الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

مبارك ونتنياهو .. لقاء الأحباب!

مبارك ونتنياهو .. لقاء الأحباب!

كلما كتبت عن طبيعة العلاقة بين النظام الحاكم في مصر و"إسرائيل" أجد صعوبة بالغة، لأن هذه "العلاقة الحميمة" آثمة جدا لدرجة أن توصيفها كما هي قد يوقعك تحت طائلة شرطة الآداب قبل مباحث أمن الدولة!

يصل يوم الثلاثاء 27 ديسمبر عوزري آراد مستشار الأمن القومي "الإسرائيلي" من أجل تمهيد زيارة نتنياهو المقررة لمصر خلال أيام، على الرغم من كل ما يبدو أنه مضاد لتلك الزيارة في هذا التوقيت تحديدا، لكن لأن النظام المصري أخذ على عاتقه منذ زمن تنفيذ سياسة "إسرائيل أولا"، حتى أن شاهدا من أهله - بنيامين بن آلي عاذر - قد وصف الرئيس مبارك بأنه كنز "إسرائيل" الاستراتيجي!، يتضح أن الحقيقة هي كون استقبال نتنياهو بالورود أمر محبب للنظام الحاكم يشكو له لوعة الفراق في ليالي العشاق!

تأتي هذه الزيارة - العجيبة في توقيتها - بعد أيام من الكشف عن شبكة تجسس "إسرائيلية" داخل مصر، مكونة من مصري اسمه طارق عبدالرازق عيسى، وضابطين "إسرائيلين" بالموساد. وطبقا لتحقيقات النيابة فإن أهداف عملية الموساد - الفاشلة - كانت تجنيد سوريين ولبنانيين للعمل مع الموساد، وأن المتهم المصري طارق قد التقى بناءا على طلب ضابطي الموساد بمسؤول سوري رفيع المستوى على صلة بالبرنامج النووي السوري، كما حاول المتهم المصري بناءا على طلب من رجال الموساد تجنيد شارل أيوب رئيس تحرير الديار اللبنانية!. أهم ما حاولت استخلاصه مما نشر في الجرائد من تحقيقات النيابة في تلك القضية هو كالآتي:

أولا: أن جهاز المخابرات العامة قدم للنائب العام تفاصيل تحركات المتهم المصري طارق داخل وخارج مصر ومراسلاته الالكترونية منذ عام 2007م، مما يعني أنه كان تحت السيطرة من البداية، وهذه إشارة لابد منها لكفاءة رجال المخابرات المصرية، ونحن في أمس الحاجة لاستعادة أمجدانا في الصراع ضد "العدو الإسرائيلي"، وفي أمس الحاجة لتحقيق انتصار يشعرنا بالفخر غير انتصارات كرة القدم!

ثانيا: أن طبيعة المهمة المكلف بها المتهم المصري من تجنيد سوريين ولبنانيين غريبة جدا، فلماذا لا يجند الموساد سوري أو لبناني يقوم بالمهمة في سوريا أو لبنان، وكأن الهدف من تلك العملية أن يكشف المتهم فيتم وضع مصر في حرج أمام سوريا ولبنان، خاصة في ظل علاقات مصرية - سورية متوترة، وفي ظل بركان مكتوم على وشك الانفجار في أي وقت تقع فوقه لبنان بسبب المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في قضية اغتيال رفيق الحريري.

ثالثا: أن المخابرات المصرية قامت بتسليم سوريا تقريرا بجميع الوثائق التي سلمها المسؤول السوري "لإسرائيل"، والتي كانت بحوذة المتهم المصري الوسيط بين المسؤول السوري والموساد، وقد ذكرت جريدة الشروق المصرية (25 ديسمبر) أن محكمة سورية قضت بإعدام هذا المسؤول السوري الشهر الماضي.

كل ما سبق على ما يبدو لم يجعل الرئيس مبارك يشعر بحرج وهو ينوي استقبال نتنياهو خلال الأيام المقبلة!، أما الخبر الآخر المتعلق بقصة شبكة الجاسوسية السابق ذكرها هو مغادرة السفير "الإسرائيلي" للقاهرة بعد الكشف عن شبكة التجسس تلك، فقد ربطت كثير من الجرائد المصرية مغادرة السفير بتوتر في العلاقات قد يكون نشب بعد الكشف عن شبكة التجسس، إلا أن الأحداث اللاحقة قد بددت ذلك الظن بالتوتر الذي كنت أرجوه، وأوضحت أن العلاقات كما يقول المثل الشعبي بالعامية المصرية "مية فل واربعتاشر!!"، فد أكدت صحيفة يدعوت أحرنوت "الإسرائيلية" (26 ديسمبر) أنه لا فتور في العلاقات بين مصر و"إسرائيل"، كما صرح السفير "الإسرائيلي" لوكالة (د.ب.أ) للأنباء بعدم وجود أية علاقة بين مغادرته للقاهرة والكشف عن شبكة التجسس، وأكد يتسحاق ليفانون السفير "الإسرائيلي" أنه ذهب إلى القدس (المحتلة) لحضور مؤتمر سفراء "إسرائيل" المنعقد هناك!، بل أكد أيضا على أهمية اللقاء المرتقب بين مبارك ونتنياهو خلال أيام!!

قد يبدو ما سبق مثير لفقعة المرارة، ولا أغالي لو قلت أنه مثير للغثيان أيضا!، لكنه إذا وضع بجانب الخبر الآتي فإن الصورة تصبح أكثر عبثا، وأكثر إشمئزازا!. حيث يعتزم تامير باردو رئيس الموساد الجديد تقديم اعتذار لبريطانيا بسبب استخدام الموساد لجوازات سفر بريطانية مزورة في عملية اغتيال المبحوح القيادي في حركة حماس!، وذكرت صحيفة الديلي تليجراف البريطانية (26 ديسمبر) أن الشهر القادم سيشهد لقاءا بين رئيس الموساد الجديد ووزير الخارجية البريطانية ليقدم اعتذارا رسميا، بل إن هناك أنباء تشير إلى تغيير رئيس الموساد السابق مائير داجان كان بسبب إرضاء بريطانيا - حليفة "إسرائيل" المقربة - على إثر توتر العلاقات بينهما بعد قضية جوازات السفر المزورة!!، يبدو الآن أن النظام المصري قد أصبح أكثر قربا وودا "لإسرائيل" من بريطانيا التي قامت "إسرائيل" بفضل وعد بلفور وزير خارجيتها، وبتشجيع قوي من الانتداب البريطاني على فلسطين الذي سهل هجرة الصهاينة إليها!!، فعلى الرغم من تلك العلاقة المتميزة بين "إسرائيل" وبريطانيا فقد تسبب مجرد استخدام جوازات سفر مزورة لبريطانيا في عملية اغتيال المبحوح في تغيير رئيس الموساد ثم تقديم اعتذار رسمي، أما حين كشفت مصر شبكة تجسس "إسرائيلية" تضر بأمنها القومي، وتضر جيرانها العرب، فإن الرئيس مبارك يستعد للقاء نتنياهو بعدها بأيام!، في لقاء مريب يذكرنا بزيارة ليفني قبل ضرب غزة في مجزرة الرصاص المصبوب، واليوم ومع تجدد المناوشات على حدود القطاع، وتصريحات لمسؤولين "إسرائيليين" باحتمال حدوث عملية عسكرية أخرى على قطاع غزة، قد تكون هذه الزيارة تمهيدا لشئ خطير آخر يدبر في الخفاء بين الصديقين الحميمين مبارك ونتنياهو!

أذكر أنه في يوم الزيارة الأخيرة التي قام بها نتنياهو لمصر قام مجموعة من الشخصيات العامة والمثقفين - يشرفني أني كنت أحدهم - بتقديم بلاغ للنائب العام يطالب بإلقاء القبض على نتنياهو فور وصوله مصر لأنه مجرم حرب، مستندين في ذلك البلاغ إلى تقرير القاضي جولدستون الذي أدان "إسرائيل" في حربها البربرية على غزة، لا نعلم ماذا جرى في ذلك البلاغ حتى الآن، فمن الطبيعي أن شخصا كنتنياهو يجب القبض عليه لا أن يستقبل بالورود على السجادة الحمراء في شرم الشيخ!، لكن لأننا تحت حكم نظام واقع في عشق "إسرائيل" من رأسه حتى قدميه، وعاشق لكل من يأتي من طرفها، ستجد نتنياهو في أحضان ذلك النظام، أما من تضامن مع غزة كمجدي حسين مكانه هو غياهب السجون! 

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

وعلى المتضرر اللجوء إلى الشارع!



وعلى المتضرر اللجوء إلى الشارع!

عنوان هذا المقال ليس جملة كما في أفلام سينما السابعينات والثمانينات من القرن الماضي للدلالة على البطئ وعدم الانجاز، حيث استعمل تعبير وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء وقتها للتعبير أن النظام القضائي في مصر يحقق عدالة طويلة المدى وغير ناجزة ومعطلة للمصالح، قد يكون ذلك الأمر صحيحا في الغالب، لكن ما حدث من دور قضائي تاريخي لقضاة مجلس الدولة الشرفاء يضعنا أمام صورة جديدة، أكثر بريقا وأروع إشراقا!

ما حدث في المهزلة التي أسموها انتخابات كان بلا شك جانبا مظلما شديد السواد من تاريخ هذا البلد المنكوب، لكنه فتح بصيصا آخر من نور آت من منصة القضاء الإداري الطاهرة، التي وقفت بالمرصاد لمحاولة النظام الغاشمة التهام الوطن دون أي خسائر تذكر له عبر انتخابات غير شرعية، عبر انتخابات لا تحمل من الانتخابات غير اسم مخادع يمثل انتحالا للصفة أكثر مما يدل عليها!. كما أن القضاء الإداري هذه المرة كان ناجزا سريعا سبق يد التزوير في كشف الحقيقة واستجلاء عدم شرعية ذلك المسخ الذي اسموه برلمان حتى قبل أن تتم مهزلة الانتخابات. فإن كنا – في حركة كفاية، والمعارضة الجذرية – أسقطنا الشرعية السياسية التي كانت تغطي عورات ذلك النظام عبر دعوتنا لمقاطعة تلك المسرحية تصويتا وترشيحا، فإن القضاء الإداري قال كلمته ليصبح ذلك البرلمان الذي أقسم يمينا "كاذبا" باطلا سياسيا وقانونيا!.

أهم ما يشغلني الآن أنه في ظل نظام متوحش كالذي يحكمنا بالتأكيد سيكشر عن أنيابه للقضاة الشرفاء في مجلس الدولة، بعد أن شكلوا صداعا مزمنا لم يعد النظام قادرا على نسيانه على الرغم من عدم تنفيذه تلك الأحكام الخاصة ببطلان مجلس النهب "الشعب سابقا"!، وبالتالي وجب علينا نحن الجماعة الوطنية بكافة أطيافها أن نحمي ظهور هؤلاء القضاة الشرفاء، ولا نتركهم فريسة لمصاصي دماء الحزب الحاكم!. قد كتبت سابقا – وغيري الكثير – عن ضرورة تشكيل برلمان بديل ذو طابع شعبي يكتسب شرعية بسبب طبيعة تكوينه من موردين أساسيين، النواب المعارضين السابقين على مدار 30 عاما، يضاف إلى المورد السابق موردا آخر هو شخصيات عامة لها احترام وثقل تضم أساتذة جامعات، صحفيين، محاميين، قضاة سابقين، قادة الاحتجاجات الاجتماعية والحركات السياسية، ممثلين عن الحركات الشبابية والمدونين.

أخطر ما قد يصيب تلك الفكرة العبقرية – البرلمان البديل – من عوار هو أن يتحول ذلك البرلمان إلى منبر للرأي، أو سرادق عزاء كبير يشكي فيه المجروحون من مهزلة الانتخابات همومهم!، أو أن يكون كما صرح البعض في جرائد مصرية مستقلة وأجنبية أن هدف ذلك البرلمان البديل سيكون تقديم تشريعات "كمقترحات" للحكومة المصرية!!، فذلك أمر غاية في السذاجة، وأعتقد أنه بات واضحا للبعيد قبل القريب أن باب التغيير عبر تقديم مطالب إصلاحية قد جرب وأثبت فشله منذ 2005 حتى الآن، وأخيرا أغلق هذا الباب صفعا من قبل النظام بالمهزلة والفعل الفاضح الذي أسموه انتخابات!

إن الفلسفة التي يجب أن يتمحور حولها فكرة البرلمان البديل هي أن يقوم ذلك البرلمان باختيار مجلس رئاسي بديل، يكتسب بعدا وعمقا شعبيا نتيجة ارتباط النواب السابقين بقواعد شعبية حقيقية في دوائرهم، والطلب الملح على هذا المجلس الرئاسي لا أن يكون حكومة ظل تقدم مقترحات، بل أن يكون قائدا ينازع النظام في معركة من أجل التغيير الجذري عن طريق تنظيم مظاهرات حاشدة مكونة من الموارد البشرية الرئيسية لتكوين البرلمان البديل، تلك الخطة هي إحدى خطوات العصيان المدني الذي نراه طريقا وحيدا للخلاص من ذلك النظام القابع على صدورنا وأنفاسنا منذ أكثر من ربع قرن!

مفيد أن يتوجه النواب الذين أسقطتهم يد التزوير المجرمة إلى القضاء، وأحكام القضاء التاريخية ببطلان الانتخابات تعري عورات هذا النظام أكثر وأكثر، لكن في ظل نظام لم يعد يعبأ بأحد حتى وإن انكشفت عورته!، لم يعد أمامنا سوى رأي الشعب، لذلك على المتضرر اللجوء إلى الشعب، على المتضرر اللجوء إلى الشارع، ومصر كلها متضررة .. إذا إلى العصيان يا رفاق!

الاثنين، 6 ديسمبر 2010

الطريق إلى العصيان!

الطريق إلى العصيان!


قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، رفعت الأقلام وجفت الصحف!. وما كنا نطرحه سابقا باعتباره رأينا وخيارنا في طريق التغيير أصبح اليوم هو الخيار الوحيد، يتجمع حوله تباعا مختلف مكونات الطيف السياسي وكافة القوى الوطنية، كأننا أشعلنا نبراسا في ظلام دامس تجمع حول نوره كل الفراشات التائهة بمختلف ألوانها. لقد وضعنا النظام جميعا – بغباء شديد منه – في خندق واحد وعلى طريق واحد، ولم يعد هناك من مفر سوى السير في ذلك الطريق بخطوات متحدة، وأيادي متشابكة، فلا عجب الآن إن وجهت من عميق قلبي شكري وامتناني لهذا النظام الذي يلعب في الوقت الضائع من سنواته الأخيرة!. نحاول في هذا المقال أن نحدد خطانا، ونستكشف ملامح الطريق، ماذا بعد الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات؟!، ماذا بعد انسحاب الإخوان والوفد من جولة الإعادة؟!، ماذا بعد أحكام القضاء الإداري التاريخية ببطلان الانتخابات؟!

يبدو أنه رويدا رويدا تتضح صورة عدم الشرعية والمأزق الذي يمر به نظام الحكم في مصر، فإن كنا في حركة كفاية والمعارضة الجذرية الجديدة قد قمنا بإسقاط الشرعية السياسية عن النظام الحاكم منذ زمن، فإنه اليوم يواجه خطرا آخر وهو إسقاط حتى الشرعية القانونية عنه. فما قام به القضاء الإداري في انتخابات مجلس الشعب 2010م هو دور تاريخي بكل المقاييس لهذا القضاء العريق، وتسبب بأحكامه تلك في تعرية البرلمان القادم من أي غطاء شرعي، وبالتالي إن بداية حركتنا على الطريق لابد أن تكون من حيث انتهى إليه القضاء الإداري، ولتكن عقيدتنا واضحة ومحددة في النقاط الآتية:

* إسقاط الاعتراف بشرعية البرلمان المزور، واعتباره جزء من النظام الفاسد المستبد، ولا يمثل الشعب من قريب أو من بعيد.

* إنكار النتائج والمطالبة بإعادة تلك الانتخابات تحت إدارة قضائية كاملة ومستقلة بعيدا عن نظام التزوير والفساد.

* عملا بقاعدة ما بني على باطل فهو باطل، فإن أي تشريعات أو قوانين تصدر عن ذلك البرلمان المزور لا تمثل الشعب، منزوعة الشرعية، وأصبح عدم الاعتراف بها وعدم الامتثال إلى أحكامها واجبا وطنيا عاما.

* اعتبار أي نائب في هذا البرلمان المزور جزء من نظام الفساد والاستبداد، وعدم إطلاق لفظ "نائب الشعب" عليه لأن هذا المجلس هو مجلس "النهب" وليس "الشعب".

* انتخاب رئيس الجمهورية القادم يعتبر باطلا وغير شرعيا بالمفهوم السياسي للجماعة الوطنية المطالبة بالتغيير، وبالمفهوم القانوني نظرا لأنه سيؤدي القسم الجمهوري أمام برلمان باطل بأحكام القضاء.

تمثل النقاط السابقة العقيدة والمنهج الأساسي في التفكير الذي أصبح لا خيار غيره أمام الجماعة الوطنية، بقى أمامنا أن نوضح ما هي الخطوات العملية الواجب اتخاذها إزاء الوضع السياسي الراهن.

تبدأ خطواتنا – بعد إسقاط الاعتراف ببرلمان التزوير – بتشكيل برلمانا بديلا يمثل الإرادة الحقيقية لأبناء هذا الشعب، يكتسب شرعية شعبية لطبيعة تكوينه كالآتي:

* جميع النواب السابقين المعارضين على مدار 30 عاما، وهذا يعني أن جماهير دوائرهم الانتخابية ستكون على تأييد لهذا البرلمان البديل.

* شخصيات عامة لها ثقلها في المجتمع تضم أساتذة جامعات، وقضاة سابقين، وصحفيين، ومحامين، قادة الاحتجاجات العمالية والاجتماعية، وممثلين عن الحركات الشبابية والمدونين.

نستهدف في الأساس أن يقوم هذا البرلمان البديل باختيار مجلس حكم انتقالي ليشكل مجلسا رئاسيا بديلا مجسدا ومشخصنا يدعو إلى إسقاط الاعتراف بالنظام الحاكم ككل في حملة على طريق المقاومة السلمية والعصيان المدني، يبدأ ذلك بالدعوة إلى مظاهرات حاشدة متوالية مكونة من الموارد الأساسية لتشكيل البرلمان البديل مثل جماهير دوائر أعضائه وشباب الحركات الشبابية، وقيادات الاحتجاجات العمالية والاجتماعية.

إنها معركة البقاء أو الفناء، فوجود هذا النظام يمثل خطرا على وجودنا، لقد احترف قتل أبناء الوطن في العبارات والقطارات وبالمبيدات المسرطنة، أو تعذيبا كما حدث مع خالد سعيد وأحمد شعبان، إننا نعلم أن هذا الطريق وعر ممتلئ بالأشواك، لكن يتردد في أذهاننا قول المتنبي :"وإذا لم يكن من الموت بد .. فمن العجز أن تموت جبانا"، يجب أن نعلم أن تكلفة الجبن قد أصبحت أعلى من تكلفة الشجاعة، فإذا أردنا لأبنائنا الأمان .. فلم يعد سوى الطريق إلى العصيان!

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

انتخابات باطلة وبرلمان غير شرعي!

انتخابات باطلة وبرلمان غير شرعي!


ربما يكون هذا المقال أسهل ما كتبت! .. بالتأكيد بعد المعاناة في حملة مقالات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، والجهد الذهني والبدني في مناقشة أنصار المشاركة، ومحاولة إقناع من أرادوا "الاستشهاد" عند الصناديق أنهم لن يروا صناديق ولا غيره، يبدو هذا المقال أسهل كثيرا .. كثيرا!

الحمد لله - الذي لا يحمد على مكروه سواه - حدث ما توقعناه وأشرنا إليه بالضبط، وكأننا كنا نضرب الودع ونقرأ الطالع!، طبعا لم نكن كذلك، لكننا كنا نقول الحقيقة .. الحقيقة فقط التي أغمض من أرادوا المشاركة أعينهم عليها!، الحقيقة التي تقول ببساطة أنه ليس لدينا انتخابات، بل تزويرات ومسرحيات ومهازل لا يصح أبدا أن نقرنها بكلمة الانتخابات لأن ذلك يعد من قبيل النصب والاحتيال!. وما قلنا أنه سيحدث حدث، وخرجت النتيجة "بالحرف" كما قلنا كأننا كنا نؤذن في مالطا وهي "لم ينجح أحد إلا إذا كان عضوا في الحزب الوطني أو يحمل صك الرضا منه!". تأمل معي نتائج تلك المهزلة - التي أسموها انتخابات - ستجد أن من نجح غير الحزب الوطني في الجولة الأولى هم فقط "أحزابه الوطنية" التي وافق على تأسيسها ويبارك وجودها السيد صفوت الشريف رئيس لجنة شؤون الأحزاب، وهي اللجنة التي تعد اختراعا مصريا خالصا يليق بنظام يخفق في كل شئ ويبدع فقط في الاستبداد وطريقة قتل المصريين تارة في العبارات وتارة في القطارات وتارة أخرى من المبيدات المسرطنة!. لقد كذب الذين قالوا إن الانتخابات هي ما حدث يوم الأحد 28 نوفمبر!! .. فما حدث لا يمكن أن نراه في أي مكان آخر إلا في هذا البلد المنكوب .. منكوب بنظام مستبد .. منكوب بمعارضة لا تزال تكرر نفس الأخطاء وتشارك بدور الكومبارس في فيلم هابط يخرجه الحزب الوطني ليبقى هو نفسه البطل الوحيد، والمنتج، وصاحب دور العرض، ويتفضل بإعطاء المشاركين شرف الوقوف خلفه "صامتين" دون أي حراك!

انتخابات باطلة بكل تأكيد .. لماذا؟! .. ما أسخفه من سؤال!. أي انتخابات تلك التي تحدث دون أي مراقب على الصناديق سواء دولي أو محلي!، حرص الأمن كل الحرص أن تترك الصناديق لأصابع أعضاء ومندوبي الحزب الوطني يلهون بها ويفعلون ما يشاءون!. المهم أن كل المؤشرات قبل الانتخابات المزعومة كانت تقول أن هذا ما سوف يحدث، بل إن السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات كان صادقا للغاية - وأحييه جدا على صدقه - قال قبل الانتخابات أنه لا توجد مراقبة "ولن نسمح للصحفيين ومنظمات المجتمع المدني بدخول اللجان"!، ولم يفهم أحد من ذلك الكلام  أنها ليست انتخابات واستمروا في ذلك العبث!!. وما حدث يوم (الانتخاب) من منع لمندوبي جميع المرشحين إلا مندوبي مرشحي الحزب الوطني كان يعني وجود إرادة قوية "للإستفراد" بالصناديق لعمل اللازم من تسويد البطاقات وتقفيل اللجان وغيره!. حتى منظمات المجتمع المدني المصري التي حصلت "بطلوع الروح" على تصاريح لمراقبين وصل عددها إلى 3000 مراقب لم تتمكن من دخول اللجان، علما بأنه يوجد في مصر  45 ألف لجنة انتخابية أي أنه حتى لو كان سمح لجميع مراقبي الانتخابات الذين تمكنوا بعد مجهود مضني من الحصول على تراخيص بالدخول لضمنوا نزاهة 3000 لجنة فقط من أصل 45 ألف لجنة انتخابية، لكن الأمن أراد أن يرسخ مبدأ المواطنة والمساواة في التزوير بكل اللجان من الشمال إلى الجنوب ومن سيناء إلى مطروح!

ليست قصة المندوبين والمراقبين المأساوية هي فقط الدليل الوحيد على بطلان تلك الانتخابات المزعومة، لكن هناك أيضا أحكام القضاء الإداري بإيقاف الانتخابات في أكثر من 48 دائرة من ضمنها جميع الدوائر بمحافظة الإسكندرية، لكن السيد وزير المجالس النيابية والشؤون القانونية وأستاذ القانون المرموق د. مفيد شهاب قال إن الانتخابات ستجرى في جميع الدوائر .. ملقيا بأحكام القضاء عرض الحائط .. ونعم رجل القانون في عهد الرئيس مبارك أنت يا د. شهاب!

لا أعلم لماذا لا يتحدث أحد - وكأن هناك تعتيم مقصود - عن أن رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار السيد عبدالعزيز عمر تربطه صلة قرابة بالرئيس مبارك!!. فتلك المعلومة تنسف ببساطة شديدة أي شرعية لتلك الانتخابات المزعومة، أعلم جيدا أن أي أحد إذا قام برفع قضية ضد آخر ووجد القاضي المختص قرابة تربطه بأحد طرفي النزاع فإنه يتنحى على الفور وتحال القضية إلى دائرة أخرى!. لكن كيف يكون رئيس اللجنة العليا (قريب) رئيس الحزب الوطني وهو الحزب الخصم لجميع المرشحين الآخرين دون أن يحتم "ضمير القاضي" على رئيس اللجنة أن يتنحى عن تلك المهمة!!. تعتقد أن دلائل بطلان الانتخابات قد انتهت، صدقني لو أردت أن أكتب كل دلائل بطلان تلك المهزلة لاحتجت إلى معونة من البنك الدولي لشراء رزم من الورق والأقلام!!

إن تلك لمهزلة انتخابية، وما أفرزته هو برلمان مسخ مشوه غير شرعي لا يمت إلى الشعب بصلة، ولا يحق له أن يحمل اسمه بأي حال!. هذا البرلمان القادم خالي من المعارضة، ولن ننظر إلى أعضائه جميعا إلا على أنهم جزء من النظام، ونرجو من الذين ذهبوا إلى جولة إعادة أن ينسحبوا لأنه مهما كانت النتيجة فهم خاسرون .. إن خسروا فقد خسروا لاستمرارهم بقبول تلك اللعبة السخيفة وإن فازوا - وأشك في ذلك - سيخسرون أمام التاريخ بقبولهم أن يكونوا في ذلك البرلمان كشهود زور على انتخابات لم تحدث وبرلمان هو صناعة يدوية من قبل النظام!. هذا البرلمان الذي سيقسم أمامه رئيس الجمهورية القادم برلمان غير شرعي، وما بني على باطل فهو باطل، فهذا يعني ببساطة أن رئيس الجمهورية القادم إن أقسم أمام هذا البرلمان فهو رئيس غير شرعي مهما يكن من هو!

انتهت الانتخابات .. وانتهى معها أي رهان على المحاولات الإصلاحية في التغيير، فقد دفنت إلى الأبد أسطورة التغيير من داخل النظام، وبغباء النظام تارة، وبتتابع الأحداث تارة أخرى يتتضح أكثر وأكثر أن شمس التغيير لن تشرق إلا عن طريق العصيان المدني، فلا يمكن إجراء أي انتخابات حقيقية  قبل إسقاط نظام مبارك .. أرجو ان تكون هذه الحقيقة وصلت الآن إلى الأصدقاء في جماعة الإخوان المسلمين وحزب الكرامة وكافة القوى الوطنية الجادة ... الآن نمد أيدينا للجميع فلتتشابك أيادينا جميعا ولتتحد خطانا على طريق العصيان المدني!



الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

لا تقربوا الصناديق!

لا تقربوا الصناديق!

أيها المصريون .. لا تقربوا الصناديق .. الصناديق فيها تزوير قاتل .. هذه هي الحقيقة ببساطة، ما سوف يحدث يوم الأحد القادم ليست انتخابات ولا تمت للانتخابات بأي صلة نسب، بل جريمة بحق هذا الشعب، وفعل فاضح في الطريق العام!

لست قاسيا أو سوداويا، لكنها الحقيقة مهما كانت مرة، كنت بكل تأكيد أتمنى أن يكون لدينا انتخابات – كباقي خلق الله – ويحدث فيها تنافس نزيه، وبرامج، ومراقبة، وأشياء من تلك التي يتحدثون عنها في كل العالم بينما نسمع عنها وكأنها من قصص الخيال العلمي أو أساطير الأولين أو هي المتسحيل الرابع لثلاثية الغول والعنقاء والخل الوفي. لكن كلما نقترب من إسدال الستار الأخير يوم 28 نوفمبر أتأكد أكثر وأكثر أنه قد غرر بالبعض ودخلوا في لعبة افتراضية كما في ألعاب البلاي استيشن فتوهم هؤلاء المساكين أن لدينا معركة كبرى ويتحتم علينا "الاستشهاد" عند الصناديق، والجهاد الأعظم لنحمي أصواتنا، لكن يا ولداه لن يرى أحد لا صناديق ولا غيره .. المفارقة أن ذلك "بالحرف" كلام رئيس لجنة الانتخابات وليس العبد لله المعروف أنه من أنصار المقاطعة تصويتا وترشيحا أصلا!

في إحدى "تجليات" المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس اللجنة العليا للانتخابات، وفي حوار مع الإعلامية لميس الحديدي يوم الأحد 21 نوفمبر الجاري ببرنامجها من قلب مصر على قناة نايل لايف قال سيادته حرفا: "لا توجد مراقبة على الانتخابات المصرية" .. صلاة النبي أحسن .. موضحا سيادته أن هناك فرقا بين المتابعة والمراقبة، والفرق كما يراه رئيس لجنة الانتخابات أن المتابع يكتفي برصد العملية الانتخابية من خلال "المشاهدة والملاحظة"، "ولا يمكنه توجيه الأسئلة لرؤساء اللجان الفرعية كما في صلاحيات المراقب" .. كيف الحال الآن؟!، مختتما سيادته تلك الوصلة من التجليات بقوله: "في كل الأحوال لن يسمح لمنظمات المجتمع المدني والصحفيين بدخول مقار اللجان الانتخابية" .. يا حلاوة!. وفي تجليات أخرى سابقة لسيادة المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات، في حوار أجراه الزميل الصحفي صابر مشهور معه لجريدة الشروق المصرية نشر على جزئين، وفي الجزء الأول بتاريخ 30 أكتوبر 2010م اخترنا لك بعض المقتطفات والتجليات الآتية :

س: كيف سيتم اختيار أعضاء اللجان الفرعية المشرفين على الصناديق؟
ج: من موظفي الحكومة (!)

س: ماذا لو اتضح أن هناك موظفين أعضاء في الحزب الوطني؟
ج: لا يوجد مانع (!)

س: هل معنى هذا أن موظفا من الحزب الوطني سيتولى الإشراف على انتخابات يشارك فيها مرشح حزبه؟!
ج: والله (قالوا) إن هذا غير مهم، طالما أنه غير مؤثر في الانتخابات (!!!!)

س: من الذين (قالوا)؟!!
ج: لم يجب!!

أما في الجزء الثاني من الحوار سأكتفي بقول المستشار رئيس اللجنة أن نزاهة الانتخابات تتوقف على (نوايا) الحكومة!! .. هكذا إذن .. السيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات بنفسه وجلالة قدره لا يستطيع أن يضمن نزاهة الانتخابات وإنما ببساطة الأمر كما قال هو – وهو صادق وأحييه على صدقه – يتوقف على نوايا الحكومة!!

أيها المصريون .. الانتخابات زورت قبل أن تبدأ، والمقاعد وزعت قبل أن توضع البطاقات في الصناديق، والأمر كله مسرحية سخيفة لا معنى لها، بل إن أكبر فصيل معارض مشارك وهم جماعة الإخوان المسلمين قالوا بأنفسهم بأن "النظام حسم أمره وقرر تزوير الانتخابات"، وهي العبارة التي وضعتها قناة الجزيرة على شريط الأخبار نقلا عن الجماعة، وقال الدكتور محمد البلتاجي عضو الكتلة البرلمانية للإخوان والمرشح عن دائرة شبرا الخيمة أول: "إننا مستمرون لفضح عدم مشروعية البرلمان القادم، وأن ذلك البرلمان لا يصلح لأن يقسم أمامه رئيس الجمهورية القادم" .. الحمد لله .. هذا ما قلناه من البداية البرلمان القادم غير شرعي، وبالتالي الأولى هو الانسحاب الجماعي للقوى "الجادة" ولا أتحدث عن الوفد والتجمع والناصري فتلك أحزاب لجنة السيد صفوت الشريف!!. إلى كل المرشحين اعلموا أن الخاسر منكم قد خسر منذ أن ترشح وقبل بتلك المسرحية السخيفة، وأن الفائز منكم – إن وجد – فهو خاسر أيضا لأن البرلمان القادم غير شرعي ولن نعترف بذلك العبث أبدا. وما سيحدث هو فـُجر انتخابي وليست انتخابات قط! .. لكن لا زال هناك فرصة للانسحاب الجماعي.

أيها المصريون .. قاطعوا .. لا تقربوا الصناديق .. لا تكونوا شهود زور على وجود انتخابات وهذا أمر غير حقيقي .. تمسكوا بالمقاومة السلمية والعصيان المدني فهما طريق النجاة من هذا النظام غير الشرعي .. أيها المصريون .. ظهر الحق، وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا!

الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

مكتب شباب حركة كفاية: معا أمام جامعة القاهرة الخميس القادم الساعة 12 ظهرا

كارت أحمر للرئيس .. كارت أحمر للحرس الجامعي



تمر البلاد بمرحلة شديدة الخطورة هي المرحلة التي ستحدد ملامح المستقبل ربما لربع قرن آخر قادم، فإما استبداد وفساد كالربع قرن الماضي أو حرية وتقدم كما نرجو. ولأن النظام الحاكم يعلم جيدا أنه بات مكروها من كافة فئات الشعب لا يؤيده إلا جهازه الأمني من أمن دولته وأمنه المركزي وخلافه، فقد تصاعد أحساسه بالخوف والذعر من الجماهير الغاضبة الرافضة لوجوده والمطالبة بالتغيير. بدا ذلك واضحا جدا من التضييق الأمني على حرية التظاهر في الشارع الذي اكتسبته الحركة الوطنية ودفعت ثمنه اعتقالا وترويعا في السنوات الماضية.
 
تجلى هذا الذعر الذي انتاب النظام في تصرفاته شديدة الفجاجة في كل ما يطلق انتخابات في مصر، فإن الوضع انتهى في أي انتخابات عامة إلى تزويرات وتعيينات إدارية منذ تعديلات الدستور 2007م، وسنجد – دون حتى أي تدقيق – أن نتيجة ما أطلق عليه إنتخابات من الشورى 2007م والمحليات 2008م ثم الشورى 2010م أن النتيجة لم ينجح أحد إلا إذا كان عضوا في الحزب الوطني أو يحمل صك الرضا منه! .. فالنظام هنا قرر أن يقوم بتعيين معارضيه كتعيين مؤيديه، وهذا هو الوضع المنتظر في المسرحية الهزلية المسماة انتخابات مجلس الشعب 2010م. والشئ بالشئ يذكر، فإن عمليات الشطب والنجاح بالتزكية التي حدثت في انتخابات اتحادات الطلاب هذا العام هي انعكاس واضح لصورة أي انتخابات عامة في مصر. فالنظام كما ذكرنا أصبح يخاف من أي نغمة تخالف صوت الفساد والاستبداد الذي يمثله!. اتضح ذلك أيضا من التضييق الإعلامي المتزايد كإقالة الصحفي المتميز إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور، وإيقاف برنامج الإعلامي عمرو أديب وإغلاق قناة الأوربت التي تذيع البرنامج .. وهو ما حدث سابقا مع الصحفي المناضل عبدالحليم قنديل كإقالته من رئاسة تحرير جريدة صوت الأمة ومنعه من الكتابة داخل مصر، وما حدث أيضا مع المناضل مجدي أحمد حسين من محاكمة عسكرية وحبسه لمدة سنتين.
 
وبدا النظام في حالة من الهيستريا في تعامله مع أحداث جامعة عين شمس، حين قام أساتذة الجامعات مع الطلاب بتوزيع حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا القاضي بطرد الحرس الجامعي، فما كان من النظام إلا أن تصدى لهم بالاعتداء الوحشي من قبل بلطجيته الذين لم يفرقوا بين الطلاب والأساتذة في وحشية بالغة أدت إلى أصابة بعض الأساتذة والطلاب. كما أن النظام الذي لم ينفذ حكم المحكمة الإدارية طرد الحرس الجامعي بسبب طابعه الأمني البوليسي، فإنه أيضا يرفض تنفيذ حكم نفس المحكمة القاضي بوضع حد أدنى عادل للأجور بسبب تكوينه كنظام نهب عام لم يعد لديه أي موارد يتمكن من خلالها زيادة الحد الأدنى للأجور بعد أن قام على مضى سنوات بتجريف الثروة القومية، وعمليات خصخصة غير مدروسة شابها فساد واضح، ولم تؤدي تلك السياسة الاقتصادية إلا إلى مزيد من تشريد العمال، ومزيد من انتفاخ جيوب رجال الاعمال المحيطين به، والمنتفعين من سياسات الفساد والاستبداد تلك.
 
وإننا إذ نؤكد على خط الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) .. الذي يتبنى رؤية مقاطعة هذا النظام وانتخاباته أو تزويراته كما يجب أن يقال، وأيضا نؤكد على استمرارنا في طريق العصيان المدني والتغيير بالطرق السلمية كالتظاهر والإضراب والاعتصام الذي أصبح كرياضة مصرية انتشرت بصورة غر مسبوقة كصدى طبيعي للصرخة الأولى التي أطلقتها حركة كفاية "لا للتمديد .. لا للتوريث" .. فإننا نعلن أنه لن ترهبنا تلك الاعتداءات الوحشية في جامعة عين شمس، وحادث الاعتداء الهمجي والاحتلالي على الطالبة سمية أشرف في جامعة الزقازيق.
 
 لذلك ندعو كل طلاب وشباب مصر الأحرار وكافة القوى الوطنية للمشاركة في مظاهرة يوم الخميس 11/11/2010م أمام جامعة القاهرة الساعة 12 ظهرا .. وليكن صوتنا واضحا، لنقل جميعا وأيدينا متشابكة :"كارت أحمر للرئيس .. كارت أحمر للحرس الجامعي."
 
الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) – مكتب الشباب

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي

رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي

أنت الأقرب لعقلي وقلبي بين المرشحين الشعبيين

الديمقراطية .. العدالة .. الاستقلال الوطني هم محاور أي مرشح حقيقي

لهذه الأسباب لم أنضم للحملة المؤيدة لك كمرشح شعبي للرئاسة

الانتخابات مسرحية .. والمشارك أراد أو لم يرد كومبارس فيها!

كن زعيما لمصر .. لا نائب خدمات لبلطيم!


أستاذي العزيز/ حمدين صباحي
                                     تحية طيبة وبعد،،

أكتب إليك هذه الكلمات من باب احترامي العميق وتقديري البالغ لشخصك ولمواقفك الوطنية التي جعلتك دائما في صف الحق مدافعا عنه، لا تخشى فيه لومة لائم. ولأنك – كما تعلم – تحظى بتقدير خاص في قلبي – وقلوب الكثيرين – فقد وجدت أنه من الضروري بل ومن الواجب عند الخلاف في الرأي أن أكتب إليك هذا المقال على هيئة رسالة مفتوحة ليس على سبيل المزايدة ولا الهجاء، لكن على سبيل العتاب، والاختلاف الودي في الرأي، والعتاب كما تعلم لا يكون إلا بين الأحباب.
لقد كتبت في مقال سابق لي تحت عنوان "العصيان والهذيان" ما رآه بعض الأصدقاء من حزب الكرامة تجاوزا بحق هذا الحزب المحترم والجاد، وتجاوزا بحقك كزعيم ومرشح شعبي للرئاسة. لكني أوضح أولا وقبل كل شئ أن ما جاء من خلاف في مقالي السابق لم يقصد به على الإطلاق أي إساءة، ولكنه – على حدته – يبقى من باب الحرص على الرفاق من اتخاذ مواقف أراها خاطئة.

أستاذي العزيز،،

أود أن أبدأ حديثي إليك باستبشاري حين طُـرح اسمك كمرشح شعبي للرئاسة في مصر. ذلك بسبب إيماني العميق بوطنيتك، ونضالك، ومواقفك المحترمة. ووجدت في ظل تعدد أسماء المرشحين شخصك أقرب إلى عقلي وقلبي للوقوف خلفه في معركة من أجل الحرية، من أجل مستبقل أفضل لهذا الوطن. لم يكن هذا الإيمان العميق لدي بسبب قربي إليك وعلاقتي الودودة بك فقط، ولكن لقناعتي أن رئيس بلد بحجم مصر ينبغي أن يرتكز مشروعه على ثلاث محاور "مجتمعة" تمثل الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية اللاحقة للتغيير المنشود. وتلك المحاور هي تحقيق الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، واستعادة الاستقلال الوطني ودور مصر الرائد قي محيطها العربي والإقليمي، وقد سبق لكاتب هذه السطور أن أوضحت رؤيتي في رئيس مصر القادم والمنشود في مقال سابق تحت عنوان "الاستقلال والدستور" نشر بتاريخ 9 مارس 2010م، ووجدت أن أفكاري تلك متفقة وتكاد تكون متطابقة مع ما تطرحه حضرتك.



فقد عرفناك مناضلا – صلبا – من أجل الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وصاحب دور بارز في القضايا الوطنية والقومية، من أول مساندة الانتفاضة الفلسطينية، والمظاهرات المناهضة لاحتلال العراق الشقيق 2003م، ثم دورك المهم والمتميز في نصرة قضية فك الحصار عن أهلنا في غزة. وكان واضحا جدا أنك "الوحيد" من الأسماء المطروحة – مرشحين شعبيين – الذي تحرك وبمهارة فائقة في الثلاث محاور السابق ذكرها "مجتمعة"، وفي خطوط متوازية دون خلل أو تقصير في محور على حساب الآخر، وبنفس السرعة، والقدرة والإخلاص.


أستاذي العزيز،،

إن قناعتي عن التغيير الذي نرجوه تنبع في الأصل – كفلسفة-  من رؤيتي عدم شرعية النظام القائم أساسا!. فهو نظام غير ديمقراطي، تحتكر حفنة ضيقة من رجال الأعمال والمنتفعين الثروة والسلطة دون أي عدالة اجتماعية أو تكافؤ فرص بينها وبين الأغلبية الساحقة من أبناء الوطن. كما أنه نظام موالي لأمريكا و"إسرائيل" بأكثر ماهو موالي للوطن. ومن هنا تحمست لفكرة المرشح "الشعبي" للرئاسة، لأن النظام الرسمي أصبح منفصلا تماما عن "الشعب" من حيث المنافع والتوجه، فالشعب المصري متعاطف بطبيعة جينية فيه مع الأشقاء في فلسطين والعراق بينما النظام سمح للطائرات الأمريكية الراغبة في احتلال العراق بالمرور من قناة السويس، ويحاصر غزة لمصلحة "إسرائيل"، هذا نظام احتلال بالوكالة!. كما أنه – أي النظام – لا يمثل أي فئة من فئات الشعب، وفي حالة انفضاض كامل عنه من كل الفئات إلا من مجموعة المنتفعين إياها!، ثم ساء الأمر أكثر بأن تحول النظام إلى خطر على وجود الشعب نفسه!، وأصبح يقوم بدور " المبيد البشري" (يقتل) أبناء الشعب في العبارة، وقطار الصعيد، والدويقة، وبالمبيدات المسرطنة ووصل الأمر إلى القتل المباشر في الشارع كما حدث مع الشاب خالد سعيد. والمرشح "الشعبي" وليس الرسمي فيه طعنة واضحة لشرعية النظام، ورسالة أن الإذعان إليه دون أي إشباع اقتصادي أو سياسي قد انتهى!. ووجود مرشحين خارج الإطار الذي وضعه النظام – غير الشرعي – تعني أن قواعد اللعبة المفضوحة لم تعد تخدع الشعب، فالشعب يفرض مرشحه حتى إن لم تستوعبه اللعبة الرسمية.

أستاذي العزيز،،

في هذا الإطار سأكشف لكم – وللمرة الأولى – سبب عدم انضمامي للحملة الشعبية المؤيدة لكم كمرشح شعبي للرئاسة، على الرغم من قناعتي بوجاهة فكرة المرشح الشعبي كما قلت سابقا، وعلى الرغم من كونك الأقرب لعقلي وقلبي كما قلت أيضا!. والقصة حدثت في يونيو 2010م حيث دار لقاء بيني وبين الأستاذ حسام مؤنس، والأستاذ عمرو عبدالله – أعضاء الحملة – وتحدثت عن وجهة نظري في عدم شرعية النظام ووجاهة فكرة المرشح الشعبي، وقلت بوضوح أن الوقوف خلف حمدين صباحي كمرشح "شعبي" يعني ضرورة خروجه بالكامل من أي لعبة رسمية لتناقض واضح وصريح بين هذا الطريق وذاك. كان ما أردت أن أقوله وقتها أنه إذا أردنا أن يكون حمدين صباحي مرشح الشعب فيجب ألا يترشح بصورة "رسمية" في أي انتخابات قادمة وبالأخص انتخابات مجلس الشعب 2010م. كان ذلك الوقت مبكرا جدا للحديث عن انتخابات مجلس الشعب لكن كان لابد من وضع النقاط فوق الحروف!

كنا في هذا الوقت – ومبكرا جدا – في حركة كفاية وائتلاف المصريين من أجل التغيير نتدارس فكرة الانتخابات البرلمانية المزعومة. وكانت رؤيتنا واضحة تتمثل في أن أي انتخابات قادمة هي غير شرعية لأنه ببساطة بعد تعديلات الدستور 2007م انتهت أي شبهة في وجود انتخابات أصلا، وتحول الأمر إلى تزويرات ترتدي قناعا مزيفا للانتخابات!. وحتى نتمكن من توحيد صفوف المعارضة – الجذرية وغيرها – قمنا بصياغة نداء للأحزاب والقوى السياسية من قبل اللجنة التحضيرية لائتلاف المصريين للتغيير يتضمن هذا النداء الضمانات المنطقية لحدوث أي انتخابات ومكون من 10 نقاط. ثم تكونت لجنة من الائتلاف – في اجتماع بمقر حزب الكرامة – مسؤوليتها أن تلتقي بقيادات كافة الأحزاب والقوى السياسية لاستطلاع الرأي بشأن هذه الضمانات. لا أخفيك سرا كنا نعلم أن الحداية لا تلقي كتاكيت، وأن النظام لن يعطينا أي ضمانات ولا غيره، ولكننا كنا نقيم الحجة وللمرة "الأخيرة" على كل من يتحدث عن دخول الانتخابات. رأت وقتها الأحزاب الرسمية وجماعة الإخوان المسلمين أن تلك الضمانات الموجودة في الوثيقة رائعة جدا، لكنهم جميعا رفضوا ما انتهت إليه الوثيقة من أن عدم تحقيق هذه الضمانات يعني أن المشاركة في الانتخابات لم يعد مجديا والخيار الصحيح الوحيد هو المقاطعة. كان الرد يا أستاذي العزيز هزليا جدا كأن يقول أحدهم سنطالب بهذه الضمانات ثم نقطة وينتهي الأمر!. وكنا دائما نسأل ماذا إذا لم تتحقق الضمانات؟! فتكون الأجابة سنشارك أيضا!!. فلماذا إذا كنا نطالب بالضمانات؟! .. هل من باب الفراغ والدلع السياسي مثلا؟! .. من ذلك الموقف خرجنا – أو خرجت شخصيا – بدرس هو عدم إمكانية الاعتماد في أي موقف صحيح على تلك الأحزاب "الرسمية"!

أستاذي العزيز،،

تعلم جديا معنى أن يكون هناك حزب "رسمي" في مصر. ذلك يعني ببساطة أنه أخذ رخصته "الرسمية" من السيد صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني، ورئيس لجنة شؤون الأحزاب!. ولذلك إن اتخاذ أي موقف بناءا على مواقف أحزاب مثل الوفد، والتجمع، والناصري، يعني اتخاذ موقف يريده الحزب الوطني!
كيف نشارك في انتخابات بلا إشراف قضائي، أو دولي، وبلا حرية صحف وإغلاق بعضها (الشعب، وآفاق عربية)، وفي ظل مطاردات للكتاب الصحفيين بالحبس في قضايا النشر ( مجدي حسين، عبدالحليم قنديل، وائل الإبراشي، عادل حمودة، إبراهيم عيسى)، وبلا حرية تكوين أحزاب،وبلا حرية تظاهر، ويمنع البث المباشر وتقييد حرية الإعلام، وتحت الأحكام العرفية (حالة الطوارئ)!.. ثم أضع أمامك ما قاله الأستاذ سعد عبود – عضو حزب الكرامة ومرشحه – من أن أحد أعضاء الحزب الوطني أخبره بتركيبة المجلس الجديد المحددة سلفا!! .. أي عبث ومسرحية هزلية تلك! .. والمشارك هنا – أراد أو لم يرد – يلعب دور كومبارس فيها!

أستاذي العزيز،،

يجب أن تعلم أنك تقدمت لنا مرشح شعبي لرئاسة مصر .. وليس دائرة بلطيم! .. على العكس كان دورك – كطليعي – في دائرتك ووسط الجماهير المؤيدة لك أن تنقل لهم رؤيتك الشاملة للتغيير، وتعمل طيلة السنوات الماضية على اكتسابهم لمشروع التغيير .. فلا يمكن أبدا أن تتحقق مصالح بلطيم منعزلة عن مصالح مصر .. علاوة على أنك أيضا قومي عربي تعمل على توحيد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، فكيف بالله عليك تختصر نفسك في دائرة محددة الكيلومترات المربعة هي جزء صغير جدا من مصر ونقطة لا ترى من الوطن العربي كله!!

أستاذي العزيز،،

لازلت أرى فيك زعيما شعبيا لمصر كلها، ولازالت أمامك فرصة للانسحاب من المسرحية الهزلية المسماة انتخابات مجلس الشعب .. كن زعيما كما أردناك .. ولا تتحول إلى نائب خدمات لدائرة – لها كل التقدير والاحترام – لكنها تبقى في النهاية دائرة صغيرة .. إن دورك هو جذب كل مؤيديك إلى العصيان المدني والتغيير الجذري، وليس نائبا محصورا في مطالبات أهالي بلطيم له بالترشح! 

وفي الختام لك مني كل التحية،، .. 

محمد عبدالعزيز

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

العصيان والهذيان!


العصيان والهذيان!
ردا على الكرامة والإخوان!

بحثت كثيرا في معاجم اللغة لأجد تعبيرا يصف به كلام المشاركين في المسرحية الهزلية السخيفة المسماة انتخابات مجلس الشعب، فلم أجد سوى كلمة الهذيان!. المعاجم تخبرنا أنه هذى فلانا – هذيا وهذيانا – أي تكلم بكلام غير معقول، والهذيان اضطراب عقلي مؤقت يتميز باختلاط أحوال الوعي!. أي أن الشخص الذي يهذي يقول كلاما غير معقول – مختلط وعيه يعني – فيقول شيئا وعكسه، كما أن هذه الحالة "مؤقتة" والحمد لله فنأمل وندعوا ونبتهل حتى يعود هؤلاء المشاركون إلى رشدهم سالمين!

هناك نوعان من الكلام الغير معقول "الهذيان يعني"، الأول: كالذي يقوله جماعة الإخوان المسلمين عن المشاركة بعد تعالي دعوات المقاطعة من حركة كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، وأحزاب العمل، والغد، والجبهة، والوسط. فمن السهل جدا تفهم دواعي المقاطعة، الانتخابات كلها تحولت إلى مسرحيات هزلية فقدت إثارتها وكوميديتها حتى!. ونتيجتها محسومة مسبقا .. فهي تزويرات وليس انتخابات إطلاقا!، وهو الأمر الذي رأيناه بأم أعيننا لم يخبرنا به أحد. راجعوا ما أطلق عليه انتخابات بعد تعديلات الدستور في 2007م، والتي انهت آخر بصيص من أمل في قصة الانتخابات بعد إلغاء الإشراف القضائي. ستجد فيما أطلق عليه انتخابات الشورى 2007م، ثم المحليات 2008م، ثم الشورى 2010م، بدون حتى تدقيق أن النتيجة هي لم ينجح أحد إلا إذا كان عضوا بالحزب الوطني أو يحمل صك الرضا منه عبر مكاتب الأمن في لاظوغلي حيث مقر جهاز أمن الدولة!. وسط كل ذلك يردد البعض في جماعة الإخوان كلاما غير معقول – هذيانا يعني – أن المقاطعة خدمة للحزب الوطني!!. ولا أفهم كيف يتردد هذا الكلام من أناس أفترض أنهم يشاهدون التليفزيون الرسمي الذي يحث المواطنين على الذهاب إلى تلك المسرحية الهزلية لتبدو اللعبة ديمقراطية بالزيف والتزوير. الأكثر إثارة للسخرية أن علي الدين هلال أمين الإعلام في الحزب الوطني قال عقب قرار مشاركة الإخوان في ما يطلق عليه انتخابات مجلس الشعب، أن مشاركة الإخوان قطعت الطريق على دعاة المقاطعة!!.. أي أن الحزب الوطني فرحان ويسجد لله شكرا بسبب قرار مشاركة الإخوان، ليتمكن من سبك تلك الطبخة الفاسدة، ويظهر أمام العالم بمظهر الديمقراطي الطيب الحنين!!. ومن الكلام الغير معقول – الهذيان يعني – أن يقول الإخوان أن المقاطعة يجب أن تكون شاملة كاملة!!. وهذا أمر غاية في السخف، فالحق يكون ثم يتبعه من يكون، ولا يعقل أن نتخذ مواقفنا بناءا على من معنا ومن ضدنا وليس ما نعتقد أنه صحيح. وكل الأفكار العظيمة التي غيرت البشرية بدأت بقلة ثم أقنعت تلك القلة الكثرة. المهم أن يبدأ الثوريون بخطواتهم المناهضة للفساد والاستبداد. فالأنبياء حين بدأوا دعواتهم لو نظروا إلى من معهم ومن ضدهم لما أنجزوا شيئا!. ولكنهم كانوا يعلموا أنهم يدعون إلى الحق بغض النظر من معهم ومن ضدهم، واستمروا رغم أنهم قلة مستضعفة في طريقهم. العجيب أن تردد جماعة الإخوان المسلمين هذا الكلام!. ثم ما هي المقاطعة الشاملة التي يتحدثون عنها؟!. هل يساوون أنفسهم – كجماعة معارضة قوية – بأحزب الوفد والتجمع والناصري، وهي أحزاب النظام الموافق عليها عبر لجنة شؤون أحزابه التي يرأسها السيد صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني!. كنت أعتقد أنه من الأولى أن تقف جماعة الإخوان بجوار المعارضة الراغبة في التغيير الجذري مثل حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وغيرها، لا أن يكون موقفها مساويا لتلك الأحزاب الكرتونية!

والنوع الثاني من الكلام الغير معقول "الهذيان يعني"، هو ما يردده حزب الكرامة – تحت التأسيس – فهو حزب معارض قوي، شارك الكثير من أعضائه في تأسيس حركة كفاية قائدة تيار التغيير الجذري. ولأنه حزب جاد لم توافق لجنة شؤون الأحزاب – لصاحبها السيد صفوت الشريف – على تأسيسه، فبقى أكثر من عشر سنوات تحت التأسيس. الغريب في الأمر أن ذلك الحزب أعلن أنه سيقاطع الانتخابات استجابة للقوى الوطنية المقاطعة مثل كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير .. قلت الحمد لله خير، لكني حين أكملت السطر الثاني من الخبر وجدته يقول مع استثناء حمدين صباحي، وسعد عبود، وياسر اللحامي!!. حقيقة لم أفهم هذا الكلام، وأعتقد أن هذا هو الهذيان بعينه!. وأدعوا رفاقي وأصدقائي في حزب الكرامة العودة إلى تصريحات الأستاذ سعد عبود عضو الحزب – ومرشحه – حين قال أن عضوا في الحزب الوطني أخبره عن تركيبة المجلس الجديد المحدد سلفا عدد مقاعد المعارضة به!. أي أن اللعبة كلها تمثيلية بايخة، والأمر منتهي من قبل أن يبدأ!، فلماذا تشارك إذا يا أستاذ سعد؟! .. صبرنا يا رب!.. ثم كيف يقاطع حزب ويشارك في نفس الوقت؟!!. ولأني لست منافقا .. انتقد رفاقي إذا أخطأوا مثلما انتقد خصومي .. أجد أن الكلام الذي يردده حزب الكرامة من أنه مقاطع الانتخابات ثم يشارك الأستاذ حمدين صباحي في تلك المهزلة والمسرحية يدخل في نطاق الهذيان!. يردد الحزب كلاما غير معقول – هذيانا يعني – مثل أن الدائرة "تضغط" على الأستاذ حمدين صباحي، ولذلك قرر الأستاذ حمدين أن يقوم بدور المذيع في برنامج ما يطلبه المستمعون متخليا عن دوره السياسي!. قد أفهم أن يغير مطرب برنامج الحفل كأن يطلب الجماهير أغنية كذا بدلا من أغنية كذا، فذلك أمر مقبول، لكن أن يغير "زعيم" سياسي قناعاته بناءا على طلب الجماهير فهذا أمر هو الهذيان بعينه!


إن الطريق الذي اخترته –  واختارته حركة كفاية والمعارضة الجذرية – هو طريق العصيان المدني، الذي ينبع من قناعتنا جميعا بعدم شرعية هذا النظام الموالي لأمريكا وإسرائيل بأكثر ما هو موالي للوطن!. هذا النظام الذي تحول إلى "مبيد بشري" يقتل المصريين كما حدث في العبارة والدويقة وقطار الصعيد، وضحاياه آلاف من المواطنين بالأمراض السرطانية نتيجة المبيدات المسرطنة، والقتل المباشر في الشارع كما حدث مع الشاب خالد سعيد. إننا ندعو إلى عدم الاعتراف بألاعيب هذا النظام، وعدم السماح له باستغلالنا لكسب شرعية زائفة والظهور بمظهر ديمقراطي خادع. إننا ندعو إلى العصيان .. وندعو الله أن يشفي المشاركين من الهذيان!

الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

صراع النفوذ والفلوس على حكم مصر!


صراع النفوذ والفلوس على حكم مصر!

أشعر بألم شديد حينما أرى (دولة) في حجم ومكانة مصر – الشهيرة بأم الدنيا – يحيط ذلك الغموض القاتل بمستقبل الحكم فيها. كأن ذلك الأمر سرا من الأسرار العليا، ولا يحق أبدا للعوام – أمثالنا – الاطلاع عليه تقديرا من أهل الحل والربط لخطورته الجسيمة على تفكيرنا الساذج!. ولا يحق لأحد منا – العوام والسذج – أن يسأل ولو بينه وبين نفسه عن ذلك السر الخطير وكأنه المقصود في الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا لا تَسألوا عَـن أشياءَ إِن تُبْدَ لكم تَسُؤْكُم)!
لكن لأن السذج أمثالي لا يلتزمون الصمت حتى الموت، فلا يخلو الأمر من محاولات استكشافية – لساذج من أمثالي – لذلك السر الخطير. وتحليلات من هنا وهناك لاستجلاء الصورة، وإزالة ضباب الشبورة، وما أصعب ذلك في مصر!

قد بدا على السطح خلافا عائليا بين أفراد "العائلة الحاكمة" (للجمهورية)!. وأصل الخلاف بين الأم والأب على مستقبل الإبن .. ومستقبل البلد!. ذلك دون أن يكون لأحد منا يد في تقرير مستقبل وطنه فذلك أمر حصري للعائلة!. أفهم أن تهتم الأم – أي أم – بمستقبل ابنها، فإن كانت العائلة – أي عائلة – ميسورة الحال على الأب مساعدة ابنه بشقة أو فيلا أو حتى عزبة على حسب المقدرة، أما في تلك (العائلة) التي نقصدها فإن الأم تريد الأب أن يساعد الإبن ببلد كاملة!!. فالأم هنا تود التعجيل بإتمام مشروع التوريث، يؤيدها في ذلك الإبن الموعود بالرئاسة، وجماعة البيزنيس المحيطة به، والمتحكمة في الاقتصاد والبورصة، وأصبح لها نفوذ متزايد كل يوم. تلك الشلة من رجال الأعمال المحيطين بالإبن كونوا ثروات متراكمة امتصوها من دماء هذا الشعب وتكونت بهم طبقة أغنى من أمراء البترول في الخليج. فهشام طلعت مصطفى – على سبيل المثال لا الحصر – قد حصل على المتر في أرض مدينتي من الدولة وبالأمر المباشر مقابل 249 جنيه، ثم باعه بمبلغ 6000 جنيه للمتر، بعد أن حصل على 26 ألف فدان بذلك السعر المتدني، وتمكن بسبب ذلك السخاء من الدولة أن يعطي معشوقته ذات الجمال البارع والقوام الفارع سوزان تميم مصروفا شهريا 300 ألف دولار. المهم أن هؤلاء هم رجال السيد جمال مبارك الذين يساندونه في حلم الجلوس على (عرش) مصر .. وعلى رقابنا .. كما جلس أبوه على (العرش) ورقابنا أيضا 30 عاما سابقة!، ولا أعلم إذا كان هذه هي حال رفاق السيد جمال مبارك  وهو لا يزال ابن الرئيس فكيف تكون الحال إذا غدا - لا قدر الله طبعا - رئيسا!

بينما يعلم الأب الثمانيني العمر – بحكم السن، والخبرة في الحكم – أن الوضع أعقد من ذلك. فمصر منذ 1952م لم يحكمها أحد إلا وكان من خلفية عسكرية. وهو – الرئيس الأب – مؤيد بالقوات المسلحة بصفته القائد الأعلى لها، ولا تزال تحترم تاريخه العسكري ودوره المهم في حرب أكتوبر 1973م. أما جمال مبارك الهابط ببارشوت البيزنيس فليس له عند الجيش – أو الشعب – أي شرعية أو تاريخ يمكن أن يشفع له!. وبالنسبة للشعب فإن تولي جمال مبارك الحكم يعد أولا انقلابا صريحا على أهم مكتسبات يوليو 1952م، وهو القضاء على الملكية. وثانيا فإن ارتباط اسم جمال مبارك بجماعة البيزنيس المتورطة في فساد بيّن ومص ثروات البلد وتجريف أصولها الإنتاجية، وعمليات الخصخصة الغير مدروسة التي شردت الآلاف من العمال، يجعل منه شخصا مكروها لدرجة خطرة قد تؤدي إلى انفجار غير مأمون العواقب في حال محاولة توريثه الحكم.

ثم خرج الخلاف من بين جنبات البيت الرئاسي "العائلي" ليتحول إلى خلاف داخل مؤسسات الدولة بين فريقين .. فريق النفوذ المتمثل في القائمين على الأمن والحرس القديم، وفريق الفلوس المتمثل في الاقتصاد والبيزنيس والحرس الجديد!. وتعلو أسهم فريق منهم تارة، وتهبط تارة أخرى في مبارة حامية حول مستقبل مصر دون أن يكون للسذج أمثالنا رأي فيها!. ومن حملة (الكردي) المطالبة لجمال مبارك بالترشح للرئاسة نرى يد جماعة البيزنيس واضحة وحاضرة بقوة .. فمن غيرهم طبع كل تلك البوسترات والتي شيرتات؟!. ونكتشف أن جماعة البيزنيس وصلت من النفوذ أن فرضت جمال مبارك على رحلة رسمية إلى واشنطن قام بها الرئيس مبارك الأب من أجل دعم المفاوضات الفلسطينية – "الإسرائيلية"، وجمال مبارك كما نعلم ليس له صفة رسمية فلا هو وزير يمكن أن ينضم للوفد الرسمي، ولا هو حتى موظف دبلوماسي مشارك في تلك المفاوضات .. لكن فجأة يقول لنا المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد أن جمال مبارك جاء مع أبيه لواشنطن لأنه ابن بار بأبيه!! .. ما هذا الكلام الغريب؟! .. وهل علاء مبارك ابن عاق لأبيه لأنه لم يصاحبه في تلك الزيارة؟! .. وهل يجب أن يكون جمال مبارك مصاحب لأبيه في كل مكان وكأنه في "فسحة"!! .. ثم لماذا كان عاقا ولم يذهب مع الرئيس إلى ليبيا في مؤتمر القمة العربية الأفريقية الأخيرة؟! .. أم أن السبب الحقيقي لزيارته واشنطن هو محاولة جلب تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لعملية التوريث؟!. وهنا أدرك الفريق الآخر – المؤيد للتمديد – خطورة تصاعد نفوذ جماعة البيزنيس، فأطلق كلا من صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني ورئيس مجلس الشورى، وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية، ثم علي الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني تصريحات متتالية مفادها أن الحزب متمسك بالرئيس مبارك كمرشح الحزب لانتخابات الرئاسة 2011م.

وبين أقدام هذا الفريق أو ذاك .. يُـلعب بمصر وبنا كأننا كرة، ومن يسجل الهدف الذهبي في الوقت الضائع يكسب البلد .. والجمل بما حمل، ونخسر نحن وأبناؤنا وربما أحفادنا أيضا!. وأيا كان الفائز فإنه أصبح من الواجب بل من الضروري والحتمي إسكات كل ذو لسان طويل، فالأمر لا يحتمل أي متاعب، وأصبح الهدف المرحلي – للفريقين معا – العودة سالمين إلى خطوط ما قبل 2005م، أي ما قبل ظهور حركة كفاية التي خرجت بالمعارضة خارج الإطار التقليدي، مطلقة صرختها الأولى "لا للتمديد .. لا للتوريث". واليوم يتآمر الطرفان على الإعلام الحر والهامش المتبقي الذي دفعت الحركة الوطنية ثمنه – وفي القلب والمركز منها كفاية – اعتقالا وترويعا وترهيبا. فكان ما كان .. وقصفت أقلام مجدي أحمد حسين الأسير في سجون هذا النظام، ثم الضغوط الأمنية القوية لإقالة الصحفي المناضل عبدالحليم قنديل من رئاسة تحرير جريدة صوت الأمة، ومنعه من الكتابة في أي جريدة داخل مصر، وإيقاف برنامج الإعلامي الشهير عمرو أديب وإغلاق قناة أوربت التي تبث البرنامج، ثم توقف برنامج الصحفي المتميز إبراهيم عيسى، وبعدها بأيام قصف قلمه الشريف، وتدمير صحيفة الدستور التي بناها بجهده موهبته.

وفي اللحظات الأخيرة من عمر أي نظام استبدادي دائما ما تكون يده باطشة حمقاء .. دائما ما تكون تصرفاته مندفعة إلى العنف والتعتيم .. ويظن المتشائمون أن ذلك البطش الشديد علامة على القوة والصلابة، والحقيقة أن ذلك البطش علامة على قمة الضعف واقتراب النهاية .. تذكروا أن آخر حدث ضخم في عهد الملك فاروق كان احتراق القاهرة!

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

يا أيها المفاوضون .. بئس ما تفعلون!

يا أيها المفاوضون .. بئس ما تفعلون!
عن حقيقة المفاوضات .. والاستيطان .. وشرعية المقاومة

لا أعلم سر انبهارنا نحن العرب بالمسرحيات الكلاسيكية المأساوية للكاتب الكبير وليم شكسبير .. فالانبهار يجب أن يحدث فقط حينما يصادفك شئ جديد عليك .. أما نحن العرب فلدينا الكثير من المسرحيات .. والكثير جدا جدا من المآسي!
  
 في حقيقة المفاوضات:
كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتحفنا بمعزوفة رائعة من سيمفونيات التخدير الأمريكية أثناء خطابه الشهير في جامعة القاهرة. تحدث أوباما عن وقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م. دغدغت تلك الكلمات بأسلوبها الرقيق مشاعر البعض لكن وقعت فوق رؤوسهم صخور الواقع!. في ذات الوقت كان رئيس وزراء "إسرائيل" بنيامين نتنياهو – المعروف عنه الدهاء والمراوغة – واضحا جدا!. حيث أعلن أمام منظمة إيباك – أكبر منظمات اللوبي الصهيوني في أمريكا دعما "لإسرائيل" – أن القدس ليست مستوطنة وإنما عاصمة أبدية (لدولة إسرائيل). كانت العبارة السابقة وحدها كفيلة بهدم أي عملية سلام مزعومة. إلا أن نتنياهو – الواضح جدا ما شاء الله – اتخذ قرارات متقدمة جدا في تهويد القدس، فقامت حكومته بضم الحرم الإبراهيمي، ومسجد بلال بن رباح إلى قائمة التراث اليهودي في القدس!!. وتم بناء كنيس الخراب داخل أسوار البلدة القديمة بمقربة من المسجد الأقصى. ثم تمت عدة محاولات من مستوطنين يهود اقتحام المسجد الأقصى تحت حماية من الشرطة "الإسرائيلية". بينما كان وزراء الخارجية العرب يجتمعون في القاهرة ويعلنون الموافقة على مفاوضات غير مباشرة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، حتى لا يغضب منهم ولي نعمة أنظمتهم في البيت الأبيض!!

وفي موضوع الاستيطان الذي لا أريد أن أقف عنده طويلا لأني سأعود إليه لاحقا بالتفصيل، إلا إنني أقف عند هذه النقاط:

• أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه يشترط وقفا كاملا للاستيطان في الضفة والقدس الشرقية ليوافق على الانتقال إلى مفاوضات مباشرة.
• أعلنت الحكومة "الإسرائيلية" وقفا "جزئيا" للاستيطان في الضفة "فقط" منذ 26 نوفمبر الماضي وحتى 26 سبتمبر الجاري.
• حاول جورج ميتشل المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، وجو بايدن نائب الرئيس الأمريكي إقناع الحكومة "الاسرائيلية" بوقف الاستيطان في القدس الشرقية قبل المفاوضات. إلا أن الرد "الإسرائيلي" كان عمليا، ففي نفس يوم زيارة ميتشل قامت "إسرائيل" ببناء 112 وحدة استيطانية جديدة في القدس، وفي نفس يوم زيارة بايدن قامت ببناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس أيضا!!
• بعدها عبر العرب عن "استيائهم" .. لكنهم قبلوا بالمفاوضات الغير مباشرة!!

وحين بدأت المفاوضات الغير مباشرة التي قررها الراعي الأمريكي لمدة 4 أشهر وما على العرب إلى قول لبيك يا أوباما لبيك. قرر أوباما – على الرغم من فشله في وقف الاستيطان في القدس – الانتقال قبل ال 4 أشهر إلى مفاوضات مباشرة. ولأنه ثبت لدى السيد أوباما أنه كان طيبا زيادة عن اللزوم في المرة الأولى حين اضطر إلى تخدير العرب بسيمفونيته الشهيرة في جامعة القاهرة حتى يقبلوا بالمفاوضات الغير مباشرة، فقد علم جيدا أن الأنظمة العربية – بحكم ضمان وجودها – هي رهينة لإشارة يده كما الجان والهدهد في يد النبي سليمان عليه السلام!. فوجه أوباما هذه المرة تهديدا مباشرا إلى الرئيس أبومازن في رسالة بعثها إليه 17 يوليو الماضي هدده فيها بالعزلة الدولية وقطع الموارد والمساعدات الاقتصادية إذا لم يقبل بالمفاوضات المباشرة. ولأن السيد أبو مازن يمكن أن يفرط في أي شئ إلا "المساعدات الاقتصادية" فإنه قبل بتلك المفاوضات المباشرة بعد كل ما سبق!!
وإذا كانت جامعة الدول المفروض أنها "عربية" قد وفرت غطاءا سياسيا للرئيس أبو مازن في المفاوضات غير المباشرة، فإنه قد أصبح في أمس الحاجة لأي غطاء – حتى لو كان مرقعا – للانتقال إلى المفاوضات المباشرة رغم كل شئ، وبالتهديد الأمريكي له. فقام أبو مازن بدعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي تضم 19 عضوا إلى اجتماع من أجل الموافقة على المفاوضات المباشرة. فحضر من 19 عضو تسعة أعضاء فقط الاجتماع المزمع وافق 5 منهم على المشاركة في المفاوضات المباشرة. فخرج أبو مازن علينا بشرعية فلسطينية "مزورة" لأنه أخذ موافقة 5 أعضاء فقط من أصل 19 عضوا ليعلن – زورا وبهتانا – أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد وافقت على الذهاب إلى مفاوضات مباشرة، وكله من أجل عيون "المساعدات الاقتصادية" إياها!!
كذلك أعلن 13 فصيلا فلسطينيا – بمختلف التوجهات – من الإسلاميين كحماس والجهاد، وحتى اليسار الفلسطيني كالجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين رفضهم جميعا تلك المسرحية المسماة المفاوضات. وقاموا بعمل حملة توقيعات في الضفة الغربية من أجل رفض المفاوضات، إلا أن قوات الأمن التابعة لسلطة السيد أبو مازن – وليس إسرائيل – قامت بمنع تلك الحملة بالقوة!!
أما ما قدمه نتنياهو بشأن تلك المفاوضات، فقد تسربت أنباء عن عرض يهدف إلى التوصل إلى إعلان مبادئ شبيه باتفاق أوسلو 1993م. تنسحب إسرائيل بمقتضاه من 90% من الضفة لا تدخل في هذه النسبة القدس، كما يتم إخلاء 50 ألف مستوطن من قلب الضفة. وحقيقة هذا العرض – الخبيث – هو أن هذه ال 90% محذوف منها القدس الكبرى ومنطقة اللطرون الواقعة بين خطي الهدنة والبحر الميت وغور الأردن. وتمثل تلك المساحة المحذوفة 40% من مساحة الضفة. وبالتالي يصبح العرض هو 90% من أصل ال60% المتبقية من الضفة الغربية دون أي شبر من القدس!!. ليس الأمر عند ذلك وفقط، بل إن بعد اتفاق أوسلو 1993م قسمت "إسرائيل" الصفة إلى ثلاث مناطق هي أ، ب، ج، والمناطق التي سمحت للفلسطينيين بإدارتها دون سيادة وسلاح وجيش وأي مقومات للدولة هي المنقطة "أ" فقط، وتمثل أقل من 22% من الضفة وغزة. ويؤكد كلا من الدكتور سلمان أبو ستة، رئيس هيئة أرض فلسطين، والدكتور خليل تفكجي، مسؤول الإحصاء في الأرض المحتلة أن المساحة الحقيقية على الأرض المتاحة هي 12% فقط من الضفة الغربية!!. أما عن رقم ال 50 ألف مستوطن الذي يزعم نتنياهو أنه سيخليهم من الضفة فهم يمثلون 13% فقط من إجمالي المستوطنين. أي أن 87% سيبقون في قلب الضفة والقدس الشرقية بنسبة 47% في الضفة و40% في القدس

  في ذكر الاستيطان:
أعود إلى سيمفونية أوباما الخالدة في جامعة القاهرة التي تحدث بها عن وقف الاستيطان. والحقيقة أن بناء المستوطنات يتم بدعم مالي أمريكي من الدرجة الأولى. فالتبرعات تصل إلى "إسرائيل" من المنظمات الصهيونية في العالم من أجل استمرار الاستيطان، وتشير التقارير أنه يصل إلى "إسرائيل" مليار دولار سنويا 70% منهم من أمريكا – صاحبة السيمفونية الخادعة – بل تعفي الحكومة الأمريكية هذه الأموال من الضرائب بالمخالفة للقانون الأمريكي نفسه!!
وبعد انتهاء مدة التجميد "الجزئي" للاستيطان في 26 سبتمبر الجاري ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن حكومة نتنياهو تدرس التقدم بمقترح إلى الولايات المتحدة يقضي بإطلاق سراح جوناثان بولارد المدان بالتجسس لصالح إسرائيل، وهو محلل سابق للبيانات في CIA، ومحكومة عليه بالسجن مدى الحياة منذ عام 1987م مقابل تجميد الاستيطان ثلاثة أشهر أخرى فقط تجميدا "غير كامل"!!. حيث أعلن مسؤول إسرائيلي كبير – طلب عدم كشف اسمه – لوكالة الأنباء الفرنسية أنه حتى إذا توصلنا إلى قرار تجميد جديد للاستيطان فإنه لا يمكن أن يكون كاملا!!
وفي هذه الأثناء، وبعد انتهاء مدة التجميد السابقة ذكرت جريدة هآارتس "الإسرائيلية" بتاريخ(24/9/2010) أن المستوطنين سيقومون باستئناف البناء في الضفة الإثنين(27/9) فور انتهاء مدة التجميد. وأن حكومة نتنياهو قد استخرجت لهم من 2000 إلى 2200 ترخيص لبناء وحدات سكنية خفيفة لا يستغرق بناؤها أكثر من شهرين وتعتبر غير مكلفة، ويمكن العيش فيها لسنوات طويلة!!. أما في حقيقة الأمر فإن قرار تجميد الاستيطان السابق من 26 نوفمبر إلى 26 سبتمبر لم يكن حقيقيا، وإنما خدعة استخفت بها "إسرائيل" الإعلام وغطى عليها الجانب الفلسطيني – أبو مازن ورفاقه – لأسباب غير معلومة، أو ربما تتعلق "بالمساعدات الاقتصادية" إياها!!. حيث قال وزير الدولة لشئون الجدار والاستيطان في حكومة رام الله ماهر أبو غنيم لجريدة الشروق المصرية (25/9/2010) أن إسرائيل لم تجمد الاستيطان أصلا!!. موضحا أنه لم يكن هناك التزام كامل بالتجميد. إذ ارتكبت "إسرائيل" انتهاكات استيطانية في مناطق مختلفه من الضفة وحدد الوزير الكثير من المناطق الاستيطانية تم البناء فيها أثناء فترة التجميد المزعومة!!. ولا أعلم لماذا صمت الوزير كل ذلك الوقت ورئيسه – أبو مازن – يلتقي نتنياهو في واشنطن محتضننا يديه في ودد وحنان!. وفي نفس السياق صرح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بالضفة الدكتور عبدالستار قاسم لجريدة الشروق المصرية (25/9/2010) أن السلطة (الفلسطينية) التابعة للسيد أبو مازن ليست ضد الاستيطان من أصله!!. موضحا أنها ضد الاستيطان إعلاميا فقط. فمنذ عام 1994م وهي تتفاوض بينما الاستيطان مستمر. وقال: "لا عباس ولا سلام فياض – رئيس وزرائه – ضد الاستيطان، فلهما مصالح مالية ستتضرر إذا اتخذا موقفا حازما في هذا الأمر". وقال أنه من يصدق أن موظفا في السلطة – المفروض أنها فلسطينية – يتقاضى راتبا شهريا 15 ألف يورو!!. ولم يوضح من "يدفع" ال 15 ألف يورو ومقابل ماذا؟! .. لكن كل لبيب بالإشارة يفهم!!

والآن سواء انسحب أبو مازن من المفاوضات أو استمر .. لم يعد يهم الأمر .. فقد ظهر من الحقائق ما يزيل الغمام، ويفض الاشتباك .. فلا السلطة الفلسطينية فلسطينية، ولا جامعة الدول العربية عربية .. وما الأنظمة العربية إلا وكلاء للبيت الأبيض .. وقضية فلسطين ليست مجموعة ملفات منفصلة كالاستيطان والأمن والحدود والمياه .. إنها قضية شعب وحق يأبى النسيان .. قضية احتلال لن يزول إلا بالمقاومة. والمقاومون هم أصحاب الشرعية "الوحيدة" للتحدث باسم فلسطين .. أما المقاولون المفاوضون فإن مصيرهم كمصير كل من فرط في أرضه وعرضه وكرامته .. إلى مزبلة التاريخ وبئس المصير!!

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

المجاهرون بالمشاركة!!

المجاهرون بالمشاركة!!



لفتت نظري كثيرا التبريرات - المضحكة في غالبها - التي أمتعنا بها المجاهرون بالمشاركة في المسرحية الهزلية السخيفة المسماة انتخابات مجلس الشعب 2010م. فالمجاهرون بالمشاركة هم جماعة لم تكتف بارتكاب ذلك الجرم الواضح والإثم الفاحش وهو المشاركة بصورة غير مباشرة في لعبة التوريث البغيضة عبر قبولهم بلعب دور الكومبارس فيها، لكنهم أيضا يجهرون - والعياذ بالله - بهذا الإثم ويبررونه بكلام ساذج دون حمرة خجل!. ولا أخفي عليكم امتناني العميق "لجماعة" المجاهرين بالمشاركة - وحلفائهم - لأنهم أولا مكنوني من إجراء فرزا جيدا ومجانيا لاكتشاف القوى الطامحة في التغيير الجذري، والأخرى التي تريد أن تبقى أبد الدهر تلعب في ملعب النظام راضية بفتات الصفقات الانتخابية التي يرميها لهم!. وثانيا لأنهم - جماعة المجاهرين - أصحاب الفضل في كتابة هذا المقال الذي لم يكن ليتم لولا مجهوداتهم - السخية - في محاولة إخفاء بطحة المشاركة من فوق رؤوسهم فكانت النتيجة أن "أخذتهم العزة بالإثم"، وكشفوا بطحات وبطحات!!

يقول المجاهرون بالمشاركة - وبعض كلام المجاهرين كوميديا سوداء - أنه يجب توافر إجماع عام على المقاطعة حتى تكون مجدية. فيقول المجاهرون الوفديون إن قاطعنا سيشارك الإخوان، ويقول المجاهرون الإخوان كيف نقاطع والوفد مشارك، وهلم جرة!!. ثم إن الحديث عن ضرورة إجماع الكل على المقاطعة أمر سخيف للغاية، فالإمام علي - كرم الله وجهه - يقول : "الحق يكون ثم يتبعه من يكون"، والأمانة الأخلاقية تحتم علينا أن نبني مواقفنا السياسية على أساس ما نعتقد أنه صحيح بغض النظر من معنا ومن ضدنا. وأتوجه بالسؤال إلى المجاهرين أصحاب نظرية الإجماع، هل إذا "أجمعت" قوى المعارضة على التطبيع مع "إسرائيل" ستقبلونه؟!

يقول المجاهرون بالمشاركة - وبعض كلام المجاهرين سخف - أن المقاطعة خدمة للحزب الوطني. وتأخذهم النصاحة والحداقة والكياسة ليشرحوا لك أنهم أصحاب فطنة لذلك شاركوا حتى لا يخدموا الحزب الوطني بمقاطعتهم!!. ولا أعلم هل يشاهد هؤلاء "العباقرة" أصحاب الفطنة والحكمة برامج "وإعلانات" التلفزيون الرسمي التي تحث المواطنين على "المشاركة" وتكاد تبوس أيديهم وأرجلهم أن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع حتى يتمكن التلفزيون من تصويرهم ليظهر النظام أمام العالم بمظهر ديمقراطي كاذب، ويتمكن من سبك الطبخة الفاسدة، وتبدو الصورة - زورا وبهتانا - كأن لدينا انتخابات!

يقول المجاهرون بالمشاركة - وبعض كلام المجاهرين سذاجة - أن المقاطعة ستجعل الحزب الوطني ينفرد بالبرلمان والساحة!. ونسى هؤلاء - أو تناسوا - أن الساحة فاسدة ولا يوجد لدينا برلمان من أصله. فهذا البرلمان أغلبيته ميكانيكية لصالح قرارات الحزب الوطني ولا يمثل الشعب من قريب أو من بعيد. هذا البرلمان وافق على تعديلات الانقلاب على الدستور في 2007م، ووافق على بناء الجدار الفولاذي مع الأشقاء في غزة، وأغلق باب المناقشة في تصدير الغاز "لإسرائيل"!، كل ذلك رغم وجود بعض المعارضة فيه. أليس الحزب الوطني منفردا فعلا؟! ، ووجود هؤلاء المحسوبين على المعارضة هو ما يبدي اللعبة شرعية وهي غير ذلك تماما!!

يقول المجاهرون بالمشاركة - وبعض كلام المجاهرين يرفع الضغط - أن المقاطعة هروب من المواجهة. والحقيقة هي العكس تماما، فالمشاركة هي هروب من دفع تكلفة الصدام مع النظام عبر الأطر غير التي يريدنا هو أن نكون فيها!. المقاطعة هي خطوة على طريق العصيان المدني وهو الطريق الأصعب - والصحيح - لمقاومة هذا النظام سلميا. فالمشاركة قبول باللعبة الرسمية وتنازل عن آمال الشعب في التغيير الجذري، ويصبح المشارك أقصى أمانيه أن يزعق بصوته تحت قبة البرلمان ثم تستضيفه برامج التوك شو ليقول نفس الكلام ويفعل النظام ما يريد. المقاطعة ليست هروب بل المشاركة هي هروب من الصدام، وأقول للمجاهرين بالمشاركة لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون!

إننا لا ندعو إلى الجلوس في المنازل. ولا ندعو إلى الكسل، إننا ندعو إلى رفض شرعية هذا النظام وتعريته من كل أغطية الديمقراطية الكاذبة. إن الطريق الصحيح دائما وعر، وإن الحق دائما أصعب بكثير من الباطل، والفئة التي على الحق في الغالب قليلة العدد، لكن يكفي أن تكون مرتاح الضمير وأنت تقول ما تعتقد دون حسابات وصفقات انتخابية!

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

فلسفة المقاطعة

فلسفة المقاطعة

أكتب هذه الكلمات بينما تتردد في ذهني أصداء "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". فقد تحدثت في أكثر من مقال سابق عن ما يطلق عليه انتخابات في مصر، ولا أخفي عليكم أنني استهلكت كميات ليست بالقليلة من الحبر والأوراق لتوضيح وجهة نظرنا في هذا الأمر. ثم توقفت عن الكتابة قرابة الشهرين لأسباب شخصية وحين قررت العودة كان أول ما تبادر إلى ذهني أن أكتبه هو نفس الموضوع الذي توقفت عنده منذ شهرين تقريبا، وهو معضلة ما يطلق عليه انتخابات في مصر. أكتب هذه الكلمات لعلني أذكر فعلا، ولعلها تنفع المؤمنين!
أعتقد أن مجرد الحديث الآن بطريقة جدلية عن ما إذا كان الأفضل المشاركة في (انتخابات) مجلس الشعب القادمة أم مقاطعتها أمر ساذج للغاية. فتلك المناقشة تصبح في سخفها كأن تناقش أمورا بديهية جـُربت من قبل وأثبت العقل والمنطق فيها أمرا ثم أثبتته وأكدته التجارب العملية عدة مرات. فلا يصح لعاقل أن يفتح نقاشا حول إمكانية أن تضع يدك في النار!. فالعقل والمنطق يؤكدان أن النار ستحرق يدك، والتجارب العملية منذ اكتشاف النار في آواخر العصر الحجري أثبتت أنها تصيب الإنسان بحروق. فلا يمكن أن نبدأ أي مناقشة من الصفر وننسى كل ما فات وكأننا جئنا إلى هذا العالم بلا تاريخ نتعلم منه ودون أي معرفة إنسانية شكلت وجداننا. أما لو كان لدينا تلك المعارف والتجارب السابقة وننكرها ثم نبدأ من الصفر أو نقع في نفس الأخطاء بعد ما جاءنا من العلم والتجربة عند ذلك نصبح كبني إسرائيل حين وصفهم القرآن الكريم أنهم "كالحمار يحمل أسفارا"!!
من هذا المنطلق أتحدث مباشرة عن الضرورة الحتمية لمقاطعة انتخابات مجلس الشعب القادمة (2010) تصويتا وترشيحا. فالمقاطعة الآن لم تعد ترفا أو اختيارا بل ضرورة حتمية في ظل الوضع السياسي الراهن. نحن نمر بمرحلة حرجة ستحدد مستقبل النظام السياسي في مصر ربما لعقود قادمة. ولذلك يجب علينا توخي الحذر حتى لا نندم في المستقبل على ما نفعله اليوم من أخطاء هي في الأصل تكرار لأخطاء وقعنا فيها من قبل!!. والمقاطعة بالنسبة لي كفلسفة تتركز في ثلاث محاور أولها أمرا مبدئيا يتعلق برؤيتي للوضع الحالي للانتخابات دون إشراف قضائي ودولي، وفي ظل حالة الطوارئ (الأحكام العرفية)، ودون حرية تكوين الأحزاب وتجميد بعضها وعدم حريتها في الحركة بالشارع، وعدم تكافؤ الفرص إعلاميا بينها وبين الحزب الوطني المسيطر على أجهزة الإعلام الرسمية منذ عصر الاتحاد الاشتراكي!، وفي ظل عدم حرية إصدار الصحف وإغلاق بعضها (الشعب – آفاق عربية)، وفي ظل مطاردة الكتاب الصحفيين بقوانين الحبس في قضايا النشر (عبدالحليم قنديل – مجدي حسين – وائل الإبراشي – إبراهيم عيسى – عادل حمودة). ورؤيتي أن المشاركة في الانتخابات في ظل تلك الظروف السابقة تمثل خداعا للشعب عبر بث سراب ديمقراطي كاذب ووهم مخدر يتاجر في أوجاع الناس لتحقيق مكاسب برلمانية رخيصة!. علاوة على أن من يشارك في الانتخابات بالوضع الراهن سابق الذكر يقبل أن يلعب دور كومبارس في فيلم شديد الهبوط والإسفاف، وهو بذلك يقدم أكبر خدمة للنظام حتى يظهر بمظهر ديمقراطي زائف أمام العالم. والمشاركة في هذه الانتخابات تحديدا تمثل اعترافا بشرعية اللعبة التي يلعبها تيارات المال في الحزب الوطني من أجل تصعيد جمال مبارك إلى كرسي الحكم. فالمشاركة هنا تحتوي على سقطة تاريخية وخطيئة أخلاقية فهي لا تخدم فقط النظام في تجميل صورته بل يصبح المشارك – والعياذ بالله – يلعب دور شاهد الزور على شرعية عملية التوريث البغيضة!
والأمر الثاني في فلسفة المقاطعة هو المصلحة. غير صحيح أن المصلحة (البراجماتية) تحكم علينا أن نشارك في الانتخابات، فقواعد اللعبة دائما تفيد من وضعوها. وحسابات المكسب والخسارة ستكون بالتأكيد في صف الحزب الوطني. فلا أمل على الإطلاق في تغيير نتيجة الانتخابات "المحسومة مسبقا" وعلينا أن نرجع بالذاكرة لانتخابات الشورى 2007م والمحليات 2008م ثم الشورى 2010م وسنكتشف بأنفسنا أنه لا مكاسب على الإطلاق من اللعبة إلا لمن وافق أن يعقد صفقات رخيصة مع الحزب الوطني، فلماذا المشاركة إذن؟!
والأمر الثالث يتعلق بالمنهج الذي أتخذه في تحليل الوضع السياسي القائم. فالنظام السياسي لا يحمل أي شرعية شعبية ومعادي لكل فئات الشعب من أول أساتذة الجامعات والأطباء وحتى سائقي سيارات الأجرة. إلى جانب وقوف هذا النظام ضد رغبات الشعب المصري المتعاطف بطبيعته مع الأشقاء في فلسطين والعراق، واتخاذ هذا النظام سياسة القرب من "إسرائيل" ومعادة كل ما هو فلسطيني بل وتفضيل "إسرائيل" على مصر أحيانا!. فهذا النظام يصدر الغاز "لإسرائيل" بسعر أقل من سعر تكلفته ليدعم فاتورة الكهرباء هناك بينما تحدث أزمة انقاطع الكهرباء في مصر بسبب نقص إمدادات الغاز!. هذا النظام هو من يحاصر غزة لمصلحة "إسرائيل"، وهو من سمح بمرور الطائرات والبوارج الحربية الأمريكية من المجال الجوي المصري والمياه الإقليمية أثناء حرب غزو العراق عام 2003م. وتلك المواقف التي اتخذها النظام بالتحالف مع أمريكا و"إسرائيل" وبالبعد عن الامتداد الطبيعي لمصر عربيا وإسلاميا وإفريقيا جعلت منه نظاما معاديا لرغبات وطموحات الشعب المصري وتحول إلى قاتل للمصريين كما حدث مع الشاب خالد سعيد ومن قبله ضحايا العبارة وصخرة الدويقة وحريق قطار الصعيد. وتلك الممارسات لا تأتي إلا من قبل نظام احتلال غير شرعي يجب مقاومته سلميا بالعصيان المدني ولا شرعية لأي انتخابات يجريها أبدا.
إن مقاطعة الانتخابات في الوضع الراهن أمرا بديهيا لا يقبل الشك. والمشاركة فيها في ظل نظام غير شرعي علاوة على أنه يمثل خطيئة تاريخية وسقطة أخلاقية يمثل أيضا ارتدادا بالحركة الوطنية للخلف بعد أن وصلت إلى اتجاه التغيير الجذري عام 2005م. إن فلسفة المقاطعة ليست تبريرا للكسل، أو اختيارا للطريق الأسهل بل هي العكس تماما هي المواجهة مع النظام بالعصيان المدني لا بعقد الصفقات من أجل كرسي البرلمان!

الثلاثاء، 20 يوليو 2010

الشاكون من التزوير!


الشاكون من التزوير!

كتبت مرارا وتكرارا أن ذلك العبث الذي يطلق عليه "انتخابات" في مصر قد انسحب عنه صفة الانتخابات وتحول الأمر إلى مسرحيات وتمثيليات ركيكة خالية من أي عنصر تشويق منزوعة الإثارة وبلا أي حبكة درامية، وإذا طبقنا عليها قواعد النقد الفني - وليس السياسي - لفشلت حتى في أن تكون مسلسلات تلفزيونية هابطة!
والحمد لله تعالى أن الحكومة لم تشأ أن تكذبنا وتقوم بإخراج سيناريو محبك لمسرحية "انتخابات" الشورى الأخيرة بل على العكس تماما خرجت "الانتخابات" المزعومة في أكثر صور التزوير فجاجة وكانت النتيجة - والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه - كما توقعناها بالحرف وهي "لم ينجح أحد إلا إذا كان عضوا في الحزب الوطني أو يحمل صك الرضا منه" وتلك هي نص الجملة التي استخدمتها في مقال سبق مسرحية الشورى حمل عنوان "وأمرهم شورى بينهم". وفي تلك المسرحية حصل الحزب الوطني على ٨٠ مقعدا وحصلت "أحزابه الوطنية" "الغد" - جبهة موسى مصطفى موسى - و"الناصري" و"التجمع" و"الجيل" على أربع مقاعد وحصل المستقلون على أربع مقاعد آخرى وكان الله بالسر عليم!
ثم انهالت اتهامات التزوير على الحكومة وجهاز الأمن من قبل الذين لم يأخذوا نصيبا من كعكة الانتخابات "الفاسدة"!. ومازلت أحاول جاهدا أن أفهم تلك القوى المسماة "معارضة" وتتهم الحكومة بتزوير الانتخابات على الرغم من أننا كنا نؤذن في مالطا وملأنا الدنيا صراخا بأن تلك الانتخابات المزعومة بدون أي ضمانات حقيقية وستكون مزورة وتمثيلية بايخة ومجرد المشاركة فيها يضفي شرعية على هذا الفيلم الهابط لكن لا حياة لمن تنادي!. وكل من شارك في تلك الانتخابات كان يعلم علم اليقين أنه سيرى الجحيم وأنه لا توجد انتخابات من أصله والقصة كلها تعيينات إدارية من قبل الحكومة لأعضاء الحزب الوطني وبعض المعارضة المستأنسة مكافأة لها على مواقفها اللطيفة التي تجمل شكل النظام وتمنحه الفرصة للظهور بمظهر ديمقراطي أمام العالم!!
الغريب أن هذه الانتخابات شكى من التزوير فيها الطرفان المعارضة - وهذا أمر يبدو طبيعيا - وبعض أعضاء الحزب الوطني نفسه ممن خسروها!!. فمثلا تتهم جماعة الإخوان المسلمين الحكومة بتعمد إسقاط كل مرشحيها في الانتخابات - وهذا أمر صحيح - وقد نبهنا حتى بح صوتنا نطالب جماعة الإخوان بعدم المشاركة وقد كان ما كان.. ما علينا!!. لكن إلى جانب ذلك يتهم عبد الإله عبدالحميد عضو الحزب الوطني ومرشحه عن دائرة وسط البلد وعابدين الأمن بالتزوير لصالح محسن عطية مرشح الحزب الناصري في نفس الدائرة والفائز بها واتهم عضو الحزب الوطني الحزب الوطني بعقد صفقة مع الحزب الناصري!!. الأكثر إثارة للسخرية أن مرشح حزب التجمع الفائز في الدائرة الأولى بمحافظة دمياط وهو صلاح مصباح اتهمه أعضاء حزبه بعقد صفقة مع الوطني يفوز على إثرها بالمقعد وتسبب الأمر في استقالة الكثير من أعضاء وقيادات التجمع في دمياط لأنهم اعتبروا الأمر إهانة للحزب وجماهيره !، أما محسن الحبشي مرشح الحزب الوطني في نفس الدائرة وصف التزوير الذي فعله الحزب الوطني لصالح التجمع على إثر تلك الصفقة "بالخيانة العظمى" وكأن التزوير فرض عين لصالح مرشحي الحزب الوطني ومن الكبائر إذا استعمل ضدهم من أجل الصفقات!!. وتتوالى الفضائح فقد قام أحمد سميح مرشح الحزب الوطني بدائرة جنوب الجيزة بسب كلا من شريف والي أمين الحزب الوطني بالجيزة، وأحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني، ومحافظ الجيزة، واتهمهم جميعا بتزوير الانتخابات لصالح موسى مصطفى موسى!!
نحن أمام ظاهرة فريدة وهي أن التزوير أصبح معترف به من كل الأطراف إخوان، تجمع، وحتى الحزب الوطني ذاته!!. وهذا يقودنا بصورة لا تقبل الشك بأن ما جرى في مسرحية مجلس الشورى الأخيرة لم يكن انتخابات بل نوع من الضحك على الشعب وتزييف للوعي العام بعد تزييف الإرادة بالتزوير بينما تعقد الصفقات تحت الطاولة ويحدد الحزب الوطني وجهاز الأمن من ينجح منه ومن ينجح ممن يطلق عليهم معارضة لزوم الشكل الديكوري.
جرى ما جرى في الشورى ونحن مقبلون على فيلم آخر لا يقل هبوطا وإسفافا اسمه "انتخابات" مجلس الشعب مع تصريحات لرشاد بيومي نائب المرشد العام للإخوان المسلمين يؤكد أن الجماعة ستشارك في جميع الانتخابات القادمة!، ونقول من الآن وبشكل واضح أن صورة الانتخابات كما هي الآن بدون الإشراف القضائي والدولي وفي ظل قانون الطوارئ والرقابة على الصحف وعدم حرية التظاهر وعدم حرية تشكيل الاحزاب وإصدار الصحف هي نوع من الخداع البصري وتزييف لعقل الناس. وإذا كانت المشاركة في ما أطلق عليه انتخابات الشورى يمثل خطأ سياسيا فأن المشاركة في ما يطلق عليه انتخابات مجلس الشعب بعد ما جرى في الشورى يمثل خطيئة سياسية وعارا أخلاقيا لن يمحوه التاريخ .. اللهم بلغت .. اللهم فاشهد!