قراءة في كتاب كارت أحمر للرئيس :
من هو الكاتب:
عبد الحليم قنديل ولد بقرية الطويلة محافظة المنصورة وتخرج من كلية الطب جامعة المنصورة، وعمل بمستشفيات وزارة الصحة بالدقهلية والقاهرة ثم ترك الطب عام 1985م وعمل بالصحافة .. أنشأ مجلة "الغد العربي" وترأس تحرير صحف "العربي" ، " الكرامة" ، "صوت الأمة" .. خاض معارك قوية ضد نظام مبارك تعرض بسببها لملاحقات أمنية وصلت لحد الاختطاف والترويع والإقالة من الجرائد التي يترأس تحريرها ومنع مقالات له من المطبعة نتيجة لضغوط أمنية .. وعلى المستوى السياسي يعد من أصلب المعارضين لنظام مبارك وأحد أهم مؤسسي حركة كفاية التي يشغل الآن منصب منسقها العام وصاحب الدعوة لإتلاف المصريين من أجل التغيير وأحد أهم مؤسسيه وصاحب صياغة بيانه التأسيسي الذي وقع عليه الكثير من الشخصيات العامة والمناضلين السياسيين والكثير من الفئات العمالية والشبابية والقيادات النقابية.
والكتاب:
هو مجموعة من المقالات "الحمراء" التي تؤرخ بدقة لحال مصر الآن في ظل حكم الفساد والإستبداد الذي يترأسه مبارك والجاثم على أنفاسنا منذ أكثر من ربع قرن، كما يتضمن الكتاب المقالات الثالثة التي منعتها جهات أمنية في اللحظات الأخيرة قبل طبع جريدة صوت الأمة بل وتسببت تلك المقالات في إقالة كاتبها من رئاسة تحرير الجريدة إثر ضغوط أمنية شديدة!
لماذا الكارت الأحمر؟!
مقالات الكتاب تجيبنا على هذا السؤال، فالكتاب يوضح كيف أن مبارك وصل إلى الحكم بمنطق الصدفة ولا شرعية له بمعاني التاريخ، وأنه كان أقصى أمانيه - أي مبارك - أن يكون سفيرا أو رئيس لشركة فإذا به يفاجئ بتعينه نائبا لرئيس الجمهورية عام 1975 ليجلس على مقعد الحكم إثر النهاية الدرامية للسادات بالاغتيال على منصة العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981م، ليحول مبارك مصر كلها إلى شركة خاصة ثم تحولت إلى عائلة! .. أي انتهى الحال بمصر الكبيرة لعائلة صغيرة!! .. الكارت الأحمر أمر طبيعي لنظام أقصى إنجازاته التاريخية هو أن جعل المصريين يكرهون مصر ويهربون منها، فعهد مبارك يمثل مرحلة انحطاط تاريخي تعد الأسوء في تاريخ مصر، تلك المرحلة التي ازداد فيها فقر وبؤس المصريين وتحول الشعب المصري إلى شعب مريض بكل أمراض الدنيا فالشعب المصري تتم عليه عملية إبادة بيولوجية بالأغذية المسرطنة والمياه الملوثة حيث تتصدر مصر الإحصائيات العالمية في أمراض الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي فيرس C وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطانات المختلفة بصورة رهيبة.
وعلى المستوى السياسي يغتصب مبارك ونظامه السلطة دون أي شرعية شعبية أو قواعد اجتماعية انتهت بالنظام في وضع الرأس المعلق، وبلا حتى شرعية دستورية ويتضح ذلك من حكم المحكمة الدستورية - التاريخي - في عام 2000م بعدم شرعية كل انتخاب أو استفتاء جرى أو يجري بغير الإشراف القضائي الكامل، ولم يحدث أن جرى استفتاء في زمن مبارك كله بالإشراف القضائي الكامل - قاضي لكل صندوق انتخابي- واستفتاءات مبارك 1981م ، 1987م ، 1993م وحتى (انتخابات) 2005 جرت جميعا بلا إشراف قضائي كامل!!
ويوضح الكتاب أن نظام مبارك تجاوز منذ زمن مرحلة الخطأ السياسي إلى الخطيئة الفادحة وجرى في عهده تجريف الاصول الإنتاجية وشفط ونهب الثروة الوطنية بصورة غير مسبوقة، وجرت عملية إفقار منظمة لكل فئات الشعب المصري المكلوم .. بينما يقف النظام قلبا وقالبا مع المفسدين والفاسدين والمحتكرين بل والقاتلين أمثال أحمد عز وممدوح إسماعيل الذي تسبب فساده بإغراق أكثر من الألف مصري بينما سهلت الدولة خروجه سالما ليقبع في لندن ينعم بملياراته التي هي من لحم ودم الشعب المصري.
ولأن النظام المصري ومبارك كما يرى الكتاب ينتهجان سياسة "إسرائيل أولا"، وتحولوا إلى "الذين جلبوا العار لمصر" فما كان منهم إلا أن وقفوا في خانة العدو الصهيوني ضد أهلنا في قطاع غزة ونفذوا التعليمات الإسرائيلية والأمريكية "بحذافيرها" بشأن إغلاق معبر رفح في وجه أبناء غزة البواسل.
ولأن البلاد دخلت في عصر انحطاط تاريخي عام بل أشبه بالخروج الكلي من التاريخ فبعد أن كانت مصر - حتى عام 1973م - رأسا برأس مع كوريا الجنوبية في معدلات التنمية والتقدم والاختراق التكنولوجي وانتهت مصر في عهد مبارك إلى الثقب الأسود وصارت في مكانة بوركينا فاسو وفي معدلات آدائها على مؤشر الفساد الدولي!!
ويشير الكتاب أن صرخة كفاية الأولى "لا للتمديد .. لا للتوريث" قد لاقت صداها في الاحتجاجات التي انتشرت في البلاد لتتحول إلى رياضة يومية في أماكن مختلفة تتوجت بتلاقي موجة الغضب السياسي بموجة الغضب الاحتجاجي وبمساعدة شبابية واعدة من شباب الفيس بوك لتتحول إلى انتفاضة شعبية في 6 ابريل 2008م وتعلن بقوة عن "احتضار النظام" وتحلله.
الطريق:
لم يتركنا الكاتب نضرب أسداسا في أخماسا ونتحول إلى البكاء والصراخ بل رسم طريقا واضحا لانتشال البلاد من أزمتها السحيقة.
والطريق كما يوضحه الكتاب هو الطريق الوحيد للتغيير عن طريق العصيان المدني والاعتصام بالمقاومة السلمية ، ويرى الكاتب أن دخول الانتخابات - تشريعية أو رئاسية - هو نوع من العبث خاصة بعد تعديلات الانقلاب على الدستور في 2007 وإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات الأمر الذي حولها لمجرد تعيينات إدارية واتضح ذلك جليا في مهزلة مجلس الشورى والمحليات من بعدها ، ويؤكد الكتاب على ضرورة الالتفاف حول ائتلاف المصريين من أجل التغيير الذي في وثيقة بيانه التأسيسي الموقع عليها أكثر من 250 شخصية عامة : "إنه لا حل لأزمة مصر بغير التغيير السلمي للنظام القائم والتحول إلى حكم الشعب عبر فترة انتقالية لمدة سنتين تدير البلاد خلالها رئاسة محايدة وحكومة ائتلاف وطني تستعيد هيبة مصر ومكانتها ودورها القيادي عربيا وتسترد استقلالنا وإرادتنا الوطنية، وتقيم الديمقراطية وحكم القانون والتوزيع العادل للثروة، بإنهاء حالة وقانون الطوارئ وإيقاف العمل بتعديلات الانقلاب على الدستور وتصفية تركة الاعتقال السياسي والمحاكمات العسكرية والاستثنائية وإطلاق حريات الصحافة وتكوين الأحزاب والجمعيات والنقابات وهيئات التدريس واتحادات الطلاب والفلاحين".
وينتهى الكتاب بنص وثيقة البيان التأسيسي للإتلاف التغيير وقائمة الموقعين عليه - التي أشرف بوجودي بها - ، هاهو الكارت الاحمر الذي رفعه الكاتب الشجاع عبد الحليم قنديل في وجه مبارك كتاب عزيزي القارئ يستحق القراءة والتأمل والتعلم.
-------------------------
إشارة :
حفل توقيع ومناقشة الكتاب يوم الأحد 16 أغسطس الساعة السابعة مساءا بنقابة الصحفيين الدور الرابع وجودك مهم بطبيعة الحال.
هناك 3 تعليقات:
أخي المناضل محمد عبد العزيز،
تلخيصك رائع لكتاب كارت أحمر للرئيس، وفعلا الدكتور عبد الحليم قنديل واحد من أصلب المناهضين لزعيم العهد الأسود، متمنيا أن يؤتي الكتاب أكله، وأن يحرك ولو شعرة واحدة في أجساد أبناء شعبنا.
مع تحياتي
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
Taeralshmal@gmail.com
http://taeralshmal.jeeran.com
أستاذي محمد عبد المجيد أشكرك وبشدة على زيارة مدونتي المتواضعة وعلى كلماتك وأتمنى أن نرى جميعا مصر بدون زعيم العهد الأسود تحية لكل مناضلين الوطن في كل مكان وتحية إلى مجلة طائر الشمال صوت الحق في النرويج وشعاع للنور في زمن الظلام
محمد عبد العزيز
عرض رائع للكتاب يا صاحبي وانا بعته لكل اعضاء الجروب ولو اعرف ان انت هتعمل العرض المذهل ده كنت نشرتهولك في صوت الامة بدل العرض اللي انا عملته
تحياتي يا رفيق
إرسال تعليق