الاثنين، 28 يونيو 2010

عبدالحليم قنديل وكتاب الرئيس البديل




عبدالحليم قنديل وكتاب الرئيس البديل


يشرفني جدا أنه تربطني بالدكتور عبدالحليم قنديل - المنسق العام لحركة كفاية والكاتب الصحفي الكبير - علاقة صداقة وطيدة مع الاحتفاظ له – بالطبع – باحترام الأب وجلال الأستاذ. فعبدالحليم قنديل سياسي صلب دخل في صدام قوي ضد النظام وحاشيته بشجاعة وبسالة غير عادية. كان قنديل من أوائل الذين فتحوا باب نقد الرئيس وكسر التابوه الفرعوني بتأليه الحاكم. وحول قنديل بشجاعة غير عادية كل الجرائد التي عمل بها إلى منابر تطلق رصاصا صحفيا على الفساد والاستبداد وإلى خطوط هجوم مباشرة ضد حكم الرئيس مبارك وعائلته. طبعا دفع عبدالحليم قنديل الثمن غاليا، لم يكن فقط بالاعتداء الوحشي الذي تم ضده أثناء عمله بجريدة العربي الناصري بعد عدة مقالات كتبها يهاجم العائلة الحاكمة وفسادها، حيث قامت جماعة من بلطجية النظام بخطفه والاعتداء عليه بالضرب محاولين إرهابه لينحي قلمه جانبا عن كل ما يمس سيدهم رئيس الجمهورية! .. لكن توالت الحرب الشرسة ضده من قبل رجال النظام بقرار غير معلن يحاربه في رزقه ويستبعده من الكتابة في أي جريدة مصرية! .. حدث ذلك الأمر بعد رئاسة قنديل لتحرير جريدة صوت الأمة المصرية ومصادرة المقال الافتتاحي لها (مقال رئيس التحرير) ثلاث مرات من المطبعة، وفي المرة الثالثة على طريقة التالتة تابتة مورست الضغوط الرهيبة على مالك الجريدة لينهي تعاقده مع قنديل كرئيس للتحرير ويصرح – مالك الجريدة - بعدها في الصحف أنه كان يحمي قنديل من نفسه!.. في أحد المرات كنت أجلس مع الدكتور عبدالحليم قنديل بكافتريا نقابة الصحفيين وسألته هل من أمل في عودتك للكتابة في أي جريدة مصرية .. تنهد ورجع برأسه للوراء وقال في سخرية لا تخلو من الحسرة "أما يموت!"، سألته ولا في جريدة كذا – قلت اسم جريدة من أكثر الجرائد المصرية المعارضة – رد بنفس السخرية الممزوجة بالحسرة والقهر والظلم "ولا في جريدة كذا .. الأمر أكبر من جريدة كذا أو غيرها الأمر يتعلق بتعليمات رئاسية!"

وكتاب الرئيس البديل الذي صدر مؤخرا عن دار الثقافة الجديدة للكاتب الشجاع عبدالحليم قنديل يحوي بين دفتيه مجموعتين من المقالات الأولى كتبت في جريدة القدس العربي اللندنية تحت عنوان دفاتر الرحيل وهي المقالات التي يتضح بها نضج المشروع الذي تقدمه حركة كفاية للتغيير وعبر عنه قنديل عدة مرات بقوله: كانت كفاية تعرف ما تكره .. تكره التمديد والتوريث .. لكنها اليوم تعرف ما تريد. يتحدث الكتاب عن المشروع الذي تقدمه حركة كفاية بالتعاون مع ائتلاف المصريين من أجل التغيير وهو المشروع القائم على ثلاث كلمات كما قال قنديل في كتابه (المقاطعة – البديل – العصيان). رؤية حركة كفاية والتي يصيغها الكاتب أن أي انتخابات بعد التعديلات الدستورية الأخيرة قد تحولت إلى مهزلة وتمثيلية بايخة والمشاركة بها يمثل نوع من الخداع البصري وتزييف وعي الجماهير، ويلتقط سيناريو البديل الخيط من سيناريو المقاطعة، فلا أحد يطرح مقاطعة الجلوس في المنازل وإنما يتحدث الكاتب عن جمعية لتحرير الشعب المصري تجمع في عضويتها جميع نواب البرلمان السابقين والحاليين من المعارضة مع قادة الاحتجاجات العمالية والفئوية وقادة التيارات الشبابية والمدونيين والكتاب الصحفيين المعارضين ليختاروا بديلا رئاسيا وليس مرشحا رئاسيا، فلا انتخابات حقيقية موجودة في مصر. يقوم هؤلاء جميعا وعلى رأسهم البديل باتخاذ الخطوات اللازمة لتحرير مصر من حكم الفساد والاستبداد عبر عصيان مدني يقوم على مقاطعة النظام في ألاعيبه السياسية وفضحها بالانفضاض عنها لا المشاركة فيها. والمجموعة الثانية من المقالات تحت عنوان اطردوا العائلة وهي المقالات التي نشرت في جريدة الكرامة المصرية في عام 2007م ودخل قنديل فيها – كعادته – في صدام قوي مع كل أطراف العائلة كاشفا رغبات الأم في التعجيل بالتوريث ورغبة الأب في التأجيل والبقاء على كرسي الحكم – وعلى رقابنا – حتى آخر نفس فيه أو فينا أيهما أقرب!. يستنكر قنديل – و نحن معه جميعا – أن يُـختزل مستقبل بلد بحجم ومكانة وتاريخ مصر في مائدة غذاء بين رغبات الابن وهواجس الأب وتدخلات الأم!!. وينتهي الكتاب بوثيقتين في غاية الأهمية الأولى نداء للأحزاب المصرية والقوى الوطنية حول ضمانات نزاهة العملية الانتخابية ويتحدث النداء أنه إذا لم تتحقق تلك الضمانات – وهو الأرجح – وجب علينا المقاطعة وعدم المشاركة في تلك المهزلة، والوثيقة الثانية تحوي نص مشروع قانون مقترح لمباشرة الحقوق السياسية أعدته نخبة من القانونيين بحركة كفاية. هذا كتاب الرئيس البديل صفحة مضيئة في تاريخ عبدالحليم قنديل وإن كان يتحدث عن سرداب أسود في تاريخ مصر هي فترة حكم مبارك!.


إشارة:

* حفل توقيع الكتاب يوم الخميس 1 يوليو في تمام الثامنة مساءا في نقابة الصحفيين.. يحضر اللقاء نخبة من قادة الرأي والمفكرين في مصر ويدير الندوة الأديب الكبير د. علاء الأسواني .. وجودك مهم بطبيعة الحال.


الاثنين، 21 يونيو 2010

نظام مبيد بشري!!


نظام مبيد بشري!!


الملفت في قصة قتل الشاب "المصري" خالد سعيد – تعذيبا – أنها مباشرة وواضحة لا تقبل أي تبرير، بل على العكس التبرير والتنظير فيها يجلب من السخط والحنق العام أكثر من الواقعة ذاتها!. التباين الرهيب بين صورة خالد الطبيعية وصورته بعد التعذيب وهو جثة هامدة ثم شهادة الشهود جعل أي كلام آخر يقوله النظام – الكذاب بطبيعة تكوينه – مصدر غضب أكبر مما يتخيله!

أهم ما في القصة كما ذكرت أنها مباشرة، فكل من رأى الصورة وعرف القصة قد شعر بالحنق والغضب والسخط أولا، ثم حين تهدأ تلك المشاعر يزحف القلق من المستقبل مكانها. ظلت السياسة لعقود طويلة تمثل فزعا عاما عند المصريين الذين اختاروا المشي جنب الحيط – أو داخله – معتقدين أن هذه الطريقة تجلب دائما السلامة!، لكن ما حدث مع خالد - وهي ليست القصة الأولى ولن تكون الأخيرة – أثبت لنا جميعا أن كلنا تحت التهديد الدائم!، فخالد لم يكن سياسيا، ولم يشترك في مظاهرة قط، مجرد شاب مصري الملامح كالآلاف مما تراهم حولك، يظهر من عينيه براءة ووداعة تشعرك أنه أخوك أو ابنك لكنه لقى حتفه دون أي ذنب!

ولأن فشل أي نظرية يحتم علينا إعادة التفكير فيها وتجربة أخرى، ويتضح جليا الآن فشل نظرية "المشي جنب الحيط" فكلنا مهددون سواء سياسيين أو ماشون جنب الحيط!، ودماء خالد سعيد مثال عملي لا يقبل الشك والتأويل، لذلك أعتقد أننا مقبلون على عصر المشي في وسط الشارع!، وأن مرادفات الخوف والذل تقترب أن تحذف من قواميس المصريين، والتظاهرات الحاشدة في الإسكندرية والقاهرة خير دليل على ذلك، فالآلاف الغاضبون في ميدان كليوبترا بالإسكندرية وإخوانهم الذين تظاهروا أمام وزارة الداخلية في ميدان لاظوغلي ثم تظاهروا ثانيا في ميدان التحرير وخرجوا بالمسيرة حتى نقابة الصحفيين بالقاهرة قد تعرضوا جميعا لاعتداءات وحشية من قبل الأمن، لكنهم قهروا ذلك الخوف وتغلبوا عليه وتحملوا الترويع والاعتقال والضرب لأنهم جميعا شعروا بإمكانية تكرار قصة خالد معهم أو إخوتهم أو أقاربهم وكما يقول المثل الشعبي المصري "ياروح ما بعدك روح"!

الحقيقة أن النظام الذي يحكمنا "قاتل" بطبعه!، احترف القتل الممنهج ودخل في حرب "إبادة" ضد المصريين منذ زمن، فدماء ضحايا الدويقة وعبارة الموت وقطار الصعيد وحريق بني سويف كلها أزهقت لأن نظاما فاسدا قاتلا يحكمنا، فالفساد المتفشي في كل أجهزة نظام مبارك يمثل السبب الرئيسي في كل تلك الجرائم، الأكثر من ذلك أن حرب الإبادة البشرية التي احترفها النظام تعمل أيضا بصورة دائمة وغير مباشرة، مثلا نذكر أنه في عصر مبارك –الطويل جدا والكئيب جدا جدا – بلغ عدد المصابين بالالتهاب الكبد الوبائي فيرس سي 13 مليونا من المصريين ويمثل هذا الرقم ثلث المصابين بالمرض في العالم كله لتحتل مصر – في ظل حكم مبارك – المرتبة الأولى عالميا بعدد المصابين بهذا المرض!. ثم تجد أن أعداد المصابين بأمراض الفشل الكلوي والأمراض السرطانية في تزايد مستمر ومن أكبر المعدلات العالمية أيضا، وكل ذلك نتيجة "إنجازات" هذا النظام القاتل من أغذية فاسدة ومبيدات مسرطنة ومصانع غير مطابقة للمواصفات البيئية ترمي مخلفاتها في النيل، واختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي والري بمياه المجاري وغير ذلك من مصائب وكوارث ارتبطت ارتباطا لصيقا بنظام مبارك وحاشيته!

أليس كل ذلك يعد قتلا منهجيا؟! ثم ألا يعد اغتيال الأمل قتلا أيضا؟!، ألا يعد كون عدد الشباب والشابات الذين بلغوا سن الزواج دون زواج عشرة ملايين بالأرقام الرسمية قتلا للحياة الطبيعية التي خلقنا الله عليها؟!. نعلم جميعا أن احتياجات الإنسان الأساسية "للحياة" هي المأكل والملبس والمسكن، ونعلم أيضا أنه مع ارتفاع الأسعار الجنوني والفشل العام في الاقتصاد وعمليات النهب العام المنظم قد أصبحت تلك الاحتياجات "الأساسية"مهددة – بل وغائبة - عند الكثير جدا من المصريين، الذين أصبح أغلبهم تحت خط الفقر بينما تحتكر الثروة القومية حفنة ضيقة من رجال الأعمال القريبين من بيت الرئاسة سواء من الأب أو من الابن الوريث المنتظر!!

هذا النظام بمختلف أجهزته وأمن دولته وأمنه المركزي قد تحول إلى (مبيد بشري) سيقضي على وجودنا إذا استمر يحكمنا أكثر من ذلك أو حتى تم استنساخ نفس السياسة – عبر التوريث- التي أوصلتنا إلى الحضيض، وبتنا في حاجة إلى الصعود حتى الهاوية!. يجب علينا أن نعي جيدا أن وجود هذا النظام "القاتل" يهدد وجودنا.. وأن العصيان المدني والثورة السلمية ليس ترفا نريده من باب الكبرياء .. بل ضرورة من أجل الوجود والبقاء، ليس فقط من أجل الخلاص .. إنما أيضا من أجل دماء خالد وكل ضحايا النظام .. وجب علينا القصاص!

الاثنين، 14 يونيو 2010

دم خالد .. جريمة نظام




دم خالد .. جريمة نظام


كلنا مهددون بالتعذيب .. بل والقتل!، والتعذيب سابقا كان يتم في أقسام الشرطة أو في المعتقلات لكنه اليوم في تلك الفترة السوداء من تاريخ مصر يتم في الشارع "عيني عينك" وليس تعذيبا فقط بل والقتل على مرآى ومسمع من الجميع!. كل ذنب المواطن خالد سعيد أن أوراقه الرسمية مكتوب أمام خانة الجنسية بها كلمة "مصري"!، فأي مصري مهدد بالتعذيب والقتل طالما تحكمنا عصابة احتلال وحشية وليس نظاما بالمفهوم الطبيعي للكلمة!

القصة معلومة للجميع. طبقا لشهادة الشهود أن خالد ابن الاسكندرية كان في مقهى للإنترنت حينما دخل مخبرين من قسم شرطة سيدي جابر وأرادوا تفتيش الجميع وبطريقة مهينة اعترض خالد على الطريقة الهمجية تلك فانهالوا عليه بالضرب في الشارع حتى الموت!. تخيل أنه بهذه البساطة أزهقت روح إنسان، تخيل أنك قد تتعرض لمثل هذا الموقف، فخالد قد يكون في يوم من الأيام أنت، أو أخوك، أو قريبك، أو جارك، أو صديقك!، تخيل شعور والدة خالد وأسرته بالمرارة والظلم والقهر، تخيل شعور أصدقاؤه وجيرانه ممن شهدوا الواقعة الكبرى يوم قتله أمامهم في الشارع!

لست مهتما بالتبريرات الحمقاء والساذجة التي ترددها وزارة الداخلية، والهدف منها إغراقنا في التفاصيل، في البداية أرادوا تشويه سمعة خالد حتى يكسروا حالة التعاطف الشعبي الكبيرة جدا معه، فقالوا أنه متهرب من أداء الخدمة العسكرية ثم ثبت كذبهم وظهرت شهادته العسكرية!، قالوا إنه توفى نتيجة ابتلاعه لفافة مخدرات ثم أيضا ثبت كذبهم وأكد الشهود أن خالد تم تعذيبه أمام الجميع بالضرب المبرح حتى فاضت روحه معلنة احتجاجها على هذا القهر وعلى كل تلك الوحشية فربه أرحم به من مجرمي النظام!، لم يقل لنا هؤلاء الكذابون تبريرا لصورة خالد وهي مشوهة بعد الاعتداء عليه بقسوة متناهية؟!، وهي الصورة التي انتشرت في كل مواقع الانترنت والفيس بوك، لم يقولوا لنا ما هو القانون الذي الذي أباح لهم دم خالد دون محاكمة أو أي فرصة للدفاع عن نفسه!، لقد خالفوا كل القوانين الجنائية والأخلاقية والإنسانية!

تسببت قصة قتل خالد على يد اثنين من رجال الشرطة – المفروض أنهم يحمون المجتمع – في حالة مرارة واسعة لدى الكثير من الشعب المصري، ويفسر ذلك تعاطف الآلاف مع الصفحة التي أسسها الشباب للمطالبة بالقصاص من قتلة خالد على الفيس بوك وتجاوز عدد المشتركين بها 100 ألف في غضون ساعات من مقتله، اندلعت المظاهرات سواء في الإسكندرية أو القاهرة، وتعامل الأمن بغباء سواء في الإسكندرية أو القاهرة أيضا!. الحقيقة أن حالة الهياج والعنف الأمني المتواصلة والمتزايدة تعبر عن حالة عميقة من عدم الثقة بالنفس ويقين كامل من قبل النظام بأنه مجرم ومسؤول مسؤولية كاملة عن تلك الجريمة الشنعاء. لم يكتف النظام بقتل خالد وفقط بل تم الاعتداء بوحشية على الشباب والبنات المحتجين والمطالبين بالقصاص من قتلة خالد في الإسكندرية، وكذلك تم إلقاء القبض على المتظاهرين في ميدان لاظوغلي بالقرب من وزارة الداخلية بالقاهرة، وهم يهتفون ضد وزير التعذيب الذي لم يأخذ من الحب والعدل غير الاسم فقط "حبيب العادلي"!!

إن جريمة قتل خالد ليست جريمة اثنين من المخبرين ولا ضابط قسم شرطة سيدي جابر ولا حتى وزير الداخلية وفقط، بل هي جريمة نظام بأكمله من أول رئيس الجمهورية وحتى المخبر الذي ارتكب الجريمة. ولسنا نتحدث من باب المزايدة ونريد أن نحمل رئيس الجمهورية شخصيا كل ما يحدث في البلاد من كوارث – على الرغم من أنه فعلا مسؤول عن ذلك – إلا أن الدستور المصري ينص في مادته 184 أن الشرطة رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية.

حينما قلنا سابقا أن مصر محتلة لم نكن نبالغ، فجريمة قتل خالد الوحشية تلك هي من نوعية جرائم الاحتلال ضد الشعوب المقهورة، إن دم خالد سيبقى ساخنا فوارا يطالب بالثأر والقصاص. والقصاص لن يكون إلا بتحرير مصر من ذلك النظام "القاتل" الذي يهدد بقاء الإنسان المصري سواء بقتله بطريقة بطيئة عبر أغذية فاسدة ومسرطنة، ومياه ملوثة مختلطة بمياه الصرف الصحي، ونظام تعليمي متخلف، ونظام صحي يجلب الأمراض أكثر مما يعالجها!، أو يقتله مباشرة بالتعذيب في أقسام الشرطة أو حتى في الشارع!

كلنا مهددون كما ذكرت، كلنا علينا القصاص لدم خالد الذي سيبقى في أعناقنا إلى الأبد إذا لم نقم بإسقاط هذا النظام، وإذا كان العصيان المدني سابقا ضرورة حتمية من أجل الخلاص، فإنه أصبح اليوم واجبا أخلاقيا من أجل الثأر والقصاص .. والخلاص أيضا!

الثلاثاء، 8 يونيو 2010

مبارك بعيون إسرائيلية!


مبارك بعيون إسرائيلية!



كاتب إسرائيلي: مبارك الأكثر قربا لنتنياهو ولا يخشى مصافحته كأوباما!


مبارك حول مصر من بلد تابع إلى مستعمرة وبلد محتل!


هذه هي صورة "رئيس مصر" في عيون "أعداء مصر" والعصيان المدني هو الطريق الوحيد الصحيح.


دهشتي بما قرأته وسأرويه في هذا المقال ليست بسبب حداثة تلك المعلومات على مخيلتي فمعظمها إن لم تكن كلها أعلمها مسبقا، بل ربما يعلمها كل متابع للأحداث وأكاد أجزم أنه يعلمها معظم الشعب المصري. لكن دهشتي تركزت في تلك الجرأة البغيضة إلى حد أن تكشف الجرائد الإسرائيلية والبريطانية هذه المعلومات!

نحن أمام جريمة تاريخية بحق بلد كان طيلة العصور مركز المنطقة، بلد عميق الأثر في التاريخ .. استراتيجي الموقع في الجغرافيا .. مصر التي قال عنها نابليون بونابرت إنها أهم بلد في الدنيا، أما مصر في ظل حكم مبارك فسأكتفي بما كتبه "الأعداء" عنها في تلك الفترة السوداء من تاريخها!

أبدأ بما كتبه ألوف بن أحد كبار المحللين السياسيين في جريدة هاآرتس الإسرائيلية والمعروف عنه قربه من دوائر صنع القرار في إسرائيل، حيث كتب مقالا تحت عنوان "صلوات لسلامة مبارك" حمل في طياته كلمات من المدهش حقا أن تصدر عن كاتب إسرائيلي. يقول ألوف بن في هاآرتس أن الرئيس المصري حسني مبارك هو الرئيس الأكثر قربا لبنيامين نتنياهو مدللا ذلك بأن مبارك ونتنياهو التقيا أربع مرات منذ عودة نتنياهو الأخيرة للحكم بل الأكثر من ذلك أن مبارك في رأي الكاتب الإسرائيلي أكثر قربا لنتنياهو من باراك أوباما نفسه حيث أن مبارك – كما يقول ألوف بن – لا يخشى مصافحة نتنياهو أمام الكاميرات بينما يخشى ذلك أوباما نتيجة للخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول إيقاف الاستيطان!!

يستمر ألوف بن مؤكدا أن هناك تعاونا مصريا – إسرائيليا في فرض الحصار على قطاع غزة وإضعاف حكومة حماس هناك، وحول الرأي العام العالمي الذي أصبح متعاطفا مع القطاع المحاصر يشير الكاتب أن بنيامين نتنياهو لا يرد على تلك الأصوات الغاضبة من الحصار الإسرائيلي على غزة بأن لها حدودا أخرى مع مصر، بل نتنياهو – كما يقول ألوف بن – على استعداد لامتصاص الانتقادات الدولية ضده والظهور بمظهر الشرير أمام العالم ولكن لا يغضب حليفه الأقوى حسني مبارك!!

وعن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية (كامب ديفيد) يتحدث الكاتب الإسرائيلي أنها تم توقيعها بعد أسابيع قليلة من سقوط شاه إيران – حليف إسرائيل القديم – ليتم بعد ذلك جعل مصر بدلا من إيران حليفة استراتيجية لإسرائيل وموردا رئيسيا للطاقة (بترول وغاز)، ويؤكد الكاتب الإسرائيلي أن مصر في عصر مبارك قامت بمنح إسرائيل دعما استراتيجيا وضمنت لها استقرارا أمنيا مما أدى إلى تخفيض الميزانية الأمنية لإسرائيل، وقلل من وضع قوة نظامية كبيرة في صحراء النقب الحدودية مع سيناء، ونتيجة لذلك تفرغت إسرائيل لقمع الانتفاضات في جوانب أخرى في الداخل سواء في الضفة أو غزة!. وينهي ألوف بن مقاله في هاآرتس بأمنية إسرائلية "غالية وحارة" وهي كما يقول "إطالة عمر مبارك للأبد ليبقى (معنا)" !!

وفي دراسة أخرى للكاتب البريطاني أدم شاتز نشرتها مجلة "لندن ريفيو بوكس" تحت عنوان نفس مبارك الأخير جاء فيها أن ما كان يقال بأن ما يحدث في مصر يؤثر في العالم لم يعد صحيحا. فالوضع تغير في عهد مبارك ولم يعد يحدث في مصر الكثير يمكنه التأثير في العالم العربي. لأن مصر – كما تقول الدراسة – تراجعت بقوة وأدى الفراغ الذي تركته مصر إلى دور أكبر لقوى إقليمية أخرى مثل تركيا وإيران، وحتى قطر الصغيرة أصبح لها سياسة خارجية أكثر استقلالية بالنسبة لمصر.

ويقول الكاتب البريطاني أن كثير من العرب والمصريين أنفسهم يعتبرون مصر الرسمية دولة (عميلة) لأمريكا وإسرائيل اللتين تعتمدان على مبارك لضمان الاستقرار الإقليمي في إطار الصراع مع محور الممانعة التي تقوده إيران.

وتقول الدراسة أن حسين سالم وهو أحد المقربين من أسرة مبارك صاحب شركة شرق المتوسط للغاز التي تصدر الغاز المصري لإسرائيل بسعر أقل من سعر تكلفته منذ أوائل 2008م في الوقت الذي كانت إسرائيل تشدد الحصار على قطاع غزة!

هذه كانت مقتطفات من بعض رسائل المديح السامي من الإسرائيلين – المفروض أنهم أعداء – وحلفاؤهم في حق رئيس مصر حسني مبارك. وحين تتضح أمامنا هذه الحقائق على طريقة وشهد شاهد من أهلها – وما خفي كان أعظم – لا نبالغ إذا قلنا أن مبارك قد حكم بلدا في بداية عصره تابعا لأمريكا وإسرائيل بموجب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية (كامب ديفيد) فحولها مبارك إلى "مستعمرة" بالفعل لأمريكا وإسرائيل! .. نعم أصبحت مصر بلدا محتلا بالمعنى الكامل للكلمة فاستقلال القرار السياسي لا ينفصل عن استقلال الأرض.

تنازلات مبارك أمر طبيعي جدا لرئيس فقد أي تأييد شعبي وما بقى له فقط هو رضا أمريكا وإسرائيل عنه. ففي الوقت الذي تنهمر قصائد الغزل الإسرائيلية في عيون الرئيس مبارك تجد عامة المصريين في حالة بؤس كامل وقد ضاقوا من فترة حكمه التي تحولت إلى سرداب مظلم في تاريخ هذا البلد!

وتلك التنازلات لا تعد ولا تحصى فمن الصمت على اجتياح بيروت عام 1982م إلى المشاركة جنبا إلى جنب مع الجيش الأمريكي في حرب الخليج الأولى 1990 ضد العراق ثم السماح بعبور الطائرات الأمريكية من المجال الجوي المصري والبوارج الحربية من المياه الإقليمية عام 2003م في عملية احتلال العراق، ثم الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام معززا مكرما وأخيرا وليس أخرا المشاركة مع إسرائيل في حصار وتجويع قطاع غزة وبناء جدار فولاذي معها!!

فيا شعب مصر العظيم هذه هي صورة "رئيس مصر" في عيون "أعداء مصر" الصورة التي لخصها بنيامين أليعاذر وزير البنية التحتية الإسرائيلي وقائد وحدة شاكيد التي ارتكبت مجزرة بشعة في حق الأسرى المصريين عام 1967م حيث قال أن مبارك "(كنز) إسرائيل الاستراتيجي" !!

يا شعب مصر العظيم .. هل من طريق للخلاص؟! .. لم يعد ممكنا الصمت على كل تلك الجرائم في حق مصر وتاريخها .. وكل يوم يمر يؤكد عدم شرعية هذا النظام، ويؤكد أنه لا طريق صحيح يلوح في الأفق سوى العصيان المدني .. غدا ننتصر!