الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

طريق التحرير .. وطريق المشير!



طريق التحرير .. وطريق المشير!

طريقان لا يلتقيان، ومعنيان لا يتفقان، طريق يأخذنا للأمل، وطريق نهايته الألم، طريق للعدل، والكرامة، وعزة النفس، وطريق للإحباط، والفشل، واليأس، طريق الناس، وطريق الحراس، طريق الثورة، وطريق الثورة المضادة .. حتما لا يلتقيان، وأخشى أن أقول كذلك، طريق التحرير، وطريق المشير!

المشكلة الحقيقية التي نعاني منها، أن الثورة ليست لديها أداة تنفيذية، تحقق بها أهدافها، بسبب أزمة فراغ القيادة، وجاء المجلس العسكري، قدرا، أو تخطيطا – الله أعلم – وتصدر المشهد، في لحظة من أعقد لحظات التاريخ، فنظر المجلس للثورة باعتبارها مشكلة، وهو في مهمة "عسكرية" لإنهاء هذه المشكلة، والثورة طبعا ليست كذلك، الثورة –أي ثورة- تغيير جذري، سياسي واقتصادي واجتماعي، كان هذا هو طريق التحرير، بينما كان للمجلس والمشير طريق آخر!

الثورة كما قلنا سابقا، جاءت لتكون حلا لثلاث مشكلات، -أولا- تحقيق ديمقراطية حقيقية، كحل لمشكلة الاستبداد، -ثانيا- تحقيق عدالة اجتماعية، كحل لمشكلة الفساد، واحتكار "شلة" لأغلب الثورة القومية بينما يقع أغلب المصريين تحت خط الفقر، -ثالثا- استقلال القرار الوطني سياسيا واقتصاديا، كحل لمشكلة التبعية، ورهن الإرادة المصرية للأمريكيين والإسرائليين، هذا هو طريق التحرير، ببساطة ووضوح، فماذا كان طريق المشير؟!

في الديمقراطية، أرادوا لنا ديمقراطية شكلية، كأن يهاجم الإعلام الرسمي مبارك –وهو خارج السلطة- بينما الاختلاف مع المجلس العسكري، القائم بأعمال الرئيس، يعد من المحرمات، ويهدد من يفعل ذلك بالويل والثبور وعظائم الأمور، و يعتبر خائنا للوطن، قانون الطوارئ قد عاد، والأمن الوطني هو أمن الدولة، وقوانين الانتخابات تلعب لحساب الفلول، والشفافية في محاكمة المخلوع منعدمة، فالشرائط تمسح، والسجلات تختفي!، والصحافة تضرب، بمصادرة عدد لصوت الأمة وفرمه، ثم الضغوط لمصادرة عدد للفجر، ومصادرة عدد لروز اليوسف، واقتحام مكتب الجزيرة، والمدنيين يحاكموا أمام القضاء العسكري، ومبارك في المركز الطبي العالمي!

وفي العدالة الاجتماعية، جرى إطلاق الأبواق الكاذبة، عن احتجاجات المصريين الذين يعانون أسوأ الاوضاع، واعتبر كل مطالبة بحق في الحياة، ضرب للاستقرار، وتعطيل لعجلة الانتاج!، على الرغم من أن عجلة الانتاج تلك يسيطر على عائدها حتى الآن مجموعة من اللصوص، امتصوا ثروات البلد، فقبل أن تطالبوا الشعب بزيادة انتاجه، عليكم أن تشعروه بالعدالة في توزيع الثروة، بحد أدنى للأجور، وحد أقصى للأجور، كفى هراءا أنه لا يوجد موارد، الموارد هي أموال اللصوص وأراضيهم، التي امتصوها من دماء الشعب، في تشكيل عصابي كان يحكمنا، وأظن أنه لا زال، صادروا أموال الفاسدين بإجراءات ثورية، فهذه أموال الشعب، وسترد إلى الشعب، إفرضوا حد أقصى يوفر موارد الموازنة، انحازوا للفقراء، وليس للكبراء، انحازوا لأصحاب الفتات، لا للميارديرات!

وفي الاستقلال الوطني، اختفى صباع اللواء الفنجري، ولهجته المرعبة، حينما قتل الكيان الصهيوني 6 من جنودنا على الحدود، صدر البيان الرسمي، يعبر عن أقل من الحد الأدنى من طموحات الثوار، لكن جرى سحب البيان، على طريقة "خلاص تنزل المرة دي"!!، مسودة، قالوا عنه مسودة، سود الله وجوهكم جميعا، فضحتونا، في واقعة دبلوماسية لم تحدث في التاريخ!،  وحين قبضوا على جاسوس إسرائيلي، أو هكذا قالوا، بمجرد تدخل الأمريكان، لم يستطيعوا أن يقولوا لا، فجاءت التسريبات الصحفية، مصر تبحث الإفراج عن الجاسوس مقابل مساعدات مالية، على طريقة تديني فلوس، أسيب الجاسوس!

خلاصة الكلام، يسير المشير عكس طريق التحرير، ليس ذلك فقط، بل يسير هو وكل أعضاء المجلس، على خط المخلوع، بالحرف والفاصلة والنقطة، وحين قرر المشير أن يقترب من الشعب، لم يجد إلا مستشاري مبارك فيما يبدو، فجرى تصويره أثناء زيارته لمصانع في الفيوم والمنيا، بنفس الإخراج المباركي، وتغطية الصحافة الرسمية للزيارة، كانت نسخة طبق الأصل من تغطيتها لزيارات المخلوع، فجاءت الزيارة بنتيجة عكسية، إذ ارتبط في وعي الشعب الجمعي، أن المشير هو مبارك، على طريقة أحمد زي الحاج أحمد!، وشعر الثوار بالخطر، بعد شهادة المشير في المحكمة، فكان الهتاف الأشهر في جمعة استرداد الثورة "يا مصري انزل من دارك .. المشير هو مبارك"!

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

كل مرة كل مقال بيكون اروع من اللي قبله ربنا يوفقك اكتر واكتر

غير معرف يقول...

كالعادة يا عزيز جبت من الاخر مقال رائع

محمد عوض

sasona يقول...

بحترم رايك جدا يا محمد انت بتجيب من الاخر