الاثنين، 16 نوفمبر 2009

عن البديل الرئاسي أتحدث


عن البديل الرئاسي أتحدث


تحدثنا في المقال السابق "الأمور البديهية في العملية الانتخابية" عن بديهيات أي انتخابات سوية والصورة التي عندها يمكن أن نبدأ بالقول أن هناك انتخابات من الأساس، وهي تنقسم إلى قسمين، الأول ضمانات عامة تتعلق بخلق مناخ سياسي يسمح بالمنافسة وتكافؤ الفرص بين المرشحين مثل حرية تكوين الأحزاب وحرية إصدار الصحف وإلغاء قانون وحالة الطوارئ والإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين وتعديل الدستور في مادتيه 76 الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية للسماح بالترشح دون تلك القيود المعجزة الموجودة في المادة الحالية والمادة 77 الخاصة بمدد الرئاسة حتى لا يبقى رئيس لآخر نفس فيه يحكمنا بينما هو يقطع أنفسانا معه!
والقسم الثاني يتعلق بالشروط الفنية للعملية الانتخابية ذاتها مثل الإشراف القضائي والدولي وتحقيق مبدأ قاض لكل صندوق انتخابي وعدم السماح بدخول الأمن اللجان الانتخابية ويكتفي بتأمينها من الخارج فقط إلا إذا طلب القاضي رئيس اللجنة دخوله إلى آخر تلك الضمانات التي تسمح بإجراء انتخابات حقيقية وليس من نوعية اضحك الصورة تطلع حلوة!

وقلنا أنه إذا لم تتحقق تلك الشروط والضمانات يصبح الموقف "الطبيعي" الواجب اتخاذه هو المقاطعة العامة - ترشيحا وتصويتا - لتلك المسرحية المبتذلة حتى لا نشارك ككومبارس رخيصي الثمن في فيلم التوريث .. وحينما نذكر كلمة المقاطعة يأتينا رأيان رافضان لها الأول يقول أن تلك الشروط والضمانات منطقية وصحيحة وإذا لم تتحقق يصبح واجب علينا مقاطعة الانتخابات ولكن – ويا خوفي من ولكن- يجب أن تكون المقاطعة شاملة لكل القوى الوطنية وبما أن الأخوان المسلمين "قد" يشاركوا في الانتخابات البرلمانية فلابد ألا نقاطع حتى لا نفتت الجهود! وهذا كلام يصيبني بفقعة المرارة وارتفاع ضغط الدم .. فكيف تكون (مقتنعا) بأن المقاطعة هي القرار الصحيح إذا لم تتحقق الشروط والضمانات البديهية ولكن لأن آخريين قد يشاركوا فأنت ضد المقاطعة .. وردي على هؤلاء بقول الإمام علي "الحق يكون ثم يتبعه من يكون" فإذا تخيلنا أن كل القوى الوطنية وافقت على التوريث أو التطبيع فهل نقبل بذلك حتى لا نشتت الجهود!!
والرأي الثاني يرفض فكرة المقاطعة من الأساس بزعم أنها هروب من المواجهة بين تيار المعارضة الجديدة الجذرية والنظام في تلك الفترة الحاسمة والتاريخية من عمر الوطن وإلى هذا الرأي أكتب هذه الكلمات.

هل المقاطعة هروب؟!
هذا أمر غير صحيح بالمرة لأن طرح المقاطعة الذي طرحته حركة كفاية وامتدادها الطبيعي في ائتلاف المصريين من أجل التغيير لم يكن يتحدث عن المقاطعة باعتبارات الجلوس في المنزل ومشاهدة قنوات الأخبار، بل طرح الائتلاف خطة وبرنامجا شاملا للخروج من المأزق .. يتمحور حول فكرة طرح بديل رئاسي من خارج مسرحية الانتخابات بصورتها الحالية الهزلية والتي حولتها إلى فيلم كارتون، ويكون هذا البديل منتخبا مما أسماه الائتلاف "الجمعية العمومية للشعب المصري" وهي مكونة من كل نواب البرلمان السابقين والحاليين المعارضين وقادة الاحتجاجات والحركات السياسية ومجموعة كبيرة من المثقفين وقادة الرأي العام والقضاة الشرفاء من تيار الاستقلال والنشطاء السياسيين الشباب والمدونين كل هؤلاء يختارون شخصا يمثل (البديل الرئاسي) المطروح ومعه مجموعة تشكل مجلس دولة "تقبل" خوض المعركة ومستعدة لتحمل النتائج والتضحية من أجل الوطن .. وتعمل تلك الجمعية على تسويق الشخص أو مجموعة القيادة تلك بين الشعب المصري عن طريق جمع توكيلات لهم على غرار توكيلات "ثورة" 1919 .. وعقد مؤتمرات شعبية في كل قرى مصر لتعريف الناس بهم.

وانتشرت في الآونة الأخيرة حمى تأيدية لأشخاص بعينهم معظمهم أو كلهم لهم تقدير خاص عندي وعند عامة الشعب المصري ومعظمهم أو كلهم أيضا لن يتمكنوا وفقا للظروف الحالية من الترشح نظرا للتعديل الدستوري المفصل على مقاس الوريث .. وبالتالي من الأجدى للوقت والجهد العمل خارج الإطار والملعب الذي رسمه لنا النظام عن طريق العصيان المدني ولا نبقى متشبثين بأمل أن يمن علينا النظام بانتخابات بها شبهة الانتخابات أصلا! .. لذلك نطرح فكرة البديل الرئاسي الذي تحدث عنه ائتلاف التغيير وهو يتيح لنا خوض معركة سياسية وشعبية ضد هذا النظام من غير أن يكون محددا لنا سلفا أرض المعركة وعلى ملعب النظام ووسط جماهيره بل أن يكون الحكم في هذه المباراة هو النظام أيضا!!

ليست هناك تعليقات: