الاثنين، 14 سبتمبر 2009

العبرة المنسية في التجربة الجابونية!





العبرة المنسية في التجربة الجابونية!

حينما تشاهد فيلما عربيا من نوعية أن الخير يجب أن ينتصر في آخره هذا ما يحدث: يقفز البطل وتتطاير خصلات شعره وهو يلقن العصابة الشريرة درسا في فنون الضرب لن ينسوه أبدا فيضرب بمفرده كل أعضاء العصابة ورئيسهم ويصاب إصابة طفيفة في صباعه الأصغر ثم يصل البوليس مع سقوط آخر رجل من العصابة ليقبض عليهم جميعا، وفجأة تظهر البطلة التي كانت إما مخطوفة أو هي التي أحضرت البوليس لتتزوج البطل ويعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات! .. تجد نفسك دائما ترى الأحداث قبل وقوعها ويأخذك الزهو بهذه العبقرية الفذة التي تجعلك تعرف وتتوقع بأن البطل سيفعل كذا وكذا.
وإذا نظرنا إلى التجربة الجابونية في "التوريث" من الرئيس الراحل عمر بونجو المولود عام 1935م والذي كان ظابطا في "سلاح الطيران" ثم اختاره الرئيس الذي سبقه في حكم الجابون ليون إمبا نائبا له عام 1966م ويتوفى بعدها بعام ليتولى عمر بونجو حكم الجابون منذ عام 1967م ولمدة 42 عاما بينما بقى الشعب الجابوني "الشقيق" فقيرا مقهورا ممنوعا من أي حرية، وقد علم عمر بونجو الأب أن بقاؤه في الحكم طيلة عمره مع رفض الشعب له وكرهه لعائلته ولفساد نظامه وحكومته وحزبه الحاكم "الحزب الديمقراطي" لن يتحقق إلا برضا الدولة العظمى ذات النفوذ في بلاده وكانت فرنسا "زي أمريكا عندنا كدا" .. فباع لها أو قل "أهداها" عقود استثمار نفط الجابون وثرواته الطبيعية على الرغم من الفقر الشديد الذي يأكل جسد شعبه المسكين المحروم من ثرواته تلك التي يتمتع بها فقط بونجو وعائتله وحزبه ونظامه وفرنسا المتحالفة معه!
أما الوريث علي بونجو فقد بدأ حياته السياسية سقوطا بالبارشوت "بالظبط زي واحد صاحبنا" .. فقد تولى بونجو الابن منصب وزير الخارجية عام 1989م وكان عمره وقتها لم يتجاوز 30 عاما وبمناسبة بلوغ المحروس علي بونجو عامه الأربعين كان على والده عمر بونجو مكافأته بهدية عليها القيمة فأعطاه منصب وزير الدفاع حتة واحدة وبونجو الابن مكدبش خبر فأحسن استغلال هذا المنصب في توطيد علاقته بالعسكريين عن طريق توفير جميع الوسائل التي تجعل حياتهم رغدة من مساكن فاخرة إلى سيارات فخمة وبزات جميلة والكثير من الامتيازات التي جعلت منهم طبقة منفصلة عن باقي الشعب الجابوني المطحون يا ولداه "زي شعب صاحبنا برضه"!!
وحينما توفى الرئيس الأب عمر بونجو زي أي بشر والله الرؤساء بيموتوا برضه تم إجراء شئ ما أطلق عليه (انتخابات) صرح وقتها بونجو الابن بأنه لن يبقى في السلطة إلى الأبد فقال نصا :" إذا ما وضع أبناء الجابون الثقة في فإنني بالتأكيد لن أبقى 40 عاما" .. من الجدير بالذكر أن والده قال أيضا قبل وفاته أنه "لن يورث السلطة لأحد"!
وفي تلك الانتخابات المزعومة تنافس بونجو الابن مع وزير الداخلية السابق أندريه أوبامي والزعيم التاريخي للمعارضة التاريخية - لأنها تعارض من عشرات السنين دون جدوى - بيار مامبوندو وحدث ما حدث ففاز الرئيس الابن علي عمر بونجو بنسبة 41% مما أشعل بعد ذلك أعمال العنف في البلاد وصلت إلى هجرة بعض السكان من العاصمة الجابونية بؤرة الأحداث.
وحتى لا نتحول إلى مشاهد للفيلم يردد مثل الببغاء ما سيحدث من أحداث دون أن يتعلم شيئا منها فعلينا أن نحدد نقاطا نتفق عليها من الآن حتى لا نرى الفيلم بإخراج مصري في يوم من الأيام .. يجب أن نعلم بأن أي انتخابات في ظل نظام يحكم طيلة حياته لن تكون بأية حال انتخابات حقيقية وإنما ديكور سياسي لإضفاء الشرعية على عملية التوريث التي سيقال عنها ديمقراطية وإرادة الشعب الحرة .. وأن ارتكان البعض إلى بعض القوى الدولية التي تحمي النظام وتحافظ على بقائه أمر غاية في السذاجة لأن نفس هذه القوى أيا كانت ستعمل من أجل مصالحها التي غالبا ما ستتقاطع مع التوريث لكونه امتدادا لنظام كان زي الفل بالنسبة لهم!!
الحل لن يكن أبدا في إضفاء الشرعية على عملية التوريث عبر القبول الانتخابات – بوضعها الحالي – منزوع الشفافية والنزاهة والإشراف القضائي والدولي بل الحل سيكون عبر العصيان المدني والمقاومة السلمية بكافة صورها مع ضرورة إدخال الشعب في المعادلة لأنه إذا تواجد الشعب بصورة قوية وحاضرة فإن باقي القوى المؤثرة في المعادلة ستتحول إلى أقزام جانبه .. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد!

هناك تعليق واحد:

ألِف يقول...

على كدا ممكن بعدما حسني بانجو يموت ييجي جمال بانجو!