الثلاثاء، 23 أغسطس 2011

تحرير سيناء .. وتحرير القاهرة!


تحرير سيناء .. وتحرير القاهرة!


٩٩ % من أورق اللعبة في يد أمريكا، حرب أكتوبر هي آخر الحروب، كلمات قالها السادات أثناء استعداده لتغيير درامي في سياسة مصر الخارجية، فبدلا من اليقين الحاسم لدى المصريين، أن اللفظ الصحيح لكلمة (إسرائيل)، هو العدو الصهيوني، كان السادات يقول: "صديقي بيجن"! .. وبعد أكثر من 30 عاما من هذه السياسة، اتضح للجميع أنه لا 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا، فقنابل الغاز المسيل للدموع التي قهرها ثوار 25 يناير كانت أمريكية الصنع، وثبت للعالم كله أن 100% من أوراق أي لعبة في يد الشعب المصري، وحتما فإن الصراع مع (إسرائيل) لم ينتهي في حرب أكتوبر، وهو ما ندركه يقينا أنها لن تكون آخر الحروب!
ما فعله الشاب المصري أحمد الشحات، حين أنزل العلم الصهيوني من أعلى عمارة السفارة، متسلقا 20 طابق، والفرحة التي عمت الشارع المصري حتى الصباح، هو ببساطة الفرق بين الشعب المصري وبين القائمين على إدارة البلاد، فحين خرج فجرا مجلس الوزراء ببيان أعلن فيه سحب السفير المصري من تل أبيب، ثم نفاه ظهرا معتبرا أنه أرسل بطريق الخطأ، مؤكدا أنه لم يكن بيان بل مسودة!، كانت مصر تغلي غضبا على دماء جنودنا، وانتظر المصريون الرد الحاسم الذي يحفظ لمصر كرامتها بعد ثورتها الجليلة، فكان الثوار يتظاهرون أمام السفارة الصهيونية مطالبين بطرد السفير، وقام البطل أحمد الشحات بنزع العلم الصهيوني ورفع العلم المصري، بينما كان نائب السفير المصري في تل أبيب يتناول  إفطاره على مائدة تجمعه بشيمون بيريز الرئيس (الإسرائيلي)!!، وهذا أكبر دليل على بقاء اختيارات مبارك السياسية، خاصة تجاه الصراع العربي الصهيوني، والتبعية لأمريكا.

وهنا ينغبي إدراك الحقيقة، حتى لو مُـرة، فهي أفضل مليون مرة من خداع أنفسنا، والحقيقة ببساطة أن مصر محتلة!، فسيناء التي غنوا لها "سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم في عيد"، ولا رجعت ولا يحزنون، فمنذ كامب ديفيد وضعت قواعد تحكم أي نظام سياسي مصري، والقاعدة الرئيسية هي أن ثمن بقاء الرؤساء على كراسيهم هو رهن البلاد للإرادة الأمريكية والإسرائيلية، كيف ذلك؟! .. فلنقرأ معا بعض ما جلبته كامب ديفيد لمصر ..

قسمت الاتفاقية سيناء إلى ثلاثة مناطق أمنية أ ،ب ،ج
·        المنطقة (أ) وهي المنطقة الواقعة بعرض 58 كم، شرق قناة السويس، ويسمح لمصر فيها بفرقة مشاة ميكانيكية واحدة تتكون من 22 ألف جندي مع تسليح يقتصر على 230 دبابة، 126 مدفع ميداني، 126 مدفع مضاد للطائرات عيار 37 مم و 480 مركبة.

·        المنطقة (ب) عرضها 109 كم، تقع شرق المنطقة (أ)، وتمثل قلب سيناء بالكامل، ويقتصر السلاح المسموح فيها ب 4000 جندي حرس حدود مع أسلحة خفيفة.

·        المنطقة (ج) وعرضها 33 كم، وتنحصر بين الحدود مع الكيان الصهيوني من الشرق، والمنطقة (ب) من الغرب، ويحظر دخول الجيش المصري إليها، ويسمح فقط بقوات من الشرطة.

·        يحظر إنشاء أي مطارات أو موانئ عسكرية في سيناء كلها!

وإمعانا في إنهاء سيطرة مصر على سيناء سياسيا وعسكريا، تقرر في الملحق الأمني لاتفاقية كامب ديفيد أن تحافظ على هذه المعاهدة قوات أجنبية متعددة الجنسيات MFO ، وهي قوات غير خاضعة للأمم المتحدة، و40% منها قوات أمريكية والباقي أغلبه من دول حلف الناتو، والقيادة دائما أمريكية.

ليس هذا فقط، بل جرى بعد ذلك اختراقات واسعة للسياسة المصرية الداخلية والخارجية، وفق سيناريو أمريكي واضح، لسحق استقلال القرار السياسي المصري، وجعل السفارة الأمريكية في القاهرة، تقوم بدور المندوب السامي البريطاني في عهد الاحتلال، فقد تم وضع الخطوط العريضة للسياسة المصرية الداخلية والخارجية على النحو التالي:
·        تصفية القطاع العام، لأنه من قام بدعم المجهود الحربي، في حرب 1973م، واعتماد الاقتصاد المصري على طبيعة ريعية، دون تنمية مستقلة أو تصنيع، يدير  الاقتصاد طبقة رجال أعمال قريبة من أمريكا، مع انهاك الشعب اقتصاديا.
·        العمل دائما أن تبقى مصر محتاجة إلى القمح الأمريكي، وقتل أي محاولات مصرية للاكتفاء الذاتي من القمح، وفق خطة أمريكية ذكرت نصا "أن القمح الأمريكي يجب أن يتحول من حالة اعتياد إلى حالة اعتماد" .. ملحوظة: وضعت هذه الخطة أوائل الستينات، وهي منشورة ضمن وثائق المخابرات الأمريكية بسبب مرور 25 سنة على الوثيقة وفقا لقانون حرية المعلومات الأمريكي.
·        عزل مصر عن محيطها العربي، والأفريقي، وتنمية شعارات من نوعية مصر أولا، وقد كان النظام في الحقيقة يطبق شعار (إسرائيل) أولا، فمصلحة مصر ببساطة هي ذاتها مصلحة الأمة العربية والعالم الإسلامي، ودائما مصلحة مصر هي عكس مصلحة إسرائيل، فليس من مصلحة مصر تصدير الغاز (لإسرائيل)، وحصار المقاومة في غزة، والوقوف في صف (إسرائيل) ضد حزب الله، والسماح للطائرات والبوارج الأمريكية بالمرور من المجال الجوي المصري والمياه الأقليمية في حرب احتلال العراق 2003م.

وهنا ندرك الحقيقة .. أن السيادة المصرية منزوعة في سيناء بكامب ديفيد، واستقلال القرار السياسي المصري منزوع وفقا لسيناريو أمريكي يحكم مصر منذ كامب ديفيد .. وهنا ندرك أن مبارك كان ترسا في آلة التبعية .. وأن إفقار مصر وإذلال شعبها بلقمة العيش هو جزء أصيل من هذا السيناريو الأمريكي .. والحل واحد بل وحيد .. هو تحرير سيناء .. وتحرير القاهرة من كامب ديفيد والتزاماتها .. وهنا مربط الفرس .. فلا ديمقراطية ستتحقق ونحن تحت الاحتلال!

الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

إلى النيابة العسكرية .. معتدل مارش!

إلى النيابة العسكرية .. معتدل مارش!

تخيل معي .. مشهد ميدان التحرير، يزهو كعادته بشباب الثورة، وأعلام مصر تعانق السماء، ذاك المشهد الأسطوري الذي أبهر العالم، وأعاد للمصريين اكتشاف ذواتهم، الشباب يهتفون مطالبين باستكمال أهداف الثورة، تطهير حقيقي، محاكمات عادلة، انحياز الدولة للفقراء وليس للكبراء .. فجأة يقطع هذا المشهد الأسطوري، صوت زاعق، من شخص يرتدي زي الشرطة العسكرية .. إلى النيابة العسكرية معتدل مارش!

سيطر هذا المشهد الفانتازي السابق على مخيلتي، مع سماعي خبر إحالة الناشطة أسماء محفوظ للنيابة العسكرية، وفي نفس يوم محاكمة السفاح حبيب العادلي، والجزار حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق، وباقي الشلة أمام محاكمة مدنية!، بل في الجلسة السابقة صورت كاميرات التلفزيون، حبيب العادلي وهو يخرج مبتسما كما لو كان نجما سينيمائيا، بينما صافحه "بحرارة ظاهرة" ضابط شرطة عسكرية، وأدى التحية العسكرية له ضباط الداخلية!.
علمت أن تهمة الزميلة أسماء محفوظ، كلمة كتبتها على الفيس بوك، فيما معناها أنه إذا لم تقتص العدالة لدماء الشهداء، في قضايا العادلي ومبارك، فلا يشعر أحد بالاستغراب، إن حدثت اغتيالات سياسية، وتنظيمات مسلحة، واعتبرت النيابة العسكرية ذلك القول تحريضا، مما أدى بهم في نهاية التحقيق أن يفرجوا عن أسماء على ذمة قضية عسكرية، وبكفالة 20 ألف جنيه، وهنا كانت المفارقة الأخرى أن أسماء التي اتهموها بالتحريض، على فعل لم يحدث أصلا، حققوا معها عسكريا وكانت الكفالة 20 ألف جنيه كما ذكرنا، بينما الوزيرة السابقة عائشة عبد الهادي المتهمة بالتحريض على موقعة الجمل، وهو فعل وقع، وأدى إلى سقوط شهداء، وإصابات، تم التحقيق معها أمام القاضي الطبيعي، وأفرج عنها بكفالة 10 آلاف جنيه فقط، أي نصف ما طلب من أسماء سداده!

اتصلت بأسماء تليفونيا بعد التحقيق معها، وبدت ودودة كعادتها، وذات صوت ضاحك، سألتها ما هو انطباعك الأساسي، ردت "النظام كما هو يا عزيز!"، ثم بجدية أكثر "تصور طوال عصر مبارك لم أذهب إلى نيابة عسكرية رغم كل ما فعلناه!" ..

وما كدت أفيق من صدمة تحويل أسماء للنيابة العسكرية، إذا بمعلومة جديدة تصلني، أن النيابة العسكرية، طلبت استدعاء مها أبو بكر المحامية الناصرية، والناشطة بحركة كفاية للتحقيق أيضا، وفي الواحدة والنصف بعد منتصف الليل اتصلت بمها ضاحكا، فشر البلية دائما ما يضحك، وسألتها بسخرية "نيلتي ايه انتي كمان؟!" .. ردت ضاحكة والله لا أعلم، كل القصة برنامج توك شو انتقدت فيه أداء المجلس العسكري بموضوعية جدا، سألتها في أي ساعة  ستذهبين إلى النيابة العسكرية، قالت أنها ستذهب تؤدي رسالتها كمحامية عن أهالي الشهداء في قضية مبارك في الصباح، وستذهب المحامية سيدة عبد الفتاح للحضور عنها، وإذا بها تقول في مرارة "تصور .. أنا محامية مدنية أحال للنيابة العسكرية بسبب رأي قلته، بينما مبارك العسكري، ومتهم بالقتل في نفس اليوم أمام قاضيه الطبيعي، والمفارقة الأكبر، أني محامية عن أهالي الشهداء ضده!"

رأيت في اليوم التالي جمال مبارك ضاحكا في نهاية الجلسة، يشير بعلامة النصر، وجاء لمخيلتي مشاهد رأيتها للشهداء والمصابين أثناء الثورة، ورأيت شباب الثورة يساقون واحدا تلو الآخر للنيابة العسكرية، حتى الشباب الذين تظاهروا أمام سفارة العدو الصهيوني حاكموهم عسكريا، وفي 24 ساعة، بينما من صدر الغاز للأعداء، وحاصر الأشقاء، يرقد معززا مكرما في المركز الطبي العالمي، وفي الجناح الرئاسي! .. وشعرت بخنجر يطعن قلبي .. وسؤال يلح على رأسي ترى من يكون التالي .. إلى النيابة العسكرية معتدل مارش!