الاثنين، 13 فبراير 2012

العسكر والإخوان .. وشباب الثورة


العسكر والإخوان .. وشباب الثورة

"يحكى أن .. كان ياما كان .. إن شبابنا .. عملوا ثورة .. كبالبركان .. جم العسكر .. نطوا عليها .. خزقوا عنيها .. راحوا اتحالفوا مع الإخوان! .. قالك نقطع إيد السارق .. قلنا نقطع إيد العسكر .. أصل العسكر سرقوا الثورة .. قالوا لأ إلا العسكر .. دولا حبايبنا وزي السكر!، هتاف ساخر ما أن أطلقه عمنا كمال خليل المناضل الثوري الرائع، حتى انتشر بصورة واسعة، وأصبح يطلب من عمنا كمال تكراره في كل مظاهرة تقريبا، فقد عبر عما يدور في عقول شباب الثورة بكلمات قليلة وبسيطة، لكنها عميقة لأبعد الحدود.

فلا أحد عاقل في هذا البلد يمكنه إنكار تفاهما عقد بليل بين المجلس العسكري والإخوان، وأن ترتيبات تجري بينهما في غرف مغلقة، وتسويات لمستقبل الوطن من تحت طاولة مفاوضات، والتفاهمات بين الإخوان والدولة لم تجر منذ 11 فبراير 2011م، وهو اليوم الذي انتقلت فيه سلطة المخلوع "بالتكليف" لمجلسه العسكري، لكن الأمر أسبق من ذلك، فطاولة مفاوضات قد نصبت بين عمر سليمان مدير المخابرات ونائب رئيس الجمهورية السابق وبين الإخوان المسلمين، وفي مقر رئاسة الوزراء، وكانت صورة مبارك تغطي خلفية حجرة الاجتماعات تلك، جلس عمر سليمان على رأس المائدة، والدكتور الكتتاتني على اليسار، بينما كان ميدان التحرير وقتها يهتف "لا تفاوض قبل رحيل .. لا تفاوض مع عميل"! .. لم يكن وقتها يقدر أحد – في ظل سخونة وحيوية مشهد الميدان – أن يطرح داخل الميدان فكرة ترك مبارك يكمل مدته، وحين انتصرت الثورة في أول جولة، وأسقطت رأس النظام، تم استخدام الإخوان من قبل المجلس العسكري كمفرغة صواعق الثورة، وامتصاص سخونتها وإطفاء الوهج الثوري، ومشينا في طريق إصلاحي بتعديلات على دستور ساقط، ثم تم إلغاء نتائج الاستفتاء بإعلان دستوري لم يستفتينا فيه أحدا، ومشينا في عك سياسي بخلفية عسكرية، وعك انتخابي بطبيعة دينية، وقانون الانتخابات الحالي يحظر الدعاية على أساس ديني، في الوقت الذي لم نجد دعاية على أساس غير ديني في الانتخابات الأخيرة!، فجاء برلمان ما بعد الثورة، معبرا عن أزمة مجتمع يعاني الفقر والبؤس، وشباب الثورة الذين صمدوا أمام كل ألاعيب مبارك، وجدوا أنفسهم كالتائهين في مولد السياسة الاحترافية، أصبحوا كالأيتام يوم العيد، فالجميع يحتفل وهم لا يشعرون بطعم للسعادة، وإحساس المرارة عالق في الحلق لا يزول، فقد جرت عملية تشويه ممنهجة لهؤلاء الشباب الطاهر، وإزاحة متعمدة من أي مكان في ترتيبات الفترة الانتقالية، وتولى زمام الأمر في هذه الفترة المجلس العسكري الذي كلفه مبارك، والإخوان الذين رفضوا الاشتراك يوم 25 يناير ولم يلحقوا بالثورة إلا في 28 يناير مع قرب هزيمة شرطة المخلوع، وبعد أن ظهرت المكاسب قطوفها دانية، ومن المعلوم أن الإخوان لهم تاريخ نضالي لا ينكره أحد، إلا أنهم بحسابات معينة لم يجرءوا أن يتظاهروا ضد مبارك ولا مرة واحدة، في الوقت الذي كانت حركات من نوعية كفاية و 6 إبريل وشباب من أجل العدالة والحرية و الاشتراكيين الثوريين هتافهم الرئيسي في جميع المظاهرات التي كان يقمعها الأمن "يسقط يسقط حسني مبارك"!، وما أذكره عن المظاهرات المشتركة بين حركة كفاية وشباب الإخوان المسلمين أنني حين كنت أهتف يسقط يسقط حسني مبارك، كان شباب الإخوان يضعون أيديهم لتكميم فمي بالقوة!

على أي حال يعلم الجميع أن المجلس العسكري الآن هو الخصم المباشر للشباب الذي خرج يوم 25 يناير 2011، وهم نفس الشباب وأكثر خرجوا يوم 25 يناير 2012 بشعار يسقط يسقط حكم العسكر، والإخوان لم يعاديهم هذا الشباب إلا بعد أن تحولوا بشكل واضح إلى الظهير السياسي للمجلس العسكري، يدافعون عنه دفاع الراعي عن مراعيه، ويهاجمون منتقديه هجوما ضاريا، وصل إلى اتهامهم بالعمالة والتخريب والسعي لإسقاط الدولة، وهي نفس اتهامات أمن دولة مبارك سابقا، بل وصل الأمر أن يتم تصديق دعاوي وزير الداخلية في الأحداث الأخيرة داخل البرلمان، بأن الشرطة لم تستخدم الخرطوش، بينما كان نقيب أطباء مصر د. خيري عبد الدايم مصاب بخرطوش الداخلية، وكذلك مراسل قناة النيل للأخبار محمود العزالي الذي فقد عينه اليمنى بطلقة خرطوش، والناشطة سلمى سعيد التي أصيبت بعشرات الطلقات بمختلف أنحاء جسدها، ووصل الأمر أن يرفع نائب برلماني هو محمد أبو حامد فوارغ الخرطوش في المجلس، فيتم اتهامه بالفسوق، ويجري أحد النواب عليه محاولا خطف فوارغ الطلقات منه!، ثم يدين تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس الأمن، ويتهمه بالتقصير في تأمين استاد بورسعيد، دون أي إجراء عملي بسحب الثقة من وزير الداخلية مثلا، والمنطق يقول أن الحكومة بأكملها مسؤولة مسؤولية سياسية واضحة عن الأحداث، وليس بمنطق التقصير فقط، بل بالتواطؤ والتآمر.

كل ذلك وينكر الإخوان أن هناك صفقة بينهم وبين المجلس العسكري، ونحن نقول لهم حسنا فلتثبتوا ذلك للشعب وكذبونا، ونتمنى أن نكون مخطئين، فلتصدروا قانونا بمحاكمة خاصة للمخلوع بتهم الخيانة العظمى والفساد السياسي، والزموا وزير الداخلية بمعاملة المخلوع كأي سجين عادي بدلا من إقامته الفندقية المستفزة لمشاعر الشعب بالمركز الطبي العالمي، ولتسحبوا الثقة من الحكومة العاجزة عن تأمين استاد فكيف لها أن تؤمن بلدا؟!، ولتزموا وزير البترول بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، افعلوا ذلك إن كنتم صادقين!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

رائع دائمآ ياريس :)