الجمعة، 31 يوليو 2009

وهم التغيير المستورد (3-3)

وهم التغيير المستورد (3-3)


المقال الثالث : التغيير الملون والمنظمة المشبوهة!!


تأسست منظمة فريدوم هاوس ذات الصلة الوثيقة بجهاز المخابرات الأمريكية CIA في عام 1941م بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي وقتها فرانكلين روزفلت وهو نفس الرئيس الذي استضاف في عام 1942م المؤتمر الصهيوني بحضور دافيد بن جوريون وتم الإعلان في هذا المؤتمر عن أحقية اليهود في وطن قومي على أرض فلسطين، وكان دعم الرئيس روزفلت لهذه المنظمة المشبوهة جليا حين جعل على رأسها زوجته ألينور روزفلت بالإشتراك مع المحامي القريب منه والداعم هو الآخر للمشروع الصهيوني ويندل ويلكيلي الأب.
كان الهدف "المخابراتي" من تأسيس تلك المنظمة المشبوهة هو مكافحة "التعسف السوفيتي" وهو الاسم الذي كان يستخدم وقتها لمكافحة الشيوعية طبقا للخطة التي وضعها ال
CIA تحت مسمى سياسة الاحتواء، وبالفعل تعترف منظمة فريدوم هاوس على موقعها الرسمي عبر شبكة الإنترنت أنها دعمت مشروع مارشال وهو المشروع الذي تبنته أمريكا لتعويض الدول الأوربية "الغربية" عن خسائرها في الحرب العالمية الثانية لتبدو تلك الدول "الغربية" كجنة نسبة إلى المعسكر "الشرقي" الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي واللعبة كانت لعبة جهاز المخابرات الأمريكية باقتدار منذ بدايتها، ويبدو ذلك جليا من دور المنظمة في الحرب الباردة عبر التغلغل في المجتمعات الشيوعية وتفكيكها من الداخل.
ويبدو دور جهاز المخابرات الأمريكية في إدارة وتوجيه منظمة فريدوم هاوس واضحا بقوة ولا يحتاج إلى أي ذكاء أو عبقرية سياسية فيكفي أن نذكر أن مجلس أمنائها الحالي يضم بين صفوفه أنتون ليك (Anthon Lake) وهو مستشار "الأمن القومي" للرئيس الأمريكي بيل كلينتون من عام 1993م حتى عام 1997م كما يضم أيضا ويندل ويلكي الأبن (Wendell Willki) مستشار الرئيس الأمريكي رونالد ريجان لشؤون "الأمن القومي" كذلك.
أما عن رؤساء هذه المنظمة فحدث ولا حرج معظمهم - أو كلهم - كان على علاقة وطيدة ومباشرة بجهاز المخابرات الأمريكية ونخص بالذكر بيتر آكرمان "يهودي" الذي تولى رئاسة المنظمة وأشرف بنفسه على التخطيط والتدبير لما يسمى الثورة البرتقالية في أوكرانيا والوردية في جورجيا، وبيتر آكرمان هو صاحب إختراع لعبة فيديو شهيرة تعرف باسم قوات أكثر نفوذ أو كيف تهزم الديكتاتور وهذه اللعبة وزعت على من يطلق عليهم "الثوار" في كلا من جورجيا وصيربيا وأوكرانيا!!
ومن أبرز رؤساء فريدوم هاوس جيمس ولسي "يهودي صهيوني متعصب" رئيس ال CIA السابق وعضو مركز سياسات الأمن الذي يقوم بالترويج لحزب الليكود الإسرائيلي اليميني المتشدد، وولسي عضو أيضا بالمعهد اليهودي للأمن القومي وهي مؤسسة "عسكرية" تسعى للتعاون "العسكري" بين أمريكا وإسرائيل، كما قام ولسي في عام 2003م بالتبرير الفكري لحرب احتلال العراق.
وعن تمويل فريدوم هاوس فهي تتلقاه من جورج سوروس الملياردير اليهودي عضو منظمة تنمية إسرائيل وهو الذي موّل الثورتين الجورجية والأوكرانية والمصدر الثاني هو هيئة الوقف القومي للديمقراطية (مؤسسة حكومية)!!
وعن أهم "إنجازات" هذه المنظمة المشبوهة فكانت اسقاط نظام سلوبدان ميلوسوفتش عام 2000م في صيربيا عن طريق الاعتماد على حركة "اتبور" التي تلقى أعضاؤها "تدريبات" على "حشد الجماهير" وتعلموا استعمال اللعبة التي اخترعها بيتر آكرمان، أما عن جورجيا وثورتها الوردية فقد لعبت فريدوم هاوس دورا واضحا في اسقاط نظام إدوارد سيفارنادزه في 2003م والإتيان بنظام تابع للولايات المتحدة الأمريكية على رأسه ميخائيل ساكشفيلي بل وصل الأمر أن "تعهد" الملياردير اليهودي جورج سوروس بدفع مرتبات الحكومة الجورجية الجديدة إذا ما تعثر ساكشفيلي في بداية إدارته، لدرجة أن الرئيس الجورجي الجديد ساكشفيلي قال بنفسه إنه "ممتن لفريدوم هاوس ولجورج سوروس وجورج بوش ولكل أحرار العالم الذي دعمو ثورته الوردية"! وهذه العبارة رواها عمرو عبدالحميد مراسل ال
BBC في القاهرة بمقال نشره بجريدة المصري اليوم تحت عنوان أشبال فريدوم هاوس، اعتمدت منظمة فريدوم هاوس في الثورة الجورجية على شباب حركة "كمارا" الذين تلقوا تدريبات على "الحشد" ولعبوا بنفس لعبة بيتر آكرمان.
أما عن الثورة البرتقالية فقد كان ذات الدور المشبوه لفريدوم هاوس واضحا وبشدة في دعم "الثوار" هناك ودفع "بوكيت ماني" للمعتصمين أمام مبنى البرلمان الأوكراني وسأستشهد بما كتبته سارة باكستر في الصنداي تايمز البريطانية عدد 23 إبريل 2007 : "إن الثورة البرتقالية كانت واحدة من الثورات التي أشرف عليها إلهاما وتمويلا وتوجيها بيتر آكرمان مدير المركز الدولي للصراعات الغير عنيفة ومدير فريدوم هاوس وكذلك جورج سوروس صاحب مؤسسة سوروس التي تمول المجتمع المدني"، ومن الجدير بالذكر أن "الثوار" في أوكرانيا وقبل الثورة قد تلقوا دورات في "الحشد" أيضا ولذلك إن صادفكم من يطلق عليهم نشطاء مصريون وقد حصلوا على دورات تابعة لفريدوم هاوس في "الحشد" فأعلموا أنهم مما هو مخطط لهم أن يلعبوا دورا كأقرانهم في أوكرانيا وجورجيا وصيربيا ولا تسلموا عليهم قد تتلوث أيديكم!!
دخول فريدم هاوس بقوة في فترة ما إلى مصر واستقطابها مجموعة من النشطاء المصريين ضمن برنامج جيل جديد والاسم الكامل للبرنامج هو جيل جديد من النشطاء لا يعادي أمريكا وإسرائيل يعني أن هذه المنظمة المشبوهة قد تدعم تغيير ملون جديد في مصر، كيف وكما ذكرت في المقال الاول والثاني من وهم التغيير المستورد أن مصر قد غدت في حكم المستعمرة الأمريكية!، والجواب ببساطة واضح جدا أن النظام المصري أصبح يحكم بعصا الأمن فقط ولم يعد يرتكن إلا على أمريكا وحليفتها إسرائيل دون أي قواعد شعبية حقيقية بل تتزايد كل يوم موجات الغضب السياسي والإجتماعي وتدخل كل يوم فئة جديدة في خصومة ومشكلة مع النظام من أول أساتذة الجامعات وحتى سائقي المقطورات والعمال!!

والأمريكان لم يعد بوسعهم أن يكرروا غلطة اعتمادهم على شاه إيران فأصبحوا يبحثون عن البديل المتوافق مع هواهم والذي يجب أن يأتي بصورة "تبدو تلقائية وشعبية" وتبدو لأن أمريكا لا تترك شيئا من قبيل الصدفة حتى الثورات يمكن تصنيعها كما حدث في أوكرانيا وجورجيا وصيربيا لخدمة المصالح الأمريكية!
ولأن التغيير في مصر إذا جاء شعبيا وديمقراطيا بصورة حقيقية لابد وأن يتصادم مع المصالح الأمريكية فالشعب المصري "بطبيعته" يرى في إسرائيل كيانا مغتصبا وعدوا استراتيجيا بيننا وبينهم شلالات من دماء حارة لشهداء دفعوا عمرهم للدفاع عن هذا الوطن ضد اعتداءات الصهاينة، والشعب المصري يتعاطف بصورة طبيعية أيضا مع إخوته وأشقاؤه في فلسطين، والشعب المصري يرفض معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية "كامب ديفيد" والشعب المصري يرفض ويكره مبارك وابنه وعائلته ونظامه وحكومته وأمن دولته وأمنه المركزي!!
إن التغيير الذي يريده الشعب المصري العظيم لابد وأن يقترب مما يريده الشعب ويبتعد ويقاطع ما يرفضه، إن أي تغيير سيأتي مستوردا أو أمريكيا لن يكون إلا محض خيال وأوهام.

القاهرة في 30 يوليو 2009


---------------------------------------------
المصادر للأجزاء الثلاثة :

* أكتوبر 1973 السلاح والسياسة محمد حسنين هيكل
* خريف الغضب محمد حسنين هيكل
* مقالات رسائل مفتوحة للرئيس مبارك محمد حسنين هيكل
* الأيام الأخيرة عبد الحليم قنديل
* لماذا نقول لا في استفتاء الرئاسة عادل حسين / حلمي مراد
*لا مجدي أحمد حسين
* كامب ديفيد أرقام وحقائق محمد سيف الدولة
* نظام الفساد والاستبداد مجموعة من كتاب حركة كفاية
* الصنداي تايمز عدد 23 ابريل 2007
* موقع منظمة فريدوم هاوس على الانترنت

ليست هناك تعليقات: