الاثنين، 21 يونيو 2010

نظام مبيد بشري!!


نظام مبيد بشري!!


الملفت في قصة قتل الشاب "المصري" خالد سعيد – تعذيبا – أنها مباشرة وواضحة لا تقبل أي تبرير، بل على العكس التبرير والتنظير فيها يجلب من السخط والحنق العام أكثر من الواقعة ذاتها!. التباين الرهيب بين صورة خالد الطبيعية وصورته بعد التعذيب وهو جثة هامدة ثم شهادة الشهود جعل أي كلام آخر يقوله النظام – الكذاب بطبيعة تكوينه – مصدر غضب أكبر مما يتخيله!

أهم ما في القصة كما ذكرت أنها مباشرة، فكل من رأى الصورة وعرف القصة قد شعر بالحنق والغضب والسخط أولا، ثم حين تهدأ تلك المشاعر يزحف القلق من المستقبل مكانها. ظلت السياسة لعقود طويلة تمثل فزعا عاما عند المصريين الذين اختاروا المشي جنب الحيط – أو داخله – معتقدين أن هذه الطريقة تجلب دائما السلامة!، لكن ما حدث مع خالد - وهي ليست القصة الأولى ولن تكون الأخيرة – أثبت لنا جميعا أن كلنا تحت التهديد الدائم!، فخالد لم يكن سياسيا، ولم يشترك في مظاهرة قط، مجرد شاب مصري الملامح كالآلاف مما تراهم حولك، يظهر من عينيه براءة ووداعة تشعرك أنه أخوك أو ابنك لكنه لقى حتفه دون أي ذنب!

ولأن فشل أي نظرية يحتم علينا إعادة التفكير فيها وتجربة أخرى، ويتضح جليا الآن فشل نظرية "المشي جنب الحيط" فكلنا مهددون سواء سياسيين أو ماشون جنب الحيط!، ودماء خالد سعيد مثال عملي لا يقبل الشك والتأويل، لذلك أعتقد أننا مقبلون على عصر المشي في وسط الشارع!، وأن مرادفات الخوف والذل تقترب أن تحذف من قواميس المصريين، والتظاهرات الحاشدة في الإسكندرية والقاهرة خير دليل على ذلك، فالآلاف الغاضبون في ميدان كليوبترا بالإسكندرية وإخوانهم الذين تظاهروا أمام وزارة الداخلية في ميدان لاظوغلي ثم تظاهروا ثانيا في ميدان التحرير وخرجوا بالمسيرة حتى نقابة الصحفيين بالقاهرة قد تعرضوا جميعا لاعتداءات وحشية من قبل الأمن، لكنهم قهروا ذلك الخوف وتغلبوا عليه وتحملوا الترويع والاعتقال والضرب لأنهم جميعا شعروا بإمكانية تكرار قصة خالد معهم أو إخوتهم أو أقاربهم وكما يقول المثل الشعبي المصري "ياروح ما بعدك روح"!

الحقيقة أن النظام الذي يحكمنا "قاتل" بطبعه!، احترف القتل الممنهج ودخل في حرب "إبادة" ضد المصريين منذ زمن، فدماء ضحايا الدويقة وعبارة الموت وقطار الصعيد وحريق بني سويف كلها أزهقت لأن نظاما فاسدا قاتلا يحكمنا، فالفساد المتفشي في كل أجهزة نظام مبارك يمثل السبب الرئيسي في كل تلك الجرائم، الأكثر من ذلك أن حرب الإبادة البشرية التي احترفها النظام تعمل أيضا بصورة دائمة وغير مباشرة، مثلا نذكر أنه في عصر مبارك –الطويل جدا والكئيب جدا جدا – بلغ عدد المصابين بالالتهاب الكبد الوبائي فيرس سي 13 مليونا من المصريين ويمثل هذا الرقم ثلث المصابين بالمرض في العالم كله لتحتل مصر – في ظل حكم مبارك – المرتبة الأولى عالميا بعدد المصابين بهذا المرض!. ثم تجد أن أعداد المصابين بأمراض الفشل الكلوي والأمراض السرطانية في تزايد مستمر ومن أكبر المعدلات العالمية أيضا، وكل ذلك نتيجة "إنجازات" هذا النظام القاتل من أغذية فاسدة ومبيدات مسرطنة ومصانع غير مطابقة للمواصفات البيئية ترمي مخلفاتها في النيل، واختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي والري بمياه المجاري وغير ذلك من مصائب وكوارث ارتبطت ارتباطا لصيقا بنظام مبارك وحاشيته!

أليس كل ذلك يعد قتلا منهجيا؟! ثم ألا يعد اغتيال الأمل قتلا أيضا؟!، ألا يعد كون عدد الشباب والشابات الذين بلغوا سن الزواج دون زواج عشرة ملايين بالأرقام الرسمية قتلا للحياة الطبيعية التي خلقنا الله عليها؟!. نعلم جميعا أن احتياجات الإنسان الأساسية "للحياة" هي المأكل والملبس والمسكن، ونعلم أيضا أنه مع ارتفاع الأسعار الجنوني والفشل العام في الاقتصاد وعمليات النهب العام المنظم قد أصبحت تلك الاحتياجات "الأساسية"مهددة – بل وغائبة - عند الكثير جدا من المصريين، الذين أصبح أغلبهم تحت خط الفقر بينما تحتكر الثروة القومية حفنة ضيقة من رجال الأعمال القريبين من بيت الرئاسة سواء من الأب أو من الابن الوريث المنتظر!!

هذا النظام بمختلف أجهزته وأمن دولته وأمنه المركزي قد تحول إلى (مبيد بشري) سيقضي على وجودنا إذا استمر يحكمنا أكثر من ذلك أو حتى تم استنساخ نفس السياسة – عبر التوريث- التي أوصلتنا إلى الحضيض، وبتنا في حاجة إلى الصعود حتى الهاوية!. يجب علينا أن نعي جيدا أن وجود هذا النظام "القاتل" يهدد وجودنا.. وأن العصيان المدني والثورة السلمية ليس ترفا نريده من باب الكبرياء .. بل ضرورة من أجل الوجود والبقاء، ليس فقط من أجل الخلاص .. إنما أيضا من أجل دماء خالد وكل ضحايا النظام .. وجب علينا القصاص!

هناك 4 تعليقات:

admin يقول...

كان الله في عونكم مع هذا النظام الفاسد..

هذه مساهمة بسيطة مني في نفس الموضوع

http://sohba-liberter.blogspot.com/2010/06/blog-post_22.html

شريف فتحى جامع يقول...

مهندس محمد عبد لعزيز
فى عنوان مقالكم هذا أعتقد أنكم أصبتم كبد الحقيقة فى وصفكم هذا النظام بأنة نظاما " مبيد بشرى " نعم أنا أتفق معك كل الإتفاق فى أنة مبيد بشرى فتاك هذا النظام الذى لا يخجل من أن يقتل و يسحل و بدم بارد مواطنية هو حقا نظام مبيد بشرى ............... يا الله
إلى الأمام أخى و دائما موفق
تحياتى لك
شريف جامع

غير معرف يقول...

أنا هقول لحضرتك رأى وده مش تشاؤم لكن واقعية ... هل ممكن الوصول للقمر فى نصف ساعة؟؟؟ الاجابة قطعا لا ... هذا تماما هو حالنا مع التغيير ... كرسى الرئاسة فى الفترة الرئاسية القادمة سيكون لمبارك الأب أو الابن والدستور لن يتغير فى هذه الفتره القصيرة قبل فتح باب الترشح ... ظهرت المطالبات بتغيير الدستور متأخرة؛ كان يجب أن تبدأ منذ عامين على الأقل ... نحن نحتاج 40 مليون توقيع وأكثر وحتى الآن عدد الموقعين آلاف ... نحن نحتاج لشعب له وعى سياسى ولا يقبل الخنوع وحتى الآن الين يسحلوا ويُضربوا ويُعتقلوا فى المظاهرات هم آلاف من أصل 80 مليون ... آسفة لكن خالد سعيد لن يكون الأخير وانتظر مثله العديد قريبا وخلال الست سنوات القادمة ... الأمل فعلا أن يحدث تغير الفترة الرئاسية بعد المقبلة ... لكن الفترة المقبلة لا أعتقد

مصري حر يقول...

إلى خالد

أشكرك على مرورك وتحياتي لمدونتك الجميلة والراقية

إلى شريف

أشكرك على كلماتك الرائعة

إلى هند
--------------------
يمكن أبدا ان يستجب النظام لمطالب التعديل فهذا امر يتعلق بوجوده .... التغيير لن يحدث بمطالبة النظام وانما بالصدام معه .. وكل الثورات الشعبية حدثت بهذه الطريقه ... اعتقد ان التغيير سيحدث بهذه الطريقة وهذا ما قصدته بالعصيان المدني والثورة السلمية ... اما اذا لعبنا اننا نقول للنظام والنبي يا نظام اعملنا انتخابات كويسة عشان ننافسك فيها ده اسم... See Moreه كلام فارغ .. لن يهزم هذا النظام في اي انتخابات هو اللي بيديرها لا السنة دي ولا السنة الجاية ولا بعد سنتين ... انما ما يمكن ان يحدث التغيير اجبار التظام على الرحيل حينما يجد انه غير قادر على تسيير امور البلاد لان حالة العصيان تشل كل المرافق .. لا خطوط سكة حديد شغالة ولا مواصلات والشعب معتصم في الشارع يطالب بالتغيير .. تروا أن هذا الامر بعيييييييييييييد ولن يحدث ...؟؟؟؟ يممكن .. لكني ارى ان الثورات دائما تحدث من شرارة بعد حالة من الاحتقان والغليان الشديد .... حالة الغليان موجودة ..ز ناقص الشرارة ... وعلى فكرة ممكن جدا جدا