الثلاثاء، 20 يوليو 2010

الشاكون من التزوير!


الشاكون من التزوير!

كتبت مرارا وتكرارا أن ذلك العبث الذي يطلق عليه "انتخابات" في مصر قد انسحب عنه صفة الانتخابات وتحول الأمر إلى مسرحيات وتمثيليات ركيكة خالية من أي عنصر تشويق منزوعة الإثارة وبلا أي حبكة درامية، وإذا طبقنا عليها قواعد النقد الفني - وليس السياسي - لفشلت حتى في أن تكون مسلسلات تلفزيونية هابطة!
والحمد لله تعالى أن الحكومة لم تشأ أن تكذبنا وتقوم بإخراج سيناريو محبك لمسرحية "انتخابات" الشورى الأخيرة بل على العكس تماما خرجت "الانتخابات" المزعومة في أكثر صور التزوير فجاجة وكانت النتيجة - والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه - كما توقعناها بالحرف وهي "لم ينجح أحد إلا إذا كان عضوا في الحزب الوطني أو يحمل صك الرضا منه" وتلك هي نص الجملة التي استخدمتها في مقال سبق مسرحية الشورى حمل عنوان "وأمرهم شورى بينهم". وفي تلك المسرحية حصل الحزب الوطني على ٨٠ مقعدا وحصلت "أحزابه الوطنية" "الغد" - جبهة موسى مصطفى موسى - و"الناصري" و"التجمع" و"الجيل" على أربع مقاعد وحصل المستقلون على أربع مقاعد آخرى وكان الله بالسر عليم!
ثم انهالت اتهامات التزوير على الحكومة وجهاز الأمن من قبل الذين لم يأخذوا نصيبا من كعكة الانتخابات "الفاسدة"!. ومازلت أحاول جاهدا أن أفهم تلك القوى المسماة "معارضة" وتتهم الحكومة بتزوير الانتخابات على الرغم من أننا كنا نؤذن في مالطا وملأنا الدنيا صراخا بأن تلك الانتخابات المزعومة بدون أي ضمانات حقيقية وستكون مزورة وتمثيلية بايخة ومجرد المشاركة فيها يضفي شرعية على هذا الفيلم الهابط لكن لا حياة لمن تنادي!. وكل من شارك في تلك الانتخابات كان يعلم علم اليقين أنه سيرى الجحيم وأنه لا توجد انتخابات من أصله والقصة كلها تعيينات إدارية من قبل الحكومة لأعضاء الحزب الوطني وبعض المعارضة المستأنسة مكافأة لها على مواقفها اللطيفة التي تجمل شكل النظام وتمنحه الفرصة للظهور بمظهر ديمقراطي أمام العالم!!
الغريب أن هذه الانتخابات شكى من التزوير فيها الطرفان المعارضة - وهذا أمر يبدو طبيعيا - وبعض أعضاء الحزب الوطني نفسه ممن خسروها!!. فمثلا تتهم جماعة الإخوان المسلمين الحكومة بتعمد إسقاط كل مرشحيها في الانتخابات - وهذا أمر صحيح - وقد نبهنا حتى بح صوتنا نطالب جماعة الإخوان بعدم المشاركة وقد كان ما كان.. ما علينا!!. لكن إلى جانب ذلك يتهم عبد الإله عبدالحميد عضو الحزب الوطني ومرشحه عن دائرة وسط البلد وعابدين الأمن بالتزوير لصالح محسن عطية مرشح الحزب الناصري في نفس الدائرة والفائز بها واتهم عضو الحزب الوطني الحزب الوطني بعقد صفقة مع الحزب الناصري!!. الأكثر إثارة للسخرية أن مرشح حزب التجمع الفائز في الدائرة الأولى بمحافظة دمياط وهو صلاح مصباح اتهمه أعضاء حزبه بعقد صفقة مع الوطني يفوز على إثرها بالمقعد وتسبب الأمر في استقالة الكثير من أعضاء وقيادات التجمع في دمياط لأنهم اعتبروا الأمر إهانة للحزب وجماهيره !، أما محسن الحبشي مرشح الحزب الوطني في نفس الدائرة وصف التزوير الذي فعله الحزب الوطني لصالح التجمع على إثر تلك الصفقة "بالخيانة العظمى" وكأن التزوير فرض عين لصالح مرشحي الحزب الوطني ومن الكبائر إذا استعمل ضدهم من أجل الصفقات!!. وتتوالى الفضائح فقد قام أحمد سميح مرشح الحزب الوطني بدائرة جنوب الجيزة بسب كلا من شريف والي أمين الحزب الوطني بالجيزة، وأحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني، ومحافظ الجيزة، واتهمهم جميعا بتزوير الانتخابات لصالح موسى مصطفى موسى!!
نحن أمام ظاهرة فريدة وهي أن التزوير أصبح معترف به من كل الأطراف إخوان، تجمع، وحتى الحزب الوطني ذاته!!. وهذا يقودنا بصورة لا تقبل الشك بأن ما جرى في مسرحية مجلس الشورى الأخيرة لم يكن انتخابات بل نوع من الضحك على الشعب وتزييف للوعي العام بعد تزييف الإرادة بالتزوير بينما تعقد الصفقات تحت الطاولة ويحدد الحزب الوطني وجهاز الأمن من ينجح منه ومن ينجح ممن يطلق عليهم معارضة لزوم الشكل الديكوري.
جرى ما جرى في الشورى ونحن مقبلون على فيلم آخر لا يقل هبوطا وإسفافا اسمه "انتخابات" مجلس الشعب مع تصريحات لرشاد بيومي نائب المرشد العام للإخوان المسلمين يؤكد أن الجماعة ستشارك في جميع الانتخابات القادمة!، ونقول من الآن وبشكل واضح أن صورة الانتخابات كما هي الآن بدون الإشراف القضائي والدولي وفي ظل قانون الطوارئ والرقابة على الصحف وعدم حرية التظاهر وعدم حرية تشكيل الاحزاب وإصدار الصحف هي نوع من الخداع البصري وتزييف لعقل الناس. وإذا كانت المشاركة في ما أطلق عليه انتخابات الشورى يمثل خطأ سياسيا فأن المشاركة في ما يطلق عليه انتخابات مجلس الشعب بعد ما جرى في الشورى يمثل خطيئة سياسية وعارا أخلاقيا لن يمحوه التاريخ .. اللهم بلغت .. اللهم فاشهد!

الاثنين، 5 يوليو 2010

عن حصار غزة ومجدي حسين



عن حصار غزة ومجدي حسين


استدعت الفضيحة الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي بعد الهجوم القرصاني على أسطول الحرية لفت النظر إلى فضيحة آخرى من نفس العينة لكن للنظام المصري "الحليف الاستراتيجي لإسرائيل"!. لولا أن مصر "الرسمية" تحاصر غزة - من أجل عيون إسرائيل - لما جاءت تلك السفن من ٤٠ دولة حول العالم تكسر الحصار حاملين رؤوسهم على أيديهم معرضين أنفسهم لخطر الموت في سبيل كسر الحصار ‎(الاسرائيلي - المصري). كانت ستدخل تلك المعونات عبر معبر رفح معززة مكرمة لو أن سيادة مصر على المعبر سيادة حقيقية لكن الواقع أن سيادة مصر قد تلاشت بفضل سيادة الرئيس!

التصرف الإسرائيلي بمنتهى القسوة ضد كل من يفكر في كسر الحصار عن غزة جعلني أتذكر أن النظام المصري أيضا قد سبق إسرائيل في ردع كل من تخول له نفسه - ولو خيالا - أن يكسر الحصار على أهلنا الصامدين في القطاع!. تذكرت الكثير من القوافل التي منعتها قوات الأمن "المصري" قبل الوصول إلى سيناء، والأخرى التي فرقتها قوات الأمن "المصري" بالقوة والاعتداء على منظميها من أمام مجلس الدولة، وتلك التي منعتها قوات الأمن "المصري" بالقبض على العشرات من النشطاء السياسيين المتضامنين مع غزة من وسط البلد!

تذكرت أيضا ما جرى للمناضل مجدي أحمد حسين، فالرجل سبق الجميع - كعادته - في النضال من أجل كسر الحصار (المصري) على غزة وقام بتأسيس "اللجنة المصرية لكسر الحصار عن غزة" في عام 2007م، ثم قام بفعل متقدم جدا - كعادته أيضا - حينما دخل إلى غزة كاسرا الحصار فعليا بعد العدوان الإسرائيلي البربري على القطاع مباشرة في أواخر عام ٢٠٠٨م. أصابت جرأة مجدي حسين على الحصار ذعر النظام المصري فهو لا يقبل أي مساس بإسرائيل وأمنها القومي!!، لذلك تمت إحالة مجدي حسين إلى محاكمة هزلية عسكرية بتهمة التسلل من غزة إلى مصر وحكم عليه بالسجن لمدة عامين وغرامة ٥ آلاف جنيه. لذلك شعرت بالدهشة حينما أخذت أتابع نشرات الأخبار في التلفزيون الرسمي المصري منذ العدوان الإسرلئيلي على أسطول الحرية لأجد أحد الأخبار "الثابتة" يوميا أن معبر رفح مفتوح لليوم "......" على التوالي!، ومع مرور يوم جديد يبقى الخبر كما هو بعد إضافة واحد إلى الرقم السابق!!. لن أخوض في تفاصيل تتعلق باللياقة الإعلامية والمهنية فهذا الخبر يدخل في نطاق الإعلان وليس الإعلام!، لكن الأهم من ذلك أنه ثبت - بالدليل العملي - أن "الإشاعة" التي يروج لها يوميا عبر التلفزيون الرسمي بأن معبر رفح مفتوح هي درب من دروب الوهم ومحض خيال أو كلام ليل يسيح مع أشعة شمس الصباح!. فحين نظمت القوى الوطنية قافلة جديدة بعد أسطول الحرية مصدقين تلك الإشاعة بأن المعبر مفتوح لم يتم السماح لهم بدخول غزة وقال لهم أمن المعبر "المصري" أنه يجب علينا استئذان إسرائيل!!

لا أصدق أن الرئيس مبارك يريد كسر الحصار عن غزة. فالرئيس مبارك بشهادة شاهد من الأهل - بنيامين بن آلي عاذر - كنز إسرائيل الاستراتيجي!، وكتب كبير المحللين في جريدة هآرتس الإسرائيلية ألوف بن " إنه علينا أن نصلي من أجل سلامة مبارك وبقاؤه إلى الأبد ليبقى (معنا)!!". وعدم تصديقي ليس فقط نظريا مبنيا على التحليلات بل عمليا بسبب ما حدث لقافلة اللجنة المصرية لفك الحصار عن غزة، وأيضا عدم الإفراج عن مجدي أحمد حسين!. فإذا كان مجدي حسين قد كسر الحصار وهذه "تهمته" التي اعتقله النظام بسببها فكيف نطمح من سجانه - بسبب تلك التهمة المشرفة - أن يكسر هو الحصار!