يعلم أنه لا يمكنك أن تقضي أي مصلحة في أي جهة حكومية إلا بعد دفع الاكرامية أو الشاي أو الاصطباحة التي أصبحت عرفا وعملا شبه مقننا وليس المواطن المصري "فنجري" أو بيموت في الحرام فيدفع الرشوة دون أن تطلب منه بالذمة ده كلام ناس عاقلة!!

لماذا نذهب بعيدا ولكم فيما نشرته جريدة الوفد بتاريخ 21 سبتمبر الماضي في صدر صفحتها الأولى تحت عنوان "مسخرة طبية في مستشفى حكومي جدا" أكبر دليل على مدى الترهل والفساد المستوطن لكل أجهزة الدولة، فالقصة تعود إلى صدور قرار من محافظة الجيزة يلزم أولياء الأمور بتقديم شهادات صحية تفيد بخلو أبنائهم من الأمراض المعدية قبل العام الدراسي الجديد حرصا من حكومتنا الجميلة الطيبة على عدم انتشار أنفلونزا الخنازير بين الطلبة والطالبات، وتم تقسيم المدارس على مستشفيات الجيزة فكان نصيب كل مستشفى 10 مدارس، وكالعادة المصرية البحتة انتشرت الفوضى والزحام وما خفي كان أعظم .. إذ تمكنت جريدة الوفد من استخراج شهادات صحية (نشرتها في نفس العدد) من مستشفى بولاق الدكرور العام بخلو كلا من حاتم مصطفى الجبلي (وزير الصحة) و يسري صابر الجمل (وزير التربية والتعليم) و سعاد محمد حسني (سعاد حسني الممثلة المتوفاة في 21 يونيو 2001) و زينب خليل محمد (الاسم الحقيقي للفنانة سامية جمال المتوفاة في 1 ديسمبر 1994) من الأمراض المعدية وسلامة القلب والصدربهم!!
وتحمل هذه الشهادات ثلاث توقيعات لمسؤول شئون المرضى ورئيس القسم ومدير المستشفى ومختومة بختم النسر شعار الجمهورية أي أنك بمبلغ خمس جنيهات فقط لا غير تستطيع استخراج هذه الشهادة بخلو أي اسم من الأمراض حتى لو كان وزيرا أو فنانا أو حتى متوفي!!
وطبعا ردت الحكومة حرصا منها على سمعة مصر يا ولداه فأصدرت وزارة الصحة بيانا نسبت فيه تصريحات للدكتور مصطفى المراغي وكيل وزارة الصحة بالجيزة بأن الشهادات الصحية التي نشرتها الوفد مزورة ولكنه تراجع في اليوم التالي وأكد أنه لم يتهم الجريدة ولا يشكك في أي من "السادة" الصحفيين بها ولكنه أمر بالتحقيق في الواقعة!
كما تلقى رئيس تحرير الوفد اتصالا هاتفيا من وزير الصحة طلب فيه الوزير تسليم "أصل" الشهادات حتى تتأكد الوزارة من صحتها! لكن طبعا رئيس التحرير رفض وطلب من الوزير ارسال لجنة من وزارة الصحة تعاين الشهادات داخل مقر الجريدة أو ارسال الجريدة للوزارة 500 نسخة من الشهادات لمعاينتها وما زلنا ننتظر!
خلاصة الكلام وجود هذا النظام بحكومته وأجهزته يضر بوجود الإنسان المصري وقد يهدد بقاؤه فقد وصل الفساد إلى طريق الاعودة .. ولم يعد يجدي مطالبة أحد أيا كان بإصلاحات كتغيير وزير أو موظف "فالسمكة تفسد من رأسها" .. ليس المسؤول هو وزير الصحة ولا التنمية الإدارية فهؤلاء يعينهم ويقيلهم فردا واحدا .. أجل أقصده إنه الرئيس .. العصيان المدني هو الحل!

الاثنين، 14 سبتمبر 2009

العبرة المنسية في التجربة الجابونية!





العبرة المنسية في التجربة الجابونية!

حينما تشاهد فيلما عربيا من نوعية أن الخير يجب أن ينتصر في آخره هذا ما يحدث: يقفز البطل وتتطاير خصلات شعره وهو يلقن العصابة الشريرة درسا في فنون الضرب لن ينسوه أبدا فيضرب بمفرده كل أعضاء العصابة ورئيسهم ويصاب إصابة طفيفة في صباعه الأصغر ثم يصل البوليس مع سقوط آخر رجل من العصابة ليقبض عليهم جميعا، وفجأة تظهر البطلة التي كانت إما مخطوفة أو هي التي أحضرت البوليس لتتزوج البطل ويعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات! .. تجد نفسك دائما ترى الأحداث قبل وقوعها ويأخذك الزهو بهذه العبقرية الفذة التي تجعلك تعرف وتتوقع بأن البطل سيفعل كذا وكذا.
وإذا نظرنا إلى التجربة الجابونية في "التوريث" من الرئيس الراحل عمر بونجو المولود عام 1935م والذي كان ظابطا في "سلاح الطيران" ثم اختاره الرئيس الذي سبقه في حكم الجابون ليون إمبا نائبا له عام 1966م ويتوفى بعدها بعام ليتولى عمر بونجو حكم الجابون منذ عام 1967م ولمدة 42 عاما بينما بقى الشعب الجابوني "الشقيق" فقيرا مقهورا ممنوعا من أي حرية، وقد علم عمر بونجو الأب أن بقاؤه في الحكم طيلة عمره مع رفض الشعب له وكرهه لعائلته ولفساد نظامه وحكومته وحزبه الحاكم "الحزب الديمقراطي" لن يتحقق إلا برضا الدولة العظمى ذات النفوذ في بلاده وكانت فرنسا "زي أمريكا عندنا كدا" .. فباع لها أو قل "أهداها" عقود استثمار نفط الجابون وثرواته الطبيعية على الرغم من الفقر الشديد الذي يأكل جسد شعبه المسكين المحروم من ثرواته تلك التي يتمتع بها فقط بونجو وعائتله وحزبه ونظامه وفرنسا المتحالفة معه!
أما الوريث علي بونجو فقد بدأ حياته السياسية سقوطا بالبارشوت "بالظبط زي واحد صاحبنا" .. فقد تولى بونجو الابن منصب وزير الخارجية عام 1989م وكان عمره وقتها لم يتجاوز 30 عاما وبمناسبة بلوغ المحروس علي بونجو عامه الأربعين كان على والده عمر بونجو مكافأته بهدية عليها القيمة فأعطاه منصب وزير الدفاع حتة واحدة وبونجو الابن مكدبش خبر فأحسن استغلال هذا المنصب في توطيد علاقته بالعسكريين عن طريق توفير جميع الوسائل التي تجعل حياتهم رغدة من مساكن فاخرة إلى سيارات فخمة وبزات جميلة والكثير من الامتيازات التي جعلت منهم طبقة منفصلة عن باقي الشعب الجابوني المطحون يا ولداه "زي شعب صاحبنا برضه"!!
وحينما توفى الرئيس الأب عمر بونجو زي أي بشر والله الرؤساء بيموتوا برضه تم إجراء شئ ما أطلق عليه (انتخابات) صرح وقتها بونجو الابن بأنه لن يبقى في السلطة إلى الأبد فقال نصا :" إذا ما وضع أبناء الجابون الثقة في فإنني بالتأكيد لن أبقى 40 عاما" .. من الجدير بالذكر أن والده قال أيضا قبل وفاته أنه "لن يورث السلطة لأحد"!
وفي تلك الانتخابات المزعومة تنافس بونجو الابن مع وزير الداخلية السابق أندريه أوبامي والزعيم التاريخي للمعارضة التاريخية - لأنها تعارض من عشرات السنين دون جدوى - بيار مامبوندو وحدث ما حدث ففاز الرئيس الابن علي عمر بونجو بنسبة 41% مما أشعل بعد ذلك أعمال العنف في البلاد وصلت إلى هجرة بعض السكان من العاصمة الجابونية بؤرة الأحداث.
وحتى لا نتحول إلى مشاهد للفيلم يردد مثل الببغاء ما سيحدث من أحداث دون أن يتعلم شيئا منها فعلينا أن نحدد نقاطا نتفق عليها من الآن حتى لا نرى الفيلم بإخراج مصري في يوم من الأيام .. يجب أن نعلم بأن أي انتخابات في ظل نظام يحكم طيلة حياته لن تكون بأية حال انتخابات حقيقية وإنما ديكور سياسي لإضفاء الشرعية على عملية التوريث التي سيقال عنها ديمقراطية وإرادة الشعب الحرة .. وأن ارتكان البعض إلى بعض القوى الدولية التي تحمي النظام وتحافظ على بقائه أمر غاية في السذاجة لأن نفس هذه القوى أيا كانت ستعمل من أجل مصالحها التي غالبا ما ستتقاطع مع التوريث لكونه امتدادا لنظام كان زي الفل بالنسبة لهم!!
الحل لن يكن أبدا في إضفاء الشرعية على عملية التوريث عبر القبول الانتخابات – بوضعها الحالي – منزوع الشفافية والنزاهة والإشراف القضائي والدولي بل الحل سيكون عبر العصيان المدني والمقاومة السلمية بكافة صورها مع ضرورة إدخال الشعب في المعادلة لأنه إذا تواجد الشعب بصورة قوية وحاضرة فإن باقي القوى المؤثرة في المعادلة ستتحول إلى أقزام جانبه .. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد!

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

مجدي حسين أسير في وطن محتل


مجدي حسين أسير في وطن محتل


لست قلقا على المناضل الشجاع مجدي حسين الأسير في سجون نظام مبارك لأنني أعلم جيدا أنه مهما طال الزمن ومرت بنا الأحداث كشلال ظننا أنه لن يتوقف أو ينحرف عن مساره فإن التاريخ دائما ما يقدّر الشرفاء ويلقي بالعملاء في المزبلة!!
فكل ما حدث أن مجدي حسين رجلا حرا يأبى أن تتحول بلاده مصر ذات الدور التاريخي البارز والموقع الجغرافي الذي لا مثيل له إلى مستعمرة أمريكية أو مجرد خادم للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، فقرار الحرب الصهيونية البربرية على قطاع غزة كان قد اتخذ هنا في القاهرة – ويالا العار – بعد لقاء وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيبي ليفني و"اتفاقها" على ترتيبات تلك الحرب مع الرئيس – ويالا الأسف المصري – حسني مبارك وتلتقي وزير خارجيته أبو الغيط وهي "نازلة السلالم يا مشا الله عليها" ويديها في يديه! .. وتم الاتفاق على أنه حين تقصف الطائرات الإسرائيلية الشريط الحدودي وتخترق الأجواء الجوية المصرية لتكمل عملية قصف غزة فعلى مبارك أن "يلزم الصمت"!!
هذا إلى جانب استمرار الضغط على أهلنا في غزة بالحصار الظالم من قبل إسرائيل عن طريق إغلاق معبر كرم أبو سالم وبالتعاون مع رجلهم حسني مبارك عن طريق إغلاقه معبر رفح، والوضع يبدو مريعا فعلى المقاومة الفلسطينية أن تحارب آلة الحرب الصهيونية الشرسة التي لا تحترم أي اتفاقيات دولية ولا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة فلا تفرق بين مدني وعسكري ولا بين مسكن أو مسجد أو حتى مدرسة ومواقع للقتال!
بينما تواجه المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها هذا التوحش الإسرائيلي كان عليها أن تواجه أيضا الحصار الذي منع إخواننا أبناء غزة من العلاج وشراء الأدوية والطعام، وعلى الرغم من كل تلك الظروف الصعبة صمدت المقاومة في وجه النيران الإسرائيلية وحققت انتصارا مشرفا تجلى بوضوح في انسحاب القوات البرية الإسرائيلية من القطاع بعد توغلها فيه دون أي تفاوض أو اعتراف أو تنازل من المقاومة عن مبادئها ودون تحقيق الهدف "المعلن" للحرب وهو وقف صواريخ المقاومة وتحرير الجندي الإسرائيلي الاسير جلعاد شاليط ولا الهدف الغير معلن وهو كسر المقاومة نهائيا وحملها على الموافقة على تسوية واعتراف بإسرائيل وقبولها بحدود 1967م وتنازلها عن كامل التراب الفلسطيني وتنازلها عن سلاحها أيضا وهو ما لم يتحقق إطلاقا.
أي إنسان حر يمكن أن يتحمل التخاذل الرسمي المصري عن نصرة أهلنا في غزة ؟! .. ما فعله مجدي حسين أن ذهب كرئيس تحرير أخير لجريدة الشعب "الممنوعة" وكصحفي وسياسي بارز ليسجل شهادته عما يحدث في قطاع غزة وليؤكد أن موقف نظام مبارك لا يمثل أبدا موقف الشارع المصري الذي يتعاطف بصورة طبيعية مع الأهل في فلسطين وخصوصا قطاع غزة الذي تربطنا به صلات الدم والقرابة والمصاهرة ويعتبر امتدادا طبيعيا لمصر وبوابة شرقية لها كثيرا ما حمتنا من الغزاة والتاريخ يؤكد ذلك، بل كانت غزة تحت السيادة المصرية حتى عام 1967م.
وعند عودة المناضل مجدي حسين إلى الوطن تم اعتقاله من قبل أمن مبارك وتحويله إلى ما أطلق عليه "محاكمة" عسكرية!!
تلك (المحاكمة) التي خالفت حتى الدستور الذي جاء بالتزوير الفاحش في التعديلات الأخيرة، لكن حتى هذه النصوص التي زورت لم تراع أثناء المحامكة!
فالمادة 166 بالدستور المصري تنص على : "القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة"
والمادة 183 تنص على : "ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصه في حدود المبادئ الواردة في الدستور"
ومن المادتين نستوضح أن الدستور يعتبر القضاء العسكري ملتزم بمبادئ القضاء الواردة في الدستور .. بينما في الواقع يتناقض القضاء العسكري بوضوح مع المادة 166 السابق ذكرها والتي تشدد على أنه لا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا وشئون العدالة، فكيف يتحقق ذلك وقضية مجدي حسين سياسية من الدرجة الأولى فالرجل دخل منذ فترة طويلة في خصومة مع نظام مبارك وعائلته بينما مبارك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو من أحال القضية للمحكمة العسكرية كما أنه يملك حق عزل وتعيين وترقية (القاضي) الذي ينظر القضية وحكم على المناضل مجدي حسين بالسجن لمدة عامين وغرامة 5 آلاف جنيه فأين استقلال القضاء إذن؟!
كما تنص المادة 169 من الدستور على علنية المحاكمة وتؤكد على أن جلسة النطق بالحكم تحديدا يجب أن تكون علنية وهو ما لم يتحقق في هذه القضية حيث كنا واقفين على باب المحكمة ننتظر السماح للمحامين ولنا بالدخول لمعرفة منطوق الحكم ولكن لم يسمح لنا بذلك بل علمنا الحكم بالتليفون حيث كان قد أذيع على شريط الأخبار في قناة النيل للأخبار!!
ويتضح لنا أن هذا الحكم غير شرعي حتى بأحكام الدستور "المزور" فقد انتهت البلاد إلى نظام بات "يحتل" البلاد على عكس رغبة شعبها يفصل قوانينها وينتهك دستورها بعد أن زوره ولا يلتزم حتى بتزويره!!
أقول للمناضل مجدي حسين ألا إن نصر الله قريب فلا تقلق غدا تشرق شمس الحرية على هذا الوطن وغدا يكتب التاريخ تضحياتك بحروف من نور بينما يلقي بمن ظلموك وخانوا وطنهم في المزبلة وبئس المصير!