زعيم في الفاترينة!
وصلت طائرة الزعيم بعد تأخر أكثر من ساعتين إلى أرض الوطن بينما كان الآلاف من أنصاره على باب المطار يحملون الأعلام والرايات والصور، تلتهب حناجرهم بالهتاف بحياة الزعيم ومواقفه الوطنية، يرونه الأمل الباقي للخروج من الأزمة السحيقة التي أغرقت البلاد في الفساد والاستبداد.
جاءت لحظة خروج الزعيم من باب المطار لتلهب حماس الجماهير المتعطشة للتغيير، شاب ينظر إلى رفيقه ويحتضن يديه قائلا :"أخيرا .. أخيرا سنلتقي بالزعيم، سنخبره أن الوطن يحتاجه.. أنه أملنا الباقي وسنسمع منه عن خطته .. لابد للزعيم من خطة للتغيير والإصلاح" ، نظر له رفيقه بهدوء وصمت عميق وفتح فمه بالكلام إلا أن صوته لم يـُـسمع إذ تعالى فجأة هتاف الجماهير المتحمسة بينما ظهر الزعيم خلف الواجهة الزجاجية مبتسما رغم إرهاق السفر محاولا الخروج من الباب، لكن بدأت تحدث أمور غريبة لم يفهمها الجماهير وقتها .. حرس الزعيم يفسحون الطريق مبعدين أيدي الجماهير الممدودة بالسلام للزعيم ولما اشتد زحام الجماهير المتعطشة للتغيير محاولين الحديث للزعيم تقهقر للخلف عائدا إلى الداخل .. ليخرج من صالة كبار الزوار!
في سيارة الزعيم الفارهة ال (4 * 4) جلس يستريح من المجهود الجبار الذي بذله في محاولة الابتعاد عن الجماهير وأخبر السائق بالتوجه إلى فيلته الفارهة "أيضا"، لكن أخيه – الذي انتظره مع الجماهير قرابة الخمس ساعات- أخبره أن توجهه مباشرة إلى فيلته سيسبب إحباطا للجماهير التي انتظرته بشغف وشوق! .. حينها قرر الزعيم العودة بالسيارة إلى الجماهير .. وبالفعل فرح الجماهير بشدة وقال الشاب المتحمس لرفيقه "ألم أقل لك سيعود .. لابد أنه سيخرج ليحدثنا بكلمات قصيرة عما ينويه من خطة لتعديل الدستور" .. ومرت السيارة أمام الشباب المتحمس الذي التف حولها بمنتهى الحماس محاولا إيقافها دون جدوى حتى أن الشاب المتحمس تعلق بها لكنها لم تتوقف أبدا ولم يُـفتح زجاجها اللامع حتى ليخرج الزعيم يده فقط تحية لجماهيره التي تحملت مشقة الانتظار مدة خمس ساعات كاملة!
بعد وصوله بيومين ظهر في برنامج تليفزيوني شهير متحدثا لجماهيره من خلال "الشاشة" بعدما فشل في الحديث مباشرة إليهم .. أنه لابد من الإصلاح .. لابد من الديمقراطية .. لابد من العدالة، كان الشاب المتحمس يجلس مع صديقه يتابعان حديث الزعيم فقال لصديقه "أجل فعلا البلاد تحتاج إلى الإصلاح، والديمقراطية، والعدالة" ثم تردد قليلا وبدأ ينظر إلى شئ مجهول في الأعلى ربما ينظر إلى السماء أو إلى الإله لينقذه من حيرته ثم قال:"لكن الزعيم لم يذكر حتى الآن كيف نحقق الإصلاح والديمقراطية والعدالة!" .. في تلك اللحظة قال الزعيم لمحاورته لابد من تعديل الدستور ليسمح لأغلبية الشعب في نزول الانتخابات، وهنا لمعت عيني الشاب المتحمس قائلا:"نعم .. إن الزعيم يقول نفس كلام القوى الوطنية، إنه على نفس الخط الذي نرجوه لابد أنه سيدعو إلى مظاهرات عارمة للمطالبة بتعديل الدستور" وبدأ يفكر في شكل المظاهرات.. من أين تبدأ.. وأين تمر، وعن الهتافات التي سيهتفها فيها أجل سيهتف (يا شعب ثور ثور .. علشان تعديل الدستور)، وهنا سألته المحاورة وكيف ستعمل على تعديل الدستور، فلمعت عيني الشاب المتحمس مرة أخرى وانصت السمع، وقال الزعيم أنا صاحب فكر.. سأظل أقول هذا الكلام .. أنا أشير إلى الطريق .. شعر الشاب الذي بدأ يفقد حماسه بأنه يهوي من السماء إلى الأرض وكانت هذه هي لحظة الارتطام.. فالزعيم الذي علق عليه الآمال قرر أن يشير إلى الطريق فقط دون أن يمشي فيه .. فهو لن يتظاهر للمطالبة بتعديل الدستور لن يدعو إلى إضراب أو اعتصام أو عصيان مدني فتلك المصطلحات لم يستعملها بل أكد أن علاقته بالرئيس المستبد علاقة ود، وأن ما بينهما مجرد اختلاف سياسي .. نظر الشاب المتحمس – سابقا – في حالة حزن إلى صديقه قائلا "يبدو أن الزعيم الذي رأيناه خلف الباب الزجاجي في المطار قرر أن يبقى في الفاترينة إلى الأبد"!
جاءت لحظة خروج الزعيم من باب المطار لتلهب حماس الجماهير المتعطشة للتغيير، شاب ينظر إلى رفيقه ويحتضن يديه قائلا :"أخيرا .. أخيرا سنلتقي بالزعيم، سنخبره أن الوطن يحتاجه.. أنه أملنا الباقي وسنسمع منه عن خطته .. لابد للزعيم من خطة للتغيير والإصلاح" ، نظر له رفيقه بهدوء وصمت عميق وفتح فمه بالكلام إلا أن صوته لم يـُـسمع إذ تعالى فجأة هتاف الجماهير المتحمسة بينما ظهر الزعيم خلف الواجهة الزجاجية مبتسما رغم إرهاق السفر محاولا الخروج من الباب، لكن بدأت تحدث أمور غريبة لم يفهمها الجماهير وقتها .. حرس الزعيم يفسحون الطريق مبعدين أيدي الجماهير الممدودة بالسلام للزعيم ولما اشتد زحام الجماهير المتعطشة للتغيير محاولين الحديث للزعيم تقهقر للخلف عائدا إلى الداخل .. ليخرج من صالة كبار الزوار!
في سيارة الزعيم الفارهة ال (4 * 4) جلس يستريح من المجهود الجبار الذي بذله في محاولة الابتعاد عن الجماهير وأخبر السائق بالتوجه إلى فيلته الفارهة "أيضا"، لكن أخيه – الذي انتظره مع الجماهير قرابة الخمس ساعات- أخبره أن توجهه مباشرة إلى فيلته سيسبب إحباطا للجماهير التي انتظرته بشغف وشوق! .. حينها قرر الزعيم العودة بالسيارة إلى الجماهير .. وبالفعل فرح الجماهير بشدة وقال الشاب المتحمس لرفيقه "ألم أقل لك سيعود .. لابد أنه سيخرج ليحدثنا بكلمات قصيرة عما ينويه من خطة لتعديل الدستور" .. ومرت السيارة أمام الشباب المتحمس الذي التف حولها بمنتهى الحماس محاولا إيقافها دون جدوى حتى أن الشاب المتحمس تعلق بها لكنها لم تتوقف أبدا ولم يُـفتح زجاجها اللامع حتى ليخرج الزعيم يده فقط تحية لجماهيره التي تحملت مشقة الانتظار مدة خمس ساعات كاملة!
بعد وصوله بيومين ظهر في برنامج تليفزيوني شهير متحدثا لجماهيره من خلال "الشاشة" بعدما فشل في الحديث مباشرة إليهم .. أنه لابد من الإصلاح .. لابد من الديمقراطية .. لابد من العدالة، كان الشاب المتحمس يجلس مع صديقه يتابعان حديث الزعيم فقال لصديقه "أجل فعلا البلاد تحتاج إلى الإصلاح، والديمقراطية، والعدالة" ثم تردد قليلا وبدأ ينظر إلى شئ مجهول في الأعلى ربما ينظر إلى السماء أو إلى الإله لينقذه من حيرته ثم قال:"لكن الزعيم لم يذكر حتى الآن كيف نحقق الإصلاح والديمقراطية والعدالة!" .. في تلك اللحظة قال الزعيم لمحاورته لابد من تعديل الدستور ليسمح لأغلبية الشعب في نزول الانتخابات، وهنا لمعت عيني الشاب المتحمس قائلا:"نعم .. إن الزعيم يقول نفس كلام القوى الوطنية، إنه على نفس الخط الذي نرجوه لابد أنه سيدعو إلى مظاهرات عارمة للمطالبة بتعديل الدستور" وبدأ يفكر في شكل المظاهرات.. من أين تبدأ.. وأين تمر، وعن الهتافات التي سيهتفها فيها أجل سيهتف (يا شعب ثور ثور .. علشان تعديل الدستور)، وهنا سألته المحاورة وكيف ستعمل على تعديل الدستور، فلمعت عيني الشاب المتحمس مرة أخرى وانصت السمع، وقال الزعيم أنا صاحب فكر.. سأظل أقول هذا الكلام .. أنا أشير إلى الطريق .. شعر الشاب الذي بدأ يفقد حماسه بأنه يهوي من السماء إلى الأرض وكانت هذه هي لحظة الارتطام.. فالزعيم الذي علق عليه الآمال قرر أن يشير إلى الطريق فقط دون أن يمشي فيه .. فهو لن يتظاهر للمطالبة بتعديل الدستور لن يدعو إلى إضراب أو اعتصام أو عصيان مدني فتلك المصطلحات لم يستعملها بل أكد أن علاقته بالرئيس المستبد علاقة ود، وأن ما بينهما مجرد اختلاف سياسي .. نظر الشاب المتحمس – سابقا – في حالة حزن إلى صديقه قائلا "يبدو أن الزعيم الذي رأيناه خلف الباب الزجاجي في المطار قرر أن يبقى في الفاترينة إلى الأبد"!