الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

كنا صغارا!!



كنا صغارا!!

كنا صغارا .. وكانت أحلامنا جامحة، قال هذا أحلم أن أكون طبيبا أعالج أهلي، والآخر رآى نفسه مهندسا يبني وطنا، وقلت أريد أن أكون ضابطا في الجيش لأحارب إسرائيل!

كنا صغارا .. لم نفهم أن العربي في هذا العصر الكئيب، وضع السيف في الغمد، وخلع رداء الكرامة، ونسى معاني الشرف، لم نفهم أن إسرائيل التي علمونا أنها أشد الأعداء، علينا تصدير الغاز إليها بثمن بخس دراهم معدودة!، لم نفهم أن تفجير خط الغاز الموصل لإسرائيل يعتبر في قاموس عصر الخيانة "عمل تخريبي"، بينما يعتبر تصدير الغاز نفسه "مصالح عليا"!

كنا صغارا .. علمونا أن هناك ما يسمى "الشرف العسكري"، لكنهم لم يخبرونا هل تعرىينا من الشرف العسكري أو أي شرف حين تعرت بناتنا، علمونا كيف نفخر بجيشنا العظيم الذي هزم الصهاينة في 1973م، لكنهم عليهم أن يعلمونا الآن كيف نفخر بمجلسنا العسكري حين يعري بناتنا، وينتهك أعراضهن، عليهم أن يعلمونا كيف ننسى الشرف والكرامة، وكيف ننام قريري الأعين بعدما رأينا مشهد فتاة يمزق جنودنا البواسل ملابسها، عليهم أن يعلمونا كيف نمنع دموعنا من التساقط حين نرها تحت أقدامهم، عليهم أن يعلمونا ألا نفكر في مشاعرها لحظة انتهاك أياديهم لجسدها، ألا نفكر هل صرخت وامعتصماه؟!، أم أن المعتصم قد مات حين وضعنا أيادينا في يد مناحم بيجن ليبدأ عصر "صديقي بيجن" بدلا من عصر عدوي الصهيوني!

كنا صغارا .. حفروا في أذهاننا ذاك المشهد الجليل، لجنودنا البواسل وهم يعبرون خط بارليف، ويهتفون الله أكبر، ولا نعلم ماذا هتف جنودنا البواسل وهم يسحلون الثوار، ويعرون البنات، طبعوا في وجداننا أنه حين يذكر جيش مصر، نتذكر على الفور مشهد القوارب المطاطية وهي تعبر قناة السويس، ومشهد الجندي الأسمر وهو يرفع العلم المصري فوق الضفة الشرقية للقناة، وعليهم اليوم محاكمة المسؤول عن تعرية البنات وسحل الشباب، قبل أن يرسخ في أذهاننا مشهد تعرية الفتاة حين يذكر جيش مصر!

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

نظرية الجنزوري!!


نظرية الجنزوري!!

لم أكن أبالغ حين قلت سابقا "الفرق بين الثوار والمجلس العسكري، أن الثوار يعتبرون الثورة مشروعا للنهضة، بينما المجلس العسكري يعتبرها أزمة وهو – المجلس – في مهمة عسكرية لإنهاء هذه الأزمة، وعودة الأوضاع لما كانت عليه!" .. وهذا بالضبط ما جرى تطويره ليصبح ما يمكن الإطلاق عليه نظرية الجنزوري!

نظرية الجنزوري هي تلك النظرية "البائسة"، التي تجعل من أعداء الثورة أمراء عليها، وتجعل صنف من البشر يحكم بينما قامت الثورة في الأساس كي يحاكم!، هي نظرية التناقضات العجيبة والتوافقات المريبة، وتسويات قذرة لمستقبل الوطن تجري من تحت الطاولة، وهي نظرية العك السياسي ذو الخلفية العسكرية، والعك الانتخابي ذو الطبيعة الدينية، والتحالف بين البيادة العسكرية والذقن الطويلة، تحالف أخذ على عاتقه القضاء على جوهر الثورة، هي نظرية خيانة الثورة في ثوب حماية الثورة، ونظرية تواطؤ بالصمت أو القبول ببيع الثورة بثمن بخس كراسي معدودة!، وهي الفرق بين ثائر يفقد عين من أجل إسقاط مبارك، ثم يفقد الأخرى من أجل إسقاط حلفاء مبارك وخدمه، وبين انتهازي هبط بالبراشوت الانتخابي ليقتنص الثورة من أجل تغطية الهرم بالبطاطين، وحرق روايات نجيب محفوظ!

لقد أظهرت الموجة الثانية من الثورة في 19 نوفمبر الخيط الأبيض من الأسود، أظهرت الثوار من الفجار، أظهرت الأبطال من الأنذال، كان ثوار الموجة الثانية من الثورة، يهزون الميدان، بينما جلست "الجماعة" في البيت، بالتعبير المصري الساخر أنه حين ينزل الرجال يترك "الجماعة" في البيت، والرجولة هنا ليست ذكورة بالمفهوم الأحمق لجماعات تغطية الهرم وحرق روايات نجيب محفوظ، بل رجولة الموقف وتحمل الأخطار، فأصغر بنت وقفت في ميدان التحرير وشارع محمد محمود، معرضة نفسها لخطر الموت، من أجل استكمال إسقاط نظام مبارك وعصابته التي لازلت تحكم في شكل المجلس العسكري، هي أشرف وأرجل ألف مرة من أولئك المنافقين، الذين راهنوا على اقتسام الغنيمة، فغرست أنيابهم في لحم جثث الشهداء، كان الميدان يرفض حكومة الفلول التي جاء بها المجلس العسكري، بينما قال كبيرهم ومرشدهم عن اختيار الجنزوري بأنه "اختيار موفق"!، لا وفقك الله يا لاعق البيادة العسكرية، ألم تعلم أن الجنزوري باع حينما كان رئيسا للوزراء في عهد المخلوع 30% من شركات برنامج الخصخصة في أقل من 4 سنوات؟!، وحتى لو تعلم وتدري، فقد باع الجنزوري شركات، أما أنت وجماعتك فبعتم الوطن، والثورة ودماء شهدائها، والذين اختنقوا بقنابل الغاز المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما كان جون كيري يقبل الكتاتتني ذات اليمين وذات الشمال!

أما  الجنزوري فهو جزء من المشكلة، ولا يمكن أن يكون جزءا من الحل، فالشعب الذي ثار لإسقاط الحزب الوطني المنحل، لم يكن يفقد دماء شهدائه الزكية، من أجل أن يحكمه رجل كان يجلس يوم 24 يناير 2011 في احتفال عيد الشرطة، وقد احمرت كلتا يدييه من التصفيق للديكتاتور مبارك، والسفاح حبيب العادلي، و ثوار مصر الأحرار يستعدون للموت لإسقاط هذا النظام!

لقد آن الآوان لنقول الحقيقة، المجلس العسكري يعيد ترميم نظام مبارك، ويحاول بكل قوته قتل الثورة، ومن يدعون أنهم ممثلي الإسلام، والإسلام منهم براء، يقدمون أنفسهم للغرب بأنهم حماة نظام مبارك، باقتصاد السوق الحر، والتبعية لأمريكا، والالتزام بمعاهدة العار المسماة كامب ديفيد، وقد عقدوا الصفقات، وجرت التسويات، لكن ثورة تلوح في الأفق ستقلب الطاولة على كل هذا العفن، ثورة ستسقط  مؤامرة الجنرالات، وتفضح لاعقي البيادات، وهي أقرب إليكم من حبل الوريد .. وإنا لمنتظرون.

إشارة

في 12 – 12 – 2004م انطلقت أول صرخة لحركة كفاية ضد التمديد والتوريث، تلك الصرخة التي سطعت بشعار يسقط حسني مبارك ، وفي 12-12-2011م كان صدى تلك الصرخة لازال يجلجل في الآذان .. الشعب يريد إسقاط النظام، سبع سنوات على صرخة كفاية الأولى، ومازلنا صامدون على العهد، وفي انتظار استكمال إسقاط النظام .. الثورة مستمرة .. والمجد للشهداء.

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

عفوا سيادة المشير .. لقد نفد رصيدكم!




عفوا سيادة المشير .. لقد نفد رصيدكم!


سيادة المشير .. السادة الجنرالات أعضاء المجلس العسكري .. 
أكتب من ميدان التحرير، لعلكم تذكرون هذا الميدان، فهو من أتى بكم إلى الحكم، وكنتم قبله تؤدون التحية العسكرية للعميل حسني مبارك وأنتم صاغرون، ولم يكن قبل ثورتنا المجيدة أحدا منكم مشيرا أو فريقا أو لواءا يقدر أن يتفوه في حضرة سوزان مبارك بغير كلمة "ست هانم"! .. السادة الجنرالات .. قضي الأمر الذي فيه تستفتيان .. قلتم – وتظاهرنا بتصديقكم – أنكم حميتم الثورة، وفعلتم كل الآثام من أجل تخريبها والقضاء عليها، مبارك يحاكم الآن بتهمة قتل المتظاهرين، وأنتم تقتلون المتظاهرين أيضا في ميدان التحرير وميادين المحافظات، وتفقعون العيون، وتسممونا بقنابل الغاز، السادة الجنرالات .. أنتم بلا شرعية!

السادة الجنرالات .. العين بالعين والسن بالسن، ولكم في القصاص حياة، لقد تحايلتم علينا بدعوى أنكم رفضتم إطلاق النار على المتظاهرين، ثم بدون حمرة خجل قال مشيركم أنه لم يأمره أحد ضرب النار، لكن الذي بين أدينا الآن، أنه في ظل حكمكم الكئيب، قتلتم شباب الثورة، ونكلتم بجثثهم في نفس ميدان الثورة!، وتلطخت يدكم الآثمة بدماء شهداءنا، السادة الجنرالات، إنكم تحرقون أغصان الزيتون، حاولتم حرق الثورة، لكنكم لم تفهموا أن الثورة كالعنقاء لا تحرق، بل تقوم دائما من رماد، السادة الجنرالات، تسيرون على خطى كبيركم الذي علمكم السحر، تختارون نفس سياسات المخلوع السياسية والاقتصادية، تحمون الفلول، تحبسون وتقتلون الثوار، تشهدون بالزور في محاكمة المخلوع، تنحازون لأصحاب المليارات، وتدهسون أصحاب الفتات، وحين عادت الثورة بعبقريتها الزاهية تجدد نفسها، لم يكن منكم إلا أن تعودوا بنا إلى الخلف بتعيين حكومة من نفس النظام الساقط، هل يعقل يا جنرالات أن تقوم ثورة ضد حزب الفساد المنحل، فتختارون رئيس وزراء حكومة إنقاذ وطني للثورة، من نفس الحزب!!، ألم تعلموا أن الجنزوري كان يجلس أثناء إلقاء حبيب العادلي لكلمته في ذكرى احتفال عيد الشرطة 25 يناير، بينما كان ثوار مصر يستعدون للموت من أجل الثورة!!، ثم حين تنتصر الثورة تنصبون أعداءها عليها!، السادة الجنرالات .. أي شرعية تستندون إليها الآن غير شرعية السلاح؟!، فلا استفتاء 19 مارس – الذي نراه باطلا في الأساس – التزمتم بنتائجه، ولا ميدان التحرير الذي جلب لكم السلطة التزمتم بمطالبه، وحين حدث الاحتكام إلى الميادين، وقف انصاركم في ميدان العباسية ولم يتجاوزوا بضعة آلاف، بينما سطع ميدان التحرير وميادين المحافظات بملايين، يلعنونكم، يرفضونكم، وتعالت هتافات الثورة "الشعب يريد إسقاط المشير" .. "يسقط حكم العسكر" .. "قول متخافشي المجلس لازم يمشي"، بينما اختفت شعارات "الجيش والشعب إيد واحدة" ولم يبقى يهتفه اليوم سوى فلول الحزب المنحل، أما الثوار فبوعي كامل هتفوا "جيشنا فوق الراس مرفوع .. والمجلس تبع المخلوع"، لقد اخترتم انحيازكم، تحولتم إلى قيادة للثورة المضادة، وراهنتم رهان خاسر على تحالف مع قوى تدعي الإسلام، والإسلام منهم براء، كل همهم نصيبهم من الكعكة، حتى لو اقتسموه مع النظام القديم، وحين شعرتم أن الشرعية تسحب من تحت أقدامكم، تلوحون بالاستفتاء على شرعيتكم، وكأنكم جئتم باستفتاء، تحولتم كمن تزوج زواجا عرفيا ويريد الطلاق عند المأذون!، أي استفتاء تدعون إليه يا سادة، استفتاء على  قواتنا المسلحة التي هي ملك الشعب، وليست ملك لا مشيركم ولا فريقكم، تحولون الجيش الوطني الذي نقدره جميعا، إلى طرف وخصم سياسي!، أنكم تهينون الجيش والشعب معا.

السيد المشير .. السادة الجنرالات .. بعد القتل، وفقع العيون، والتنكيل بالجثث، تعتذرون، لا يا سادة .. لقد اعتذرتم سابقا .. في بيانكم الشهير "نعتذر .. ورصيدنا لديكم يسمح" .. واليوم نقولها مدوية .. عفوا سيادة المشير لقد نفد رصيدكم .. سقطت شرعيتكم للأبد، سقطت بالدم، سقطت في نفس الميدان الذي جئتم بالتسلق على أكتافه .. حتى بعد الاعتذار مارستم القتل، فدهست مدرعات أمنكم المركزي صباح السبت 26 نوفمبر الشاب أحمد سرور، أثناء الاعتصام أمام مجلس الوزراء لرفض حكومة الحزب المنحل، التي فرضتوها على الثورة، السادة الجنرالات .. لا تنازل عن خط الثورة، وميدان التحرير أعلنها قوية، سنشكل حكومة إنقاذ وطني، ننقل لها صلاحيات المجلس العسكري التشريعية والتنفيذية، سنصمد أمام مدرعاتكم ورصاصكم وغازكم السام، ولو فقدنا جميعا حياتنا.

إلى رفاقي الثوار .. "لا تصالح .. ولو منحوك الذهب .. أترى حين أفقأ عينيك .. ثم أثبت جوهرتين مكانهما .. هل ترى ؟! .. هي أشياء لا تشترى"

الثورة مستمرة
المجد للشهداء


 

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

حنين إلى الثورة!


حنين إلى الثورة!

مع عودة أجواء الشتاء الباردة، يتحرك داخلي شجن عميق إلى حرارة أكثر دفئا من أي نار، تلك الحرارة التي شملتنا بعنايتها طيلة أيام وليالي نضالنا من 25 يناير حتى 11 فبراير، ذلك الدفئ المتقد من حرارة قلوبنا المشتعلة بحب الوطن، أشعر بحنين إلى تلاحم أجساد وأنفاس رفاق السجن يوم 26 يناير، أشعر بحنين إلى الأمل، الذي رغم البرد والقهر والسجن، لم يتزعزع من وجداننا، يقيننا بالنصر أعطانا الصبر والقوة، أشعر بحنين إلى الوحدة وأخلاق الميدان، أشعر بحنين إلى الثورة!

تذكر معي، مشهد ما قبل 11 فبراير، كيف كنا؟!، تذكر – ببعض الحسرة – رجل يوزع التمر وهو يشد من أزرك، لم تكن يومها تسأله هل أنت إسلامي أم ليبرالي؟!، لم يخطر ببالك وأنت تأخذ منه التمرة وتشكره أنه سيكون مع الدستور أولا أم الانتخابات أولا؟!، كان فقط ما تقوله له في ذلك الموقف شكرا يا أخي، إن شاء الله سننتصر، وسنسقط النظام، فيرد عليك مبتسما، إن شاء الله، أتتذكر بنت تحمل علم مصر وقد عقدت شعرها على طريقة ذيل حصان، تمشي بجوارها امرأة منتقبة يهتفان سويا تحيا مصر ويسقط النظام!!، كنت تعلم وقتها أن الاثنتين أختك، فلا للمنتقبة فضل على ذات الشعر العاري إلا بمقدار العطاء في الميدان، أتتذكر طبيب المستشفى الميداني الوسيم، وهو يطوف بين الخيام يسأل هل من مريض، أتتذكر أنك ذهبت يوما للمستشفى الميداني تسأل هل هناك أدوية ناقصة يمكنك المساعدة بشراء البعض منها، فتجد الطبيب مبستما يؤكد لك لا ينقصنا الآن شيئا، تذكر يوم موقعة الجمل، زميلك الذي تعرفت عليه للتو وأعجبت ببسالته في صد هجمات بلطجية مبارك، لم تفكر لحظتها، وأنت تحتضنه بعد نجاحكما في إجبار مجموعة من البلطجية على التراجع،  هل لحيته النابتة تلك لأنه إخواني أم بسبب عدم وجود وقت للحلاقة في الميدان!، ما زلت أذكر تلك المرأة المصرية البسيطة ترتدي جلبابها الأسود، تطوف الميدان فقط لتقول للشباب "شدوا حيلكوا يا أولادي"، وذلك الطفل يتطلع للفضاء حاملا علم مصر، يحمله والده على كتفه، والطفل يهتف مع الهاتفين، وأحيانا يقود الهتاف "الشعب يريد إسقاط النظام".

لقد أخطأنا كثيرا في حق ثورتنا العظيمة تلك، وأجرمنا في حق شهدائها الأبرار، أخطانا – ولا أعفي نفسي – حين تركنا الميدان، وحين دخلنا في جدال عقيم، الدستور أم الانتخابات، ثم هل مصر إسلامية أم بطيخية، وهلم جرة، كنا – ولا زلنا – نعطي الفرصة للمجلس العسكري، يقود الثورة المضادة بأريحية كبيرة، فيحبس علاء عبد الفتاح، ومعه 12 ألف معتقل بقضايا عسكرية، ولم نتعلم أنه حين كانت أيدينا متشابكة، كانت قوتنا الصلبة، والنصر حليفنا بتوفيق من الله تعالى، إنها رسالة يا ثوار، تفرقنا فرقا متناثرة، وشيعا متناحرة، حتى وصل الأمر أن يسألني بعض النشطاء الذين لا أشك أبدا في وطنيتهم الخالصة، إنت نازل جمعة الإسلاميين؟!، إذا وجدت نفسك تسأل من الداعي لأي مظاهرة، قبل أن تسأل ماذا يقول هذا الداعي، فاعلم أنك تنفذ ما يريده المجلس العسكري، بل ما يريده مبارك ونظامه بالحرف والفاصلة والنقطة!

إذا كنت تشعر بالندم على فرصنا الضائعة، إذا كنت مثلي تشعر بالحنين إلى ما كنا فيه، وتشعر بالقرف والاشمئزاز بما وصلنا إليه .. إبدأ بنفسك، تحدث مع 10 أصدقاء، إنزل إلى الميدان يوم الجمعة القادم 18 نوفمبر، مطلبنا واحد "تسليم السلطة قبل 30 إبريل 2012"  .. لا تيأس يا صديقي .. تذكر أن الأمل والوحدة، كانا سلاحنا الأقوى .. الثورة مستمرة، والمجد للشهداء.

السبت، 12 نوفمبر 2011

اعتذار من ثوار مصر .. إلى ثوار البحرين



اعتذار من ثوار مصر ..إلى ثوار البحرين



"من صارع الحق صرعه"، هكذا صهر الإمام علي - كرم الله وجهه - معاني عميقة، في جملة بسيطة، فلا أحد يقدر أن يهزم الحق، ولو كان يملك "قوات درع الجزيرة"، أو ألف درع وسيف، فالحق أحد من حد السيف، وأكثر صلابة من أصلب درع.

إخواني الثوار في البحرين، اسمحوا لي أن أعتذر، كثائر من مصر العروبة، إليكم شعبنا وأهلنا في البحرين، فكثيرا رددنا هتافنا الشهير، "من مراكش للبحرين .. شعب واحد  لا شعبين"، نعم نعتذر يا ثوار البحرين، فالجميع لا يأبه بدمائكم الساخنة الفوارة، انشغلنا عنكم كثيرا كثيرا، وحان الوقت كي تعود الأمور لطبيعتها، فثورة البحرين الأبية ظلمت بما فيه الكفاية، ثورتكم الأبية حاصرها الكذب والافتراء والتضليل، وفتاوي شيوخ السلطان، الذين يلعقون أحذية حكام الخليج، قبل هؤلاء بمقايضة رخيصة، باعوا ضمائرهم وفتاويهم مقابل حفنة من دولارات ودنانير وريالات النفط، قالوا عن تحركات أهلنا في البحرين طائفية، وبرروا بكل خسة ونذالة، لقوات درع الجزيرة سحق المعارضين، فتوسعت دائرة الثأر، وبينما كان الثوار في البحرين يطالبون بإصلاحات داخلية، أصبح لديهم ألف حق وثأر عند كل نظام خان العروبة والإسلام، وتورط في قتل الشعب البحريني الصامد، يا حكام الضلالة، القاتل يقتل ولو بعد حين، ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب.

أيها الكاذبون المنافقون .. عن أي طائفية تتحدثون؟!، والمطالب كانت – ولا زالت – إقامة ملكية دستورية، عن طريق صياغة دستور جديد، يجري بموجبه اختيار الحكومة من برلمان منتخب، وليس عن طريق تعيين الملك لرئيس الوزارء، فرئيس وزراء البحرين – عم الملك – يقبع في منصبه هذا منذ 40 عاما!!، هل حينما يطالب الثوار في البحرين بإلغاء دستور 2002 الذي يجعل من البرلمان ديكورا سخيفا لنظام ديكتاتوري، يعتبر ذلك مطلب طائفي؟!، هل حينما يطالب الثوار في البحرين بإلغاء الصلاحيات التشريعية لمجلس الشورى الذي يعينه الملك، يعتبر ذلك طائفية؟!، هل مطالبات مثل الإفراج عن المعتقليين، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب، وحرية الرأي والتعبير، تعتبر مطالب طائفية؟!، نعلم أن طغاة العرب قد خاصمهم الكرى، بعدما رأوا بأم أعينهم ما جرى!،  بعد عودة الدم للشرايين العربية، فخرجت الشعوب التي قد ظنوا طويلا أنها ماتت، خرجت تطالب بالعدل، والحرية، والاستقلال من التبعية للأمريكان والإسرائيليين، شعر حكام الضلالة بالخطر؛ فعقدوا التحالفات للحفاظ على عروشهم، وعلى ثروات شعوبنا في كروشهم، وعلى وجه الخصوص منطقة النفط، فأمريكا تخشى ظهور ثورات تطالب بالاستقلال والتقدم هناك، الاقتصاد الأمريكي كما نعلم في أسوأ أحواله، واحتجاجات وول استريت والأزمة المالية العالمية يؤكدان شرخ يتسع كل يوم في المنظومة الرأسمالية، لذلك أي هزة تبعد أمريكا من السيطرة على منطقة النفط، فإنها تعني ببساطة قرب زوال الإمبراطورية الأمريكية، فالاقتصاد الأمريكي كما قلنا لن يتحمل مفاجآت في تلك المنطقة تحديدا، لذلك لم يفتح أحد من الغرب فمه إزاء ما يجري في البحرين، فالشهداء يتساقطون، وكل جنازة معرضة لأن تتحول إلى جنازات جديدة، وآخرها ما جرى في جنازة علي الديهي والد المعارض البحريني حسين الديهي نائب رئيس جمعية الوفاق البحرينية، حيث واجهتها قوات الأمن بوحشية كالعادة، حتى علي الديهي 70 عاما لم يسلم من وحشية كذبهم، وهو يقابل وجه ربه الكريم، فالسلطات البحرينية قالت إن وفاته نتيجة إصابته بسكته قلبية، بينما تعرض الرجل السبعيني العمر لهجوم بشع أمام منزله عن طريق قوات مكافحة الشغب، أصيب بجروح بالغة وتوفى على إثرها!

وحين كانت السلطات البحرينية تكذب، وتعتقل، وتقتل في ثوار البحرين، كان حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، يزور المخلوع العميل مبارك في جناحه الرئاسي بالمركز الطبي العالمي، والزيارة جاءت بترتيب وضغوط سعودية واضحة، بعد تهديد سوزان مبارك بفضح الأسرار السياسية والاقتصادية والجنسية لحكام النفط، جاء حمد ليصافح مبارك، فاختلط الدم المصري والبحريني، فكلتا اليدان آثمتان، تقطران دما واحدا، فالدم المصري هو الدم البحريني، دم عربي واحد، والقاتل واحد، فكلا الطاغيان جواسيس للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وحمل حمد معه مستندات مالية كبيرة بمليارات الدولارات، ليتم تحويلها بعد توقيع مبارك عليها لحسابات آمنة، حتى لا يسترجعها القضاء المصري، وفقا لبيان أصدره إخواننا الثوار من حركة "أنصار ثورة 14 فبراير" البحرينية، وتظاهر الأحرار بالآلاف في العاصمة البحرينية المنامة تنديدا لزيارة طاغيتهم حمد بن عيسى، لطاغيتنا مبارك، حقا ما أروعكم يا إخواني، نشكر لكم تقديركم لثورتنا المصرية، ونؤكد على اعتذارنا لكم حين انشغلنا عنكم طيلة الشهور الماضية، ونؤكد أيضا أن من سمح لهذه الزيارة المشبوهة أن تتم هو المجلس العسكري المتواطئ مع نظام مبارك، فثوار مصر يقفون معكم بكل وجدانهم، ويرفضون تدنيس أرض مصر العروبة باستقبال قاتل الشعب البحريني حمد بن عيسى.

إخواني ثوار البحرين، اثبتوا .. فمن صارع الحق صرعه، ومهما طال ليل الظلم والقهر، غدا تشرق شمس العدل والحرية، إخواني ثوار البحرين، ليكن إيمانكم شعلة لا تنطفئ، قلوبنا معكم، ودعاؤنا لكم بنصر قريب بإذن الله.

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

انتهى الدرس يا جنرالات!



انتهى الدرس يا جنرالات!

السادة الجنرالات .. حان وقت المصارحة، وتحديد المقامات، فلا يصح ولا يليق أن يهان الثائر، ويكرم الفاجر، السادة الجنرالات، حين قمتم بأسر علاء عبدالفتاح، لم تكن هذه الفعلة النكراء، مجرد حبس لناشط سياسي، لم يعجبكم أراؤه، بل كانت عملية انقلاب كامل على ثورة، ثورة هي السبب في الجاه الذي أنتم ترتعون فيه الآن، وإذا كنتم نسيتم أو تناسيتم، فنحن لا ننسى، السادة الجنرالات، إنكم تدفنون الثورة، وتحرقون أغصان الزيتون.
السادة الجنرالات، يبدو أنكم نسيتم أنه حين كان علاء عبد الفتاح ورفاقه يسحلون ويعتقلون في الشوارع عام 2006م، من أجل قولة حق في وجه المخلوع، كنتم من مشيركم لفريقكم للوائكم، تؤدون التحية العسكرية وأنتم صاغرون لعميل أمريكا وإسرائيل الأول!، ولم يكن أحد من الذين يرفعون أصواتهم اليوم منكم، أو يشيرون بصباعهم، يهددون الثوار، ويحبسون الأحرار، يقدر وقتها أن يرفع طرف عينه في وجه سوزان مبارك، ولم يكن يقدر أن يتفوه في حضرتها بغير كلمة "ست هانم"!!، نسيتم أن مكتب جمال مبارك كان في دار القوات الجوية، وهو المكتب الذي أطلق عليه "المكتب المؤمن" لشدة تأمينه وحراسته من جانبكم، وسريته وتبعيته للرئاسة، وهو المكتب أيضا الذي كان يجتمع فيه جمال مبارك وحبيب العادلي وزكريا عزمي وصفوت الشريف، لمتابعة خطة التوريث، كان ذلك يتم على مرأى ومسمع منكم، ولم يفتح أحد فمه، أين كان الفريق رضا حافظ قائد القوات الجوية؟!، ألم يكن يعلم أن مشروع التوريث يخطط له في عقر داره؟!!، أم أن الطائرات الحربية F16  التي حلقت فوق رؤوسنا يوم 30 يناير، كانت رسالة أن قيادة القوات الجوية لازالت على العهد مع المخلوع، وابنه!!

السادة الجنرالات، لسنا مدينين لأحد، فكلامكم خالي المعنى والمضمون، وحتى اللياقة، أنكم حميتم الثورة، ولم تطلقوا النار على المتظاهرين، ليس له قيمة أو معنى، فقد ثبت من كلام المشير طنطاوي نفسه أنه لم يطلب أحد منكم إطلاق النار أصلا!، وإن طلب أحد إطلاق النار فلم يكن بمقدوركم فعل ذلك، ليس منة أو تفضلا منكم، ولكن وطنية الجيش المصري هي الأصل والمعنى، فالجيش المصري عبر تاريخه لم يدخل في صدام واسع مع الشعب، لأنه ببساطة جيشا للشعب، وليس جيشا للنظام، أو كتائب مرتزقة، جيش قائم على التجنيد الوطني العام، وصف ضباطه وجنوده هم أولاد وإخوة الشعب، أما أنتم يا جنرالات،  فلا يصح لأحد أن يفاخر أنه شريف، فالأصل هو الشرف، ولا يصح لزوجة أن تذكر زوجها صباحا ومساءا أنها صاحبة فضل عليه لأنها لا تخونه!!، بالعكس يا جنرالات، نعلم يقينا أنكم لم تؤيدوا الثورة يوما، ولعلكم تذكرون أن أول عربات للجيش نزلت ميدان التحرير مساء 28 يناير، كانت عربات تابعة للحرس الجمهوري، بمهمة نقل الذخيرة لقوات الداخلية المنهكة، وقام الثوار بحرقها، أنسيتم يوم موقعة الجمل، حين كان اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية يشكل غرفة العمليات بالمتحف المصري، بينما هجوم البلطجية الأقوى كان من جهة المتحف المصري أيضا!!، من سمح للبلطجية راكبين الجمال والخيول والحمير، أن يأتوا من الهرم وحتى التحرير دون اعتراض، ألم يظهر اللواء الرويني نفسه بصحبته اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية، في فيديو تدوالته مواقع الانترنت، يظهران فيه بعد هزيمة بلطجية مبارك، في اليوم التالي لموقعة الجمل، وهو يطالب الثوار بمغادرة الميدان، نعلم يا جنرالات أنكم رغم علمكم الدقيق، بفساد مبارك ونظامه، كنتم – ولا زلتم – تدينون له بالولاء، لكننا تجاوزنا، ولم نفتح الملفات القديمة، أما وأنتم تصرون الانقلاب الكامل على الثورة، وأسر شبابها، فإننا لن نتجاوز عن شئ مهما كان صغيرا، وعلى الباغي تدور الدوائر، تصرون على السير في ذات الطريق الخاسرة، تحولتم إلى قيادة للثورة المضادة، ترعون الفلول، وتحبسون الثوار، لكن اعلموا، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
السادة الجنرالات، حان وقت الحساب، فمدرعاتكم الطائشة التي دهست شباب هذا الوطن، يوم ماسبيرو الأسود، كانت تابعة للشرطة العسكرية، والمسؤول هنا هو اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية، السادة الجنرالات، إعلامكم الكاذب أراد إحداث فتنة طائفية، والمسؤول هو وزير إعلامكم أسامة هيكل، السادة الجنرالات، أنتم كمجلس بالكامل، تقومون بدور رئيس الجمهورية، وتتحملون مسؤولية حالة الانفلات الأمني، وعدم تطهير الداخلية، التي تقود عبر تنظيمها السري إلى الآن جيوش البلطجية، لتكفير الناس بالثورة، أنتم تنحازون للكبراء، وأصحاب المليارات، وتسحقون الفقراء، وأصحاب الفتات!
السادة الجنرالات، تعتقدون الآن أن مصر تحولت إلى وكالة بلا بواب، وأن كل فرد فيكم ملك، يريد أن يملك، ويحكم، ويتحكم، و جعلتم النيابة العسكرية هي مكان من يعترض أو يفتح فمه من الشرفاء الذين بتضحياتهم الجليلة، أصبحتم في هذه "الأملة" التي لم تحلموا بها، فحين كتب الصحفي المحترم محمود الضبع في صوت الأمة، أن ابن اللواء ممدوح شاهين، قد تم تعينه معيدا، متخطيا دفعة كاملة، ما كان منكم إلا تحويل الصحفي للنيابة العسكرية!!، وكأن ابن اللواء شاهين قضية أمن قومي!!، والآن نعلمكم أنه قد تم كسر هذا الطوق الذي تضعونه حول أعناقنا، ولم يعد يخيفنا شئ، وأن أسوار سجونكم وأغلالكم الحمقاء، لا تمنع أفكارنا من الطيران للسماء، فالصحفي الشريف محمود الضبع ورئيس تحرير صوت الأمة المناضل عبد الحليم قنديل، قد رفضا المثول أمام النيابة العسكرية، وكذلك فعل المناضل علاء عبد الفتاح حين رفض الاعتراف بشرعية نيابتكم العسكرية، ألم تفهموا بعد، إن شرعيتكم قد تعرت، وإن قوتكم بانت ضعفها، يا جنرالات أقصى ما يمكنكم فعله بنا، هل هو قتلنا؟!، يا أهلا بالشهادة في سبيل الحق والحرية والكرامة، ألديكم ما هو أقوى من القتل؟!، إنكم لم تتعلموا الدرس، من عرف الموت، لا يخافه.

السادة الجنرالات، إن ما فعله علاء عبد الفتاح درس يحتذى به، فلتحولونا جميعا للنيابة العسكرية، فهذا لا يعني أبدا أنها شرعية، ومن تأسروه منا هو في عداد المخطوفين، فتحويل الثوار للنيابة العسكرية باطل، لتقتلونا، أهلا بالشهادة، لكن اعلموا جيدا أنه لولا ثورتنا التي اعتبرتموها نكسة، لكنتم تؤدون التحية العسكرية لجمال مبارك وأنتم صاغرون، كما أديتوها للمخلوع، لا أحد يقدر على حصار فكرتنا، لا أحد يقدر على هزيمة إرادتنا، لا أحد يقدر  قتل  ثورتنا .. انتهى الدرس يا جنرالات.

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

معنى "إسقاط النظام"

معنى "إسقاط النظام"

في مساء 28 يناير 2011م، تصاعدت دراما الأحداث إلى أقصى درجات السخونة، كنت مع مجموعة من خيرة شباب الثورة، معتقلين بمعسكر للأمن المركزي بالجبل الأحمر، ومع التصاعد المعروف في مجريات الأمور جرى الإفراج عنا بصورة مرتبكة للغاية، وبدا الانهيار واضحا على ضابط أمن الدولة الذي قابلنا متعجرفا حين جئنا في صباح 26 يناير، أدركت لحظتها أن المشهد خارج الأسوار قد وصل إلى مرحلة اللاعودة مع النظام، وتذكرت هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي سطع طوال ليل 25 يناير في ميدان التحرير!

خرجنا في سيارة الترحيلات، وكان ليل القاهرة على غير عادته ساكنا، والصورة في الأفق تبدو في سكون ما بعد عاصفة، وهدوء ما قبل إعصار، وبوسائل مواصلات مختلفة – لا داعي لذكر تفاصيلها الآن – وصلنا إلى ميدان رمسيس، ومنه مشيا إلى ميدان التحرير، لم يشغل بالي وقتها أني لم أذق طعم النوم منذ 25 يناير، ولا إرهاق جسدي النحيل الذي أضعفه برد الشتاء حين كنا نفترش البلاط في معسكر الاعتقال، ولا جاء على بالي كذلك أهلي الذين لم يعرفوا طريقا لي منذ اختفائي في ظروف ملتبسة يوم 26 يناير، عرفوا بعدها من زملاء لي أني قد تم اعتقالي، كل ما خطر على بالي وقتها .. ما هي الخطوة التالية؟!
 
في صباح 29 يناير كان ميدان التحرير على موعد مع القدر، فدماء الشهداء التي سالت على أرضه، والأراضي المجاورة له، اختزنت الألم والغضب، وكان الثأر ينادي وجداننا، والأمل يدفعنا دفعا لأمر واحد من اثنين، لا ثالث لهما، النصر أو الشهادة، وقفت أهتف مناديا بسقوط النظام، ولأول مرة ترد آهات المصريين، فتهز المكان، بعد أن اعتدنا سابقا على مظاهرات تجمع "نشطاء سياسيين"، وكثيرا ما راودنا الأمل في تحرك الجماهير، إنها الجماهير تلبي النداء، وأذن في الناس، صدقت يا رب العزة، لقد أذنا حتى تعب صوتنا، واعتقدنا أنه ذهب هدرا، لكن صداه ارتد فهز الجبال، وهزم البارود، وقنابل الغاز، وحطم قيود الخوف، وأغلال ثلاثين عاما سوداء في تاريخ البلاد، كنت أختم كل مجموعة هتافات بهتاف الشعب يريد إسقاط النظام .. وهنا اتضح لي لأول مرة أن الثوار ليس وحدهم في الميدان، فقد ظهرت مجموعة في كل مرة أهتف فيها الشعب يريد إسقاط "النظام"، تصر على تحويل الهتاف إلى الشعب يريد إسقاط "الرئيس"! .. كانت تلك المجموعة ليس صعبا بالنسبة لي أن أشتم منها رائحة صنع في الداخلية!، فكثيرا ما ميزت ذلك النوع من البشر الذي يعمل لحساب جهاز الأمن، ولحظتها توقفت عن الهتاف قائلا :" نحن لا نريد إسقاط الرئيس .. نحن نريد إسقاط النظام بأكمله .. النظام يعني الرئيس وكل سياساته" .. واتضحت عبقرية الشعب المصري حين قام بعد ذلك بنفسه وبدون تدخل مني أو من غيري من النشطاء، بإسكات كل من يهتف الشعب يريد إسقاط الرئيس .. ليتحول الشعار المركزي إلى الشعب يريد إسقاط النظام.

النظام .أي نظام. هو أشخاص، ومؤسسات، واختيارات سياسية واقتصادية، وحين قامت الثورة، وانتصرت في المشهد الأول من الفصل الأول، أسقطت بعض الأشخاص، وبتعب أكثر ومليونيات، ومناهدة وطلوع روح، أسقطت أشخاص أكثر، وبعض المؤسسات، لكنها حتى الآن لم تتمكن من إسقاط اختيارات نظام مبارك السياسية والاقتصادية، وهذه هي أكبر مشكلة!

الثورة .أي ثورة. هي تغيير جذري، سياسي، وإقتصادي، وإجتماعي، ومقاطعة كافة الاختيارات السياسية والاقتصادية التي قامت ضدها هذه الثورة، وهنا يطرح البعض سؤالا مهما .. هل كان المجلس العسكري قبل 25 يناير جزءا من نظام مبارك السياسي الذي قامت الثورة ضده؟! .. والإجابة تحتاج إلى تأني، فالجنرالات أعضاء المجلس العسكري لم يمارسوا العمل السياسي قبل 25 يناير، لانضباط المؤسسة العسكرية، وابتعادها عن العمل السياسي وتحزباته، لكن – وهذه هي المشكلة الأخطر – أنه حين أصبح للجنرالات دور سياسي مطلوب، بحكم إدارتهم للبلاد، اختاروا وبمحض إرادتهم نفس الاختيارات السياسية والاقتصادية، التي قامت الثورة ضدها، وبالتالي تحولوا وبغباء شديد إلى امتداد لنظام ثار المصريون لإسقاطه!

نظر الجنرالات لحقوق المصريين الطبيعية، على أنها مطالب "فئوية"، ونسوا أو تناسوا، أن عدم الإحساس بالعدالة في توزيع الثروة هو أصل المشكلة، وتعامل الجنرالات مع تلك المطالب بغض الطرف، ثم الدعاية ضدها، تحت دعاوي كاذبة هي تعطيل عجلة الإنتاج، ثم بالعنف ذاته الذي انتهى به مبارك  حين قرر مواجهة الشعب!، سيقول بعض الجنرالات، وبعض المنافقين، أن الاقتصاد لا يسمح، ونقول لهم حتى الآن الفارق الكبير بين الأجور هو المشكلة، لا تدعموا الكبراء، وانحازوا للفقراء، نعلم أن الحد الأدنى للأجور يحتاج لموارد، ولكن نعلم أيضا أن الحد الأقصى يحتاج لقرار، ويوفر موارد!

اعتبر الجنرالات أن نقدهم قلة أدب، وأن الخروج عن طاعتهم المطلقة، جريمة تستحق العقاب في النيابة العسكرية، وانتهت أكذوبة حرية الإعلام بعد الثورة .التي لم تنتهي بعد. فالحرية المقصودة، هي الحرية على مقاس الجنرالات، فرأينا إعلام هيكل هو إعلام الفقي وصفوت الشريف، ورأينا مصادرة جرائد صوت الأمة وروز اليوسف، والتهديد بمصادرة الفجر، ورأينا منع حلقة الإعلامي المتميز والمحترم يسري فودة، للتعليق على ما قاله الجنرالات في حوار تليفزيوني، واعتقل الجنرالات الناشط علي الحلبي لأنه كتب على الجدران ما أغضب المجلس العسكري، وهي نفس النهاية التي وصل إليها المخلوع، لا يريد سماع سوى صوته، ولا يرى سوا رأيه، وكل ما في باله عن الشعب، عبارة خليهم يتسلوا! .. أما المجلس العسكري فقد منع حتى تلك التسلية!

حين كان على المجلس العسكري أن يختار طريقا، يمثل انحيازا سياسيا واقتصاديا، اختار طريق المخلوع، ومشى على خطاه،بالحرف والفاصلة والنقطة، عادى الثوار، واحتضن الفجار، رعى الفلول، وجعلهم هم الأصول،  فتحول المجلس العسكري إلى امتداد طبيعي لنظام مبارك المراد إسقاطه، وبدلا من أن ينفذ تعهده بحماية الثورة، وتنفيذ مطالبها المشروعة، تحول عن عمد إلى مجلس لقيادة الثورة .. المضادة!  .. الشعب – ما زال – يريد إسقاط النظام.

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

كارت أحمر للمجلس العسكري



كارت أحمر للمجلس العسكري

هذا هو الوقت المناسب من وجهة نظري لرفع الكارت الأحمر، قد يراه البعض متأخرا، فأقول لهم، المهم أنه جاء، وقد يراه البعض متعجلا فأقول لهم، هذه رؤيتي، قد أصيب وقد أخطئ، وقد يرى البعض أن المجلس حمى الثورة، ويقود البلاد لمصلحة شعبها، فلا أقول لهم إلا سلاما، عملا بالآية الكريمة، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا .. سلاما!

القصة ليست انفعالا، ليس لأن الشهيد مينا دانيا كان صديقا عزيزا على قلبي، وليس لأني رأيت بأم عيني متظاهرين سلميين، .نعم سلميين. يطلق عليهم الغاز المسيل للدموع، والرصاص الحي، ويدهسون تحت مدرعات المجلس العسكري، القصة أكبر من ذلك بكثير، حقيقة الأمر أن بقاء هذا المجلس - مجلس قيادة الثورة المضادة - في سدة الحكم قد يؤدي إلى انهيار البلاد، وهو ما لا نرجوه، وسنفتدي البلاد بأرواحنا إن حاول المجلس وإعلامه الكاذب المضلل أن يأخذنا إليه.

لقد كنت بجوار رمسيس هيلتون، بينما نهتف مسلمين وأقباط، في مظاهرة سلمية، وقنابل الغاز فوق رؤوسنا، وخطر على بالي أن أرى ماذا يقول إعلام النظام عنا، الحمد لله لدي في جهاز تليفوني المحمول إماكنية فتح التلفزيون المصري، كنا نجري ونحمي بعضنا بعضا من صوت الرصاص وقنابل الغاز، بينما كان التلفزيون المصري يؤكد وفاة 3 جنود من الجيش على يد مسلحين أقباطّ!!، أبحث حولي عن أي مسلح، فلا أجد سوى مدرعات تدهس المواطنين، ورصاص وقنابل غاز!!

مارس الإعلام المصري –كعادته- هوايته المفضلة في الكذب الحصري على التلفزيون المصري، كل ذلك بالطبع برعاية المجلس العسكري الذي لم تكن لديه مشكلة أن تقوم فتنة قد تعصف بالبلاد، من أجل تحقيق أهدافه، في فرض إرادته بالقوة المسلحة، بعد أن فقد كل شرعية، شرعية الثورة التي منحتها له أثناء هتافات الجيش والشعب إيد واحدة، وهو الهتاف الذي لم يعد يهتفه اليوم سوى البلطجية المأجورين له، بينما يهتف التحرير كل جمعة، الشعب يريد إسقاط المشير!، وفقد المجلس كذلك شرعية الإعلان الدستوري الذي زور نتيجة الاستفتاء على تعديل مواد في الدستور، فغير المجلس ما استفتينا عليه، وأضاف وحذف، وأهدر دم الإرادة الشعبية، ثم جاء الابن الحرام لتلك الفعلة النكراء، الإعلان الدستوري فاخترقه المجلس العسكري أيضا، مر ال 6 أشهر، وبقيت الطوارئ، وبقى هو ذاته –المجلس- مخالفا ما قطعه على نفسه، بأنه لن يستمر أكثر من 6 أشهر.

وفي كشف الحساب، قاد المجلس العسكري البلاد نحو الفوضى، بالعمد، وانعقاد النية، فالبلطجية على مرأى ومسمع منه، ولو أراد لقام بتطيهر حقيقي للداخلية، بأجهزتها، وتنظيمها السري الذي يقود البلطجية إلى الآن، بينما تفرغ المجلس العسكري للقبض على النشطاء، وتحويلهم لمحاكمات عسكرية، تفرغ المجلس العسكري لفض الاعتصامات، بالعصا المكهربة، في كلية الإعلام، وفي ميدان التحرير 9 مارس، وفي ميدان التحرير فجر 9 إبريل، وهذه المرة كان بالرصاص الحي، وفي 15 مايو و 9 سبتمبر أمام السفارة الصهيونية، وأجرت شرطته العسكرية كشف العذرية على الفتيات المعتصمات، وفرمت أجهزته السيادية عددا لجريدة صوت الأمة، وصادرت عددا لروز اليوسف، ووصل الأمر إلى اقتحام قناة الحرة وقناة 25 على الهواء مباشرة أثناء التغطية!!

وحين تم استدعاء المشير طنطاوي للشهادة في محاكمة المخلوع، كانت شهادة شاهد مشافش حاجة، وجاءت الإجابات هي إجابة واحدة تقريبا، "ليس لدي معلومات"، ونحن الآن في محكمة الشعب نسأل المشير، من أمر مدرعات الجيش دهس المتظاهرين يا سيادة المشير؟!، هل لديك معلومات هذه المرة؟!، من أمر أسامة هيكل وزير إعلامك بالكذب والتضليل وإثارة الفتنة والتحريض؟!، هل من معلومات أيضا؟!، وسيادة اللواء إسماعيل عتمان مدير إدارة الشؤون المعنوية حين أشاد بتغطية التلفزيون المصري، هل كان يشيد بدوره شخصيا؟!، طبعا من يشهد لوزير إعلام في عصر مجلس عسكري، غير مدير الشؤون المعنوية في المجلس؟!!

لقد رفعنا في جمعة 8 يوليو الكارت الأحمر لحكومة شرف، والكارت الأصفر للمجلس العسكري، وأجد اليوم رفع الكارت الأحمر للمجلس العسكري واجب وطني، فالهجوم على حكومة شرف، كمن كان قبل الثورة يمارس دور المعارضة المستأنسة المأجورة ويهاجم حكومة نظيف، ويصمت عن رأس الحية، بينما كانت الحكومة، ولا تزال، مجرد سكرتارية عند رئيس الجمهورية، وهو اليوم المجلس العسكري، فهو من عين الحكومة، وهو من يملك إقالتها، هو من يوجه سياستها .. المجلس هو المسؤول .. المجلس هو المسؤول .. المجلس هو المسؤول!

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

طريق التحرير .. وطريق المشير!



طريق التحرير .. وطريق المشير!

طريقان لا يلتقيان، ومعنيان لا يتفقان، طريق يأخذنا للأمل، وطريق نهايته الألم، طريق للعدل، والكرامة، وعزة النفس، وطريق للإحباط، والفشل، واليأس، طريق الناس، وطريق الحراس، طريق الثورة، وطريق الثورة المضادة .. حتما لا يلتقيان، وأخشى أن أقول كذلك، طريق التحرير، وطريق المشير!

المشكلة الحقيقية التي نعاني منها، أن الثورة ليست لديها أداة تنفيذية، تحقق بها أهدافها، بسبب أزمة فراغ القيادة، وجاء المجلس العسكري، قدرا، أو تخطيطا – الله أعلم – وتصدر المشهد، في لحظة من أعقد لحظات التاريخ، فنظر المجلس للثورة باعتبارها مشكلة، وهو في مهمة "عسكرية" لإنهاء هذه المشكلة، والثورة طبعا ليست كذلك، الثورة –أي ثورة- تغيير جذري، سياسي واقتصادي واجتماعي، كان هذا هو طريق التحرير، بينما كان للمجلس والمشير طريق آخر!

الثورة كما قلنا سابقا، جاءت لتكون حلا لثلاث مشكلات، -أولا- تحقيق ديمقراطية حقيقية، كحل لمشكلة الاستبداد، -ثانيا- تحقيق عدالة اجتماعية، كحل لمشكلة الفساد، واحتكار "شلة" لأغلب الثورة القومية بينما يقع أغلب المصريين تحت خط الفقر، -ثالثا- استقلال القرار الوطني سياسيا واقتصاديا، كحل لمشكلة التبعية، ورهن الإرادة المصرية للأمريكيين والإسرائليين، هذا هو طريق التحرير، ببساطة ووضوح، فماذا كان طريق المشير؟!

في الديمقراطية، أرادوا لنا ديمقراطية شكلية، كأن يهاجم الإعلام الرسمي مبارك –وهو خارج السلطة- بينما الاختلاف مع المجلس العسكري، القائم بأعمال الرئيس، يعد من المحرمات، ويهدد من يفعل ذلك بالويل والثبور وعظائم الأمور، و يعتبر خائنا للوطن، قانون الطوارئ قد عاد، والأمن الوطني هو أمن الدولة، وقوانين الانتخابات تلعب لحساب الفلول، والشفافية في محاكمة المخلوع منعدمة، فالشرائط تمسح، والسجلات تختفي!، والصحافة تضرب، بمصادرة عدد لصوت الأمة وفرمه، ثم الضغوط لمصادرة عدد للفجر، ومصادرة عدد لروز اليوسف، واقتحام مكتب الجزيرة، والمدنيين يحاكموا أمام القضاء العسكري، ومبارك في المركز الطبي العالمي!

وفي العدالة الاجتماعية، جرى إطلاق الأبواق الكاذبة، عن احتجاجات المصريين الذين يعانون أسوأ الاوضاع، واعتبر كل مطالبة بحق في الحياة، ضرب للاستقرار، وتعطيل لعجلة الانتاج!، على الرغم من أن عجلة الانتاج تلك يسيطر على عائدها حتى الآن مجموعة من اللصوص، امتصوا ثروات البلد، فقبل أن تطالبوا الشعب بزيادة انتاجه، عليكم أن تشعروه بالعدالة في توزيع الثروة، بحد أدنى للأجور، وحد أقصى للأجور، كفى هراءا أنه لا يوجد موارد، الموارد هي أموال اللصوص وأراضيهم، التي امتصوها من دماء الشعب، في تشكيل عصابي كان يحكمنا، وأظن أنه لا زال، صادروا أموال الفاسدين بإجراءات ثورية، فهذه أموال الشعب، وسترد إلى الشعب، إفرضوا حد أقصى يوفر موارد الموازنة، انحازوا للفقراء، وليس للكبراء، انحازوا لأصحاب الفتات، لا للميارديرات!

وفي الاستقلال الوطني، اختفى صباع اللواء الفنجري، ولهجته المرعبة، حينما قتل الكيان الصهيوني 6 من جنودنا على الحدود، صدر البيان الرسمي، يعبر عن أقل من الحد الأدنى من طموحات الثوار، لكن جرى سحب البيان، على طريقة "خلاص تنزل المرة دي"!!، مسودة، قالوا عنه مسودة، سود الله وجوهكم جميعا، فضحتونا، في واقعة دبلوماسية لم تحدث في التاريخ!،  وحين قبضوا على جاسوس إسرائيلي، أو هكذا قالوا، بمجرد تدخل الأمريكان، لم يستطيعوا أن يقولوا لا، فجاءت التسريبات الصحفية، مصر تبحث الإفراج عن الجاسوس مقابل مساعدات مالية، على طريقة تديني فلوس، أسيب الجاسوس!

خلاصة الكلام، يسير المشير عكس طريق التحرير، ليس ذلك فقط، بل يسير هو وكل أعضاء المجلس، على خط المخلوع، بالحرف والفاصلة والنقطة، وحين قرر المشير أن يقترب من الشعب، لم يجد إلا مستشاري مبارك فيما يبدو، فجرى تصويره أثناء زيارته لمصانع في الفيوم والمنيا، بنفس الإخراج المباركي، وتغطية الصحافة الرسمية للزيارة، كانت نسخة طبق الأصل من تغطيتها لزيارات المخلوع، فجاءت الزيارة بنتيجة عكسية، إذ ارتبط في وعي الشعب الجمعي، أن المشير هو مبارك، على طريقة أحمد زي الحاج أحمد!، وشعر الثوار بالخطر، بعد شهادة المشير في المحكمة، فكان الهتاف الأشهر في جمعة استرداد الثورة "يا مصري انزل من دارك .. المشير هو مبارك"!