الثلاثاء، 14 يونيو 2011

جاسوس إسرائيلي .. وغاز مصري!!


جاسوس إسرائيلي .. وغاز مصري!!

لا صوت يعلو هذه الأيام، فوق صوت الجاسوس، بل قل لا صورة تعلو فوق صورة الجاسوس!، فجأة تحول إيلان جرابيل الجاسوس الإسرائيلي إلى حديث الساعة، ونجم الشباك، حيث لم يترك دليلا قد يؤدي إلى كشفه، إلا وقد أهدانا به، ولم يترك مكانا في القاهرة، إلا وتصور بجانبه، حتى حسابه على الفيس بوك، وضع صورته الشخصية عبارة عن علم إسرائيل وعلم مصر، وكان حريصا على توفير علينا العناء، حيث وضع صوره مرتديا زي جيش الدفاع الإسرائيلي، حتى أنني أشفقت كثيرا على جهاز الموساد من هذا المستوى المنهار مهنيا، وأدعوهم لقراءة روايات رجل المستحيل أدهم صبري للدكتور نبيل فاروق، عسى أن يتعلموا شيئا!!

المهم أنه لدينا - باعتراف المجلس العسكري - جاسوسا إسرائيليا، كان يعمل على نشر الفوضى، والوقيعة بين الشعب والجيش، وإشعال الفتنة الطائفية، وبالتالي نحن ننتظر محاكمته، واستدعاء السفير الإسرائيلي بالقاهرة، وإبلاغه احتجاج مصر الرسمي، كما هو الحال لأي دولة تحترم نفسها وشعبها، وسحب السفير المصري من تل أبيب، وكذلك لا يصح أبدا أن تصدر مصر الغاز لمن يتجسس عليها!!

والحقيقة أنه بغض النظر عن وجود جاسوس إسرائيلي من عدمه، فإن تصدير الغاز لإسرائيل جريمة كبرى، وعار سياسي وأخلاقي، والقصة ليست في سعر متدني نسعى إلى رفعه، فإسرائيل كما نراها، ويراها كل الشعب المصري، عدو إستراتيجي، وكان مبارك كنزها الاستراتيجي، واليوم فقدت إسرائيل الكنز، سقط مبارك، وسقطت معه سياسة الانحطاط والتبعية، والدوران في الفلك الأمريكي، بإرضاء إسرائيل، فإرضاء إسرائيل، يضمن إرضاء أمريكا، مما يضمن البقاء على كرسي السلطة، ورقاب المصريين، واتباع نفس سياسة المخلوع، تجاه إسرائيل، درب من دروب الجنون، وانقلاب على خط الثورة الوطني، فالمجلس العسكري قد تحدث في بياناته الأولى، أنه ليس بديلا عن شرعية الشعب، وأنه ضامن لتحقيق مطالب الثورة، والثورة قامت ضد نظام تابع للأمريكان وإسرائيل، لاعق لأحذيتهم، منبطح لإرادتهم، معادي للأشقاء، وكنز للأعداء، ومن هتافات ميدان التحرير "اللي يصدر غازه لإسرائيل .. يبقى خاين يبقى عميل"، "حسني مبارك يا جبان .. يا عميل الأمريكان" ، "ولا مبارك ولا سليمان .. دولا عملاء الأمريكان"، وهذا أمر طبيعي، ويعكس نبض الشارع المصري، الكاره في جيناته الوراثية لإسرائيل، والعاشق من رأسه حتى قدميه، لكل ما هو عربي، وفلسطيني بشكل خاص، وإعادة ضخ الغاز لإسرائيل، في هذا التوقيت يسبب صدمة كبيرة، وشرخا بين آمال ونبض الجماهير الثائرة، وبين متخذي القرار السياسي المصري، كما أن الإعلام المصري قد تعامل مع الخبر بصورة مريبة جدا، حيث جاء في التلفزيون الرسمي ذلك الخبر على النحو التالي، عودة ضخ الغاز إلى العريش والأردن، وسقطت إسرائيل سهوا، أو بمعنى أدق أسقطت عمدا!، أما الإعلام المستقل فقد تعاملت جرائده، وقنواته الخاصة، مع الخبر بمساحات ضيقة جدا، وكأن هذا الخبر لا يستحق أن تقف الدنيا ولا تقعد بسببه!!

والآن أتوجه بالحديث إلى الخائفين على عجلة الإنتاج، الذين صدعونا بمحاضرات في العمل والبناء، وأرهقونا بشعارات عن انهيار الاقتصاد، وشبح الإفلاس اللعين، ما رأيكم دام عزكم في تصدير الغاز لإسرائيل؟!، أتوجه إلى المنادين بالدستور أولا، والمنادين بالدستور أخيرا، على حد السواء، إلى الناصريين القوميين، الذين يعتبرون قضية الصراع العربي الصهيوني قضيتهم الأولى، وشغلهم الشاغل، إلى الإخوان المسلمين، الذين يرددوا دائما في مظاهراتهم، ع القدس رايحين شهداء بالملايين، هل نذهب معا، إلى السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، قبل الذهاب إلى القدس؟!، هل تصدير الغاز لإسرائيل، يتماشى مع الإسلام؟!، إلى السلفيين الذين قلبوا الدنيا من أجل كاميليا وعبير، وتظاهروا أمام الكاتدرائية، هل نتظاهر معا أمام سفارة إسرائيل؟!، إذ ثبت أن المظاهرات ليست حرام في الإسلام بما أنكم قمتم بهذا الفعل!،  هل تصدير الغاز للأعداء يتماشى مع تعاليم السلف الصالح؟!، إلى الليبراليين المنادين بمصلحة مصر أولا، هل تصدير الغاز لإٍسرائيل في مصلحة مصر؟!، إذا كنتم جميعا قد تشتتم فرقا متناثرة، وشيعا متناحرة، فهل تجمعكم قضية رفض تصدير الغاز لإسرائيل، وتعود إليكم وحدتكم التي كانت أهم أسباب النصر في ثورة ٢٥ يناير المجيدة، هل ندعو جميعا إلى مليونية رفض تصدير الغاز لإسرائيل، اتسقوا مع أنفسكم، واستقيموا يرحمكم الله!

إلى المجلس العسكري، وحكومة شرف، هرولتم إلى البنك الدولي للاقتراض، بزعم أزمة اقتصادية طاحنة تمر بها البلاد، انحزتم إلى رجال الأعمال، فألغيتم الضرائب على الأرباح الرأسمالية، وتفكرون في إعادة هيكلة دعم الطاقة، وتتباطؤون في فرض حد أقصى للأجور، ثم صدرتم الغاز لإسرائيل، على الرغم من الرفض الشعبي، فكونوا مع الشعب، لأنه هو الباقي، وهو المعلم، أو صارحوه ماذا تفعلون؟!، وأيضا اتسقوا مع أنفسكم، واستقيموا يرحمكم الله!

ليست هناك تعليقات: