الاثنين، 17 يناير 2011

العبر المرئية في الثورة التونسية!

العبر المرئية في الثورة التونسية!


لهذا المقال بكل تأكيد تقدير خاص في قلبي، فهذه هي المرة الأولى التي تأتي فيها البشارة أمام عيني، وعمليا، بأن أفكارنا عن التغيير ليست خيالات ولا أوهام، ليست مبالاغات أو أضغاث أحلام!، بل حقيقة وفعل وعمل، والأهم أنها أمل!

لست هنا مستهدفا تحليل ما جرى في تونس، فما جرى هو ما كان يجب أن يحدث!، وهو ما بشرنا به، وما كنا نؤمن به غيبا - وهو أقوى الإيمان - فلما حدث أمامنا أصبح كمعجزات أنبياء الله زادتنا إيمانا فوق إيماننا، أنه الحق والصدق والعدل أن يحدث. إني مهتم الآن باستخلاص العبر من تلك الثورة الشعبية التي تعد الأولى عربيا في العصر الحديث لكنها أبدا لن تكون الأخيرة!

العبرة الأولى: قوة الشعوب!

الشعوب العربية التي ظن الجميع أنها ماتت، ولم يعد ينتظر منها أي حراك، وأنها قنعت بالذل والفساد والاستبداد، وراح الحكام في بلاد العرب يملئون خزائنهم من ثرواتها، وجلسوا للأبد على العروش، ومن قوت يومنا ملئوا الكروش، هؤلاء الذين يعدون علينا الأنفاس، وأمن دولتهم ومخبريهم يدققون النظر في كل شبر، في كل وجه، في كل كلمة، في كل همسة، يكتبون التقارير، وأمنهم المركزي قد جهز العصي والهروات وقنابل الغاز لفض التظاهرات، وبقوانين الطوارئ وأحكامهم العرفية يعتقلون كل من اعترض أو حتى فكر!، وقيدوا الإعلام، وراقبوا حتى ما يأتينا في الأحلام!، كانوا اقتنعوا - منذ زمن - أنه لا خطر من تلك الشعوب الصامتة الهادئة، وفي الحقيقة كان تحت السطح الهادئ ألف بركان من الغضب والقهر يغلي، وكان رغم التهديد والوعيد، رغم قيود السجان، لازال هناك شباب شجعان، يحلمون بغد أفضل. قبل 14 يناير 2011م نام هؤلاء الحكام يحلمون أحلاما سعيدة، بعد أن ضمنوا بقائهم في الحكم مدى الحاة، بدأوا تجهيز الساحة للتوريث، إما الإبن أو الأخ أو الزوجة!، لكن ترى ما حالهم بعد 14 يناير 2011م، بعدما رأوا رفيق سابق لهم في الفساد والاستبداد والتبعية، يخرج كالفأر مذعورا، ذميما محسورا، يهيم على وجهه في السماء لا يجد له مأوى، تخل عنه كل الاصدقاء من الغرب الذين خدمهم سنوات وسنوات، وانتهى به الحال وحيدا طريدا شريدا في جدة!، أين البوليس، وقوات القمع ذات الملابس السوداء، أين العصي والهروات، لا شئ من ذاك يحميك اليوم، لمن القرار اليوم، للشعب الثائر المغوار!، ارحل إلى الأبد غير مأسوف عليك، أيا حكام العرب، إنها أهم العبر .. إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر!

العبرة الثانية: الثورة أمل .. لا يأس!

ما حدث في تونس مدعاة أمل، ودليل عمل، وبشرى أكيدة وعلامة بازغة في السماء، وليس أبدا مبررا لليأس وجلد الذات، اتعجب بشدة من بعض الشباب الذي تحمس لثورة تونس الأبية، ثم انهال على الشعب المصري بأفظع الصفات، وكفر به، وفقد الأمل فيه، فهذا أمر غير صحيح بالمرة، فمنذ شهرين فقط كان الشعب التونسي لا يختلف شيئا عن الشعب المصري، وكانت الأمور "تبدوا" هادئة، والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ينعم في قصر قرطاج، وزوجته ليلى الطرابلسي تتحكم ف كل كبيرة وصغيرة، وحدثت الشرارة، شاب لم يكن يعرفه أحد (محمد البوعزيزي)، اعترض على الظلم، والفقر، والذل، والبطالة، فأحرق النار في نفسه لتكون تلك النيران شرارة أدت إلى ثورة عارمة أسقطت نظاما في 29 يوما، حكم قبلها 23 عاما!!. يقول البعض أنه في مصر لدينا أيضا الشاب عبدالحميد شتا الذي انتحر لأنه كان متفوقا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ورفضت وزارة الخارجية تشغيله لأنه ليس من علية القوم، ولدينا شهيد الطوارئ خالد سعيد، ولدينا شهداء العبارة وقطار الصعيد والمبيدات المسرطنة، وأقول لهم وكذلك كانت تونس أيضا، الاختفاء القسري والاعتقال والتعذيب والقتل، كل ذلك كان يحدث على مدار 23 عاما، لكن شرارة الثورات لا أحد أبدا يمكنه تحليل متى موعدها وكيف تأتي ومن أين تأتي، العبرة أنه إذا أرادت الشعوب لا يوقفها أحد، ولا راد لأمرها أحد، تبقى الشعوب، ويفنى الحكام، فحين تظنون أن السطح هادئ تماما، أبشروا فالقاع في قمة الغليان، اطمئنوا أبناء وطني، ثورة مصر قادمة، وهي أقرب أليكم من حبل الوريد، كنت أؤمن بها غيبا والآن جاء الدليل، ولاحت البشارة!

العبرة الثالثة: دماء وعرق .. لا زعماء من ورق! 

الذي حدث في تونس يعني أنه لا تغيير يمكن أن يحدث إلا بالتظاهر والاعتصام والإضراب في الشارع فهذا ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، وما عدى ذلك كزبد البحر يذهب جفاء!، فأي حديث عن عدم النزول إلى الشارع تحت أي مسمى هو كلام فارغ يخدم النظام ويثبت دعائمه المهزوزة، مصر بحاجة إلى مظاهرات وإضرابات في الشارع، لا سفريات متوالية للخارج!!، مصر بحاجة لدماء وعرق، لا إلى زعماء من ورق، مصر بحاجة إلى مبادرات شجاعة، لا إلى جمع توكيلات، وموقع تدوينات التويتر!!. التغيير لا يحتاج إلى سنوات، فتونس في 29 يوما أسقطت نظاما حكم 23 عاما.

خلاصة الكلام .. العصيان المدني هو الحل، الثورة الشعبية السلمية هي الحل، إلى انتفاضة مصر يا رفاق!

هناك تعليقان (2):

احمد العناني يقول...

تسلم ايدك يا عزيز
لم تترك لي اي ملحوظه
مقال اكثر من رائع كما عودتنا

شريف فتحى جامع يقول...

أخى الحبيب سلام الله عليك
أشاركك الفرحة و البشارة بثورة الياسمين المباركة فى تونس الخضراء بسواعد رجالها و شبابها الأبطال بحق المغاوير بحق حاملوا لواء العرب بحق .
لكنى لا أقول أننى لا أثق فى ثورة شعبنا المصرى " و أنا منة " لكنى أنتظر معك بفارغ الصبر هذة الشرارة الأولى و لا أدرى هل أكون من أول شهدائها و هل إذا حدث سيتقبلنى المولى جل فى علاة شهيدا .
أحييك بشدة أخى محمد على مجهودك و مقالاتك المواكبة دائما للحدث أصدقك القول أننى أشعر أمامك بخزى الصامت أمام نبراسا يسعى للحق و لا يخشى بطش سلطان و لا ترهبة الهروات و القنابل المسيلة للدموع و لا المعتقلات لا أدرى إن قلت لك أننى أنحنى أمامك لما تصنع فهل سأكون وفيتك ما تستحق
خالص تحياتى لك