الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

مجدي حسين أسير في وطن محتل


مجدي حسين أسير في وطن محتل


لست قلقا على المناضل الشجاع مجدي حسين الأسير في سجون نظام مبارك لأنني أعلم جيدا أنه مهما طال الزمن ومرت بنا الأحداث كشلال ظننا أنه لن يتوقف أو ينحرف عن مساره فإن التاريخ دائما ما يقدّر الشرفاء ويلقي بالعملاء في المزبلة!!
فكل ما حدث أن مجدي حسين رجلا حرا يأبى أن تتحول بلاده مصر ذات الدور التاريخي البارز والموقع الجغرافي الذي لا مثيل له إلى مستعمرة أمريكية أو مجرد خادم للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، فقرار الحرب الصهيونية البربرية على قطاع غزة كان قد اتخذ هنا في القاهرة – ويالا العار – بعد لقاء وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيبي ليفني و"اتفاقها" على ترتيبات تلك الحرب مع الرئيس – ويالا الأسف المصري – حسني مبارك وتلتقي وزير خارجيته أبو الغيط وهي "نازلة السلالم يا مشا الله عليها" ويديها في يديه! .. وتم الاتفاق على أنه حين تقصف الطائرات الإسرائيلية الشريط الحدودي وتخترق الأجواء الجوية المصرية لتكمل عملية قصف غزة فعلى مبارك أن "يلزم الصمت"!!
هذا إلى جانب استمرار الضغط على أهلنا في غزة بالحصار الظالم من قبل إسرائيل عن طريق إغلاق معبر كرم أبو سالم وبالتعاون مع رجلهم حسني مبارك عن طريق إغلاقه معبر رفح، والوضع يبدو مريعا فعلى المقاومة الفلسطينية أن تحارب آلة الحرب الصهيونية الشرسة التي لا تحترم أي اتفاقيات دولية ولا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة فلا تفرق بين مدني وعسكري ولا بين مسكن أو مسجد أو حتى مدرسة ومواقع للقتال!
بينما تواجه المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها هذا التوحش الإسرائيلي كان عليها أن تواجه أيضا الحصار الذي منع إخواننا أبناء غزة من العلاج وشراء الأدوية والطعام، وعلى الرغم من كل تلك الظروف الصعبة صمدت المقاومة في وجه النيران الإسرائيلية وحققت انتصارا مشرفا تجلى بوضوح في انسحاب القوات البرية الإسرائيلية من القطاع بعد توغلها فيه دون أي تفاوض أو اعتراف أو تنازل من المقاومة عن مبادئها ودون تحقيق الهدف "المعلن" للحرب وهو وقف صواريخ المقاومة وتحرير الجندي الإسرائيلي الاسير جلعاد شاليط ولا الهدف الغير معلن وهو كسر المقاومة نهائيا وحملها على الموافقة على تسوية واعتراف بإسرائيل وقبولها بحدود 1967م وتنازلها عن كامل التراب الفلسطيني وتنازلها عن سلاحها أيضا وهو ما لم يتحقق إطلاقا.
أي إنسان حر يمكن أن يتحمل التخاذل الرسمي المصري عن نصرة أهلنا في غزة ؟! .. ما فعله مجدي حسين أن ذهب كرئيس تحرير أخير لجريدة الشعب "الممنوعة" وكصحفي وسياسي بارز ليسجل شهادته عما يحدث في قطاع غزة وليؤكد أن موقف نظام مبارك لا يمثل أبدا موقف الشارع المصري الذي يتعاطف بصورة طبيعية مع الأهل في فلسطين وخصوصا قطاع غزة الذي تربطنا به صلات الدم والقرابة والمصاهرة ويعتبر امتدادا طبيعيا لمصر وبوابة شرقية لها كثيرا ما حمتنا من الغزاة والتاريخ يؤكد ذلك، بل كانت غزة تحت السيادة المصرية حتى عام 1967م.
وعند عودة المناضل مجدي حسين إلى الوطن تم اعتقاله من قبل أمن مبارك وتحويله إلى ما أطلق عليه "محاكمة" عسكرية!!
تلك (المحاكمة) التي خالفت حتى الدستور الذي جاء بالتزوير الفاحش في التعديلات الأخيرة، لكن حتى هذه النصوص التي زورت لم تراع أثناء المحامكة!
فالمادة 166 بالدستور المصري تنص على : "القضاة مستقلون، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة"
والمادة 183 تنص على : "ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصه في حدود المبادئ الواردة في الدستور"
ومن المادتين نستوضح أن الدستور يعتبر القضاء العسكري ملتزم بمبادئ القضاء الواردة في الدستور .. بينما في الواقع يتناقض القضاء العسكري بوضوح مع المادة 166 السابق ذكرها والتي تشدد على أنه لا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا وشئون العدالة، فكيف يتحقق ذلك وقضية مجدي حسين سياسية من الدرجة الأولى فالرجل دخل منذ فترة طويلة في خصومة مع نظام مبارك وعائلته بينما مبارك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو من أحال القضية للمحكمة العسكرية كما أنه يملك حق عزل وتعيين وترقية (القاضي) الذي ينظر القضية وحكم على المناضل مجدي حسين بالسجن لمدة عامين وغرامة 5 آلاف جنيه فأين استقلال القضاء إذن؟!
كما تنص المادة 169 من الدستور على علنية المحاكمة وتؤكد على أن جلسة النطق بالحكم تحديدا يجب أن تكون علنية وهو ما لم يتحقق في هذه القضية حيث كنا واقفين على باب المحكمة ننتظر السماح للمحامين ولنا بالدخول لمعرفة منطوق الحكم ولكن لم يسمح لنا بذلك بل علمنا الحكم بالتليفون حيث كان قد أذيع على شريط الأخبار في قناة النيل للأخبار!!
ويتضح لنا أن هذا الحكم غير شرعي حتى بأحكام الدستور "المزور" فقد انتهت البلاد إلى نظام بات "يحتل" البلاد على عكس رغبة شعبها يفصل قوانينها وينتهك دستورها بعد أن زوره ولا يلتزم حتى بتزويره!!
أقول للمناضل مجدي حسين ألا إن نصر الله قريب فلا تقلق غدا تشرق شمس الحرية على هذا الوطن وغدا يكتب التاريخ تضحياتك بحروف من نور بينما يلقي بمن ظلموك وخانوا وطنهم في المزبلة وبئس المصير!

ليست هناك تعليقات: