الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي

رسالة مفتوحة إلى حمدين صباحي

أنت الأقرب لعقلي وقلبي بين المرشحين الشعبيين

الديمقراطية .. العدالة .. الاستقلال الوطني هم محاور أي مرشح حقيقي

لهذه الأسباب لم أنضم للحملة المؤيدة لك كمرشح شعبي للرئاسة

الانتخابات مسرحية .. والمشارك أراد أو لم يرد كومبارس فيها!

كن زعيما لمصر .. لا نائب خدمات لبلطيم!


أستاذي العزيز/ حمدين صباحي
                                     تحية طيبة وبعد،،

أكتب إليك هذه الكلمات من باب احترامي العميق وتقديري البالغ لشخصك ولمواقفك الوطنية التي جعلتك دائما في صف الحق مدافعا عنه، لا تخشى فيه لومة لائم. ولأنك – كما تعلم – تحظى بتقدير خاص في قلبي – وقلوب الكثيرين – فقد وجدت أنه من الضروري بل ومن الواجب عند الخلاف في الرأي أن أكتب إليك هذا المقال على هيئة رسالة مفتوحة ليس على سبيل المزايدة ولا الهجاء، لكن على سبيل العتاب، والاختلاف الودي في الرأي، والعتاب كما تعلم لا يكون إلا بين الأحباب.
لقد كتبت في مقال سابق لي تحت عنوان "العصيان والهذيان" ما رآه بعض الأصدقاء من حزب الكرامة تجاوزا بحق هذا الحزب المحترم والجاد، وتجاوزا بحقك كزعيم ومرشح شعبي للرئاسة. لكني أوضح أولا وقبل كل شئ أن ما جاء من خلاف في مقالي السابق لم يقصد به على الإطلاق أي إساءة، ولكنه – على حدته – يبقى من باب الحرص على الرفاق من اتخاذ مواقف أراها خاطئة.

أستاذي العزيز،،

أود أن أبدأ حديثي إليك باستبشاري حين طُـرح اسمك كمرشح شعبي للرئاسة في مصر. ذلك بسبب إيماني العميق بوطنيتك، ونضالك، ومواقفك المحترمة. ووجدت في ظل تعدد أسماء المرشحين شخصك أقرب إلى عقلي وقلبي للوقوف خلفه في معركة من أجل الحرية، من أجل مستبقل أفضل لهذا الوطن. لم يكن هذا الإيمان العميق لدي بسبب قربي إليك وعلاقتي الودودة بك فقط، ولكن لقناعتي أن رئيس بلد بحجم مصر ينبغي أن يرتكز مشروعه على ثلاث محاور "مجتمعة" تمثل الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية اللاحقة للتغيير المنشود. وتلك المحاور هي تحقيق الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، واستعادة الاستقلال الوطني ودور مصر الرائد قي محيطها العربي والإقليمي، وقد سبق لكاتب هذه السطور أن أوضحت رؤيتي في رئيس مصر القادم والمنشود في مقال سابق تحت عنوان "الاستقلال والدستور" نشر بتاريخ 9 مارس 2010م، ووجدت أن أفكاري تلك متفقة وتكاد تكون متطابقة مع ما تطرحه حضرتك.



فقد عرفناك مناضلا – صلبا – من أجل الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وصاحب دور بارز في القضايا الوطنية والقومية، من أول مساندة الانتفاضة الفلسطينية، والمظاهرات المناهضة لاحتلال العراق الشقيق 2003م، ثم دورك المهم والمتميز في نصرة قضية فك الحصار عن أهلنا في غزة. وكان واضحا جدا أنك "الوحيد" من الأسماء المطروحة – مرشحين شعبيين – الذي تحرك وبمهارة فائقة في الثلاث محاور السابق ذكرها "مجتمعة"، وفي خطوط متوازية دون خلل أو تقصير في محور على حساب الآخر، وبنفس السرعة، والقدرة والإخلاص.


أستاذي العزيز،،

إن قناعتي عن التغيير الذي نرجوه تنبع في الأصل – كفلسفة-  من رؤيتي عدم شرعية النظام القائم أساسا!. فهو نظام غير ديمقراطي، تحتكر حفنة ضيقة من رجال الأعمال والمنتفعين الثروة والسلطة دون أي عدالة اجتماعية أو تكافؤ فرص بينها وبين الأغلبية الساحقة من أبناء الوطن. كما أنه نظام موالي لأمريكا و"إسرائيل" بأكثر ماهو موالي للوطن. ومن هنا تحمست لفكرة المرشح "الشعبي" للرئاسة، لأن النظام الرسمي أصبح منفصلا تماما عن "الشعب" من حيث المنافع والتوجه، فالشعب المصري متعاطف بطبيعة جينية فيه مع الأشقاء في فلسطين والعراق بينما النظام سمح للطائرات الأمريكية الراغبة في احتلال العراق بالمرور من قناة السويس، ويحاصر غزة لمصلحة "إسرائيل"، هذا نظام احتلال بالوكالة!. كما أنه – أي النظام – لا يمثل أي فئة من فئات الشعب، وفي حالة انفضاض كامل عنه من كل الفئات إلا من مجموعة المنتفعين إياها!، ثم ساء الأمر أكثر بأن تحول النظام إلى خطر على وجود الشعب نفسه!، وأصبح يقوم بدور " المبيد البشري" (يقتل) أبناء الشعب في العبارة، وقطار الصعيد، والدويقة، وبالمبيدات المسرطنة ووصل الأمر إلى القتل المباشر في الشارع كما حدث مع الشاب خالد سعيد. والمرشح "الشعبي" وليس الرسمي فيه طعنة واضحة لشرعية النظام، ورسالة أن الإذعان إليه دون أي إشباع اقتصادي أو سياسي قد انتهى!. ووجود مرشحين خارج الإطار الذي وضعه النظام – غير الشرعي – تعني أن قواعد اللعبة المفضوحة لم تعد تخدع الشعب، فالشعب يفرض مرشحه حتى إن لم تستوعبه اللعبة الرسمية.

أستاذي العزيز،،

في هذا الإطار سأكشف لكم – وللمرة الأولى – سبب عدم انضمامي للحملة الشعبية المؤيدة لكم كمرشح شعبي للرئاسة، على الرغم من قناعتي بوجاهة فكرة المرشح الشعبي كما قلت سابقا، وعلى الرغم من كونك الأقرب لعقلي وقلبي كما قلت أيضا!. والقصة حدثت في يونيو 2010م حيث دار لقاء بيني وبين الأستاذ حسام مؤنس، والأستاذ عمرو عبدالله – أعضاء الحملة – وتحدثت عن وجهة نظري في عدم شرعية النظام ووجاهة فكرة المرشح الشعبي، وقلت بوضوح أن الوقوف خلف حمدين صباحي كمرشح "شعبي" يعني ضرورة خروجه بالكامل من أي لعبة رسمية لتناقض واضح وصريح بين هذا الطريق وذاك. كان ما أردت أن أقوله وقتها أنه إذا أردنا أن يكون حمدين صباحي مرشح الشعب فيجب ألا يترشح بصورة "رسمية" في أي انتخابات قادمة وبالأخص انتخابات مجلس الشعب 2010م. كان ذلك الوقت مبكرا جدا للحديث عن انتخابات مجلس الشعب لكن كان لابد من وضع النقاط فوق الحروف!

كنا في هذا الوقت – ومبكرا جدا – في حركة كفاية وائتلاف المصريين من أجل التغيير نتدارس فكرة الانتخابات البرلمانية المزعومة. وكانت رؤيتنا واضحة تتمثل في أن أي انتخابات قادمة هي غير شرعية لأنه ببساطة بعد تعديلات الدستور 2007م انتهت أي شبهة في وجود انتخابات أصلا، وتحول الأمر إلى تزويرات ترتدي قناعا مزيفا للانتخابات!. وحتى نتمكن من توحيد صفوف المعارضة – الجذرية وغيرها – قمنا بصياغة نداء للأحزاب والقوى السياسية من قبل اللجنة التحضيرية لائتلاف المصريين للتغيير يتضمن هذا النداء الضمانات المنطقية لحدوث أي انتخابات ومكون من 10 نقاط. ثم تكونت لجنة من الائتلاف – في اجتماع بمقر حزب الكرامة – مسؤوليتها أن تلتقي بقيادات كافة الأحزاب والقوى السياسية لاستطلاع الرأي بشأن هذه الضمانات. لا أخفيك سرا كنا نعلم أن الحداية لا تلقي كتاكيت، وأن النظام لن يعطينا أي ضمانات ولا غيره، ولكننا كنا نقيم الحجة وللمرة "الأخيرة" على كل من يتحدث عن دخول الانتخابات. رأت وقتها الأحزاب الرسمية وجماعة الإخوان المسلمين أن تلك الضمانات الموجودة في الوثيقة رائعة جدا، لكنهم جميعا رفضوا ما انتهت إليه الوثيقة من أن عدم تحقيق هذه الضمانات يعني أن المشاركة في الانتخابات لم يعد مجديا والخيار الصحيح الوحيد هو المقاطعة. كان الرد يا أستاذي العزيز هزليا جدا كأن يقول أحدهم سنطالب بهذه الضمانات ثم نقطة وينتهي الأمر!. وكنا دائما نسأل ماذا إذا لم تتحقق الضمانات؟! فتكون الأجابة سنشارك أيضا!!. فلماذا إذا كنا نطالب بالضمانات؟! .. هل من باب الفراغ والدلع السياسي مثلا؟! .. من ذلك الموقف خرجنا – أو خرجت شخصيا – بدرس هو عدم إمكانية الاعتماد في أي موقف صحيح على تلك الأحزاب "الرسمية"!

أستاذي العزيز،،

تعلم جديا معنى أن يكون هناك حزب "رسمي" في مصر. ذلك يعني ببساطة أنه أخذ رخصته "الرسمية" من السيد صفوت الشريف أمين عام الحزب الوطني، ورئيس لجنة شؤون الأحزاب!. ولذلك إن اتخاذ أي موقف بناءا على مواقف أحزاب مثل الوفد، والتجمع، والناصري، يعني اتخاذ موقف يريده الحزب الوطني!
كيف نشارك في انتخابات بلا إشراف قضائي، أو دولي، وبلا حرية صحف وإغلاق بعضها (الشعب، وآفاق عربية)، وفي ظل مطاردات للكتاب الصحفيين بالحبس في قضايا النشر ( مجدي حسين، عبدالحليم قنديل، وائل الإبراشي، عادل حمودة، إبراهيم عيسى)، وبلا حرية تكوين أحزاب،وبلا حرية تظاهر، ويمنع البث المباشر وتقييد حرية الإعلام، وتحت الأحكام العرفية (حالة الطوارئ)!.. ثم أضع أمامك ما قاله الأستاذ سعد عبود – عضو حزب الكرامة ومرشحه – من أن أحد أعضاء الحزب الوطني أخبره بتركيبة المجلس الجديد المحددة سلفا!! .. أي عبث ومسرحية هزلية تلك! .. والمشارك هنا – أراد أو لم يرد – يلعب دور كومبارس فيها!

أستاذي العزيز،،

يجب أن تعلم أنك تقدمت لنا مرشح شعبي لرئاسة مصر .. وليس دائرة بلطيم! .. على العكس كان دورك – كطليعي – في دائرتك ووسط الجماهير المؤيدة لك أن تنقل لهم رؤيتك الشاملة للتغيير، وتعمل طيلة السنوات الماضية على اكتسابهم لمشروع التغيير .. فلا يمكن أبدا أن تتحقق مصالح بلطيم منعزلة عن مصالح مصر .. علاوة على أنك أيضا قومي عربي تعمل على توحيد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، فكيف بالله عليك تختصر نفسك في دائرة محددة الكيلومترات المربعة هي جزء صغير جدا من مصر ونقطة لا ترى من الوطن العربي كله!!

أستاذي العزيز،،

لازلت أرى فيك زعيما شعبيا لمصر كلها، ولازالت أمامك فرصة للانسحاب من المسرحية الهزلية المسماة انتخابات مجلس الشعب .. كن زعيما كما أردناك .. ولا تتحول إلى نائب خدمات لدائرة – لها كل التقدير والاحترام – لكنها تبقى في النهاية دائرة صغيرة .. إن دورك هو جذب كل مؤيديك إلى العصيان المدني والتغيير الجذري، وليس نائبا محصورا في مطالبات أهالي بلطيم له بالترشح! 

وفي الختام لك مني كل التحية،، .. 

محمد عبدالعزيز

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

الأخ الفاضل محمد عبد العزيز

مقالك أثلج صدرى، حمدين صباحى كمرشح شعبى للرئاسة لا يمكنه الترشح فعلا كنائب خدمات عن دائرة بلطيم، وهذا الكم الغفير من الناس الذين حولوا وجهته من المقاطعة للمشاركة كان الأولى توجيهم الى فكرة العصيان المدنى، والى التوقيع على بيان التغيير، لأن تعديل الدستور هو الوسيلة الوحيدة التى نضمن بها إنهاء مسرحية محددة سلفا وكل شخص مشارك بها يلعب دور محدد له. حياك الله على هذا المقال الرائع فعلا.

حمدى جعوان يقول...

استاذ محمد

احييك جدا على هذه الرساله الى الاستاذ الفاضل حمدين صباحى .. إعلم ان ما خطه قلمك هو ما كان فى خاطرى منذ فتره وكنت اود ان القيه على مسامع كل شريف فى هذا الوطن . كما كنت اريد ان اقوله فى المؤتمر الذى عقده الاستاذ حمدين لاهل دائرتة عندما طلبوا منه ان يترشح وان يرجع فى قراره بعدم خوض الانتخابات .. لاننى من اهل بلطيم وواحد من اشد المؤيدين للاستاذ حمدين صباحى فى اى مجال وفى اى مكان لانى اعمله واعرفه تمام المعرفه ... وكنت من الذين رفعوا ايديهم وسط الالاف الذين حضروا اللقاء مطالبا بعدم خوضه الانتخابات ولكنى كنت او كنا افراد تعد على الاصابع وسط الوف مؤيدة فكرة الترشح


وهنا اضم صوتى لصوتك وادعو كل صاحب كلمة حق كل صاحب كلمة حره مثل الاستاذ حمدين واقول قاطعوها يحكمك الله

احمد الدوانسى يقول...

كلامك جميل جدا يا استاذ محمد عزيز اولا انا مواطن مصرى واتبع لدائرة المناضل حمدين صباحى ولكن احب انا اقول ان الاستاذ حمدين قالها فى اخر مؤتمر عقد فى دائرة البرلس من امام منزله ليس معنا وجودى فى البرلمان ان اوجه خدماتى ونضالى ضد الحزب الحاكم الاستبدادى لدائرتى فقط ولكن نضالى من اجل جموع الشعب المصرى الذى عانى ويعانى الان من قبالة حكم النظام المستبد نظام الحزب الوطنى وقضيتى قضية وطن ولكن انا اختلف معك هنا ان يقاطع المرشح حمدين صباحى الانتخابات التشريعية لان وجود حمدين صباحى الان فى البرلمان اهم من اى وقت اخر لان ذالك يثبت تحديه الاكثر ولاكثر فى الصمود فى وجه الطاغية مبارك ومن معه ونحن لا نضمن ترشيح حمدين صباحى فى انتخابات الرئاسة لان خطوة مثل تلك الخطوة تحتاج الى كثير من التفكير فى هذا الامر وذلك بناء على الثلاث مواد فى الدستور المصرى المادة 76 ,77,88 وانت تفهم ماذا اقصد ونحن لا نضمن ما مدى تغيير هذه المواد فى ظل كما تعلم النظام المستبد الذى لا يرضى ولا يحترم الراى والراى الاخر .وشكرا والاختلاف فى الراى لا يفسد للود قضية