الاثنين، 17 أغسطس 2009

السيد والخادم!!

e السيد والخادم!!

إلى واشنطن شد الرحال وجهز "حقائب" فارغة إذ من المنتظر أن تمتلئ بالخيرات الأمريكية من الدولارات وخلافه .. كل هذا مقابل بعض "التكتيكات" الصغيرة ولا أقول التنازلات لا سمح الله التي لا تؤثر بالطبع على دور مصر الإقليمي والريادي والاستراتيجي والجميل خالص وسمعونا صلاة النبي!!
القصة وما فيها أن الأمريكان "حلفاءنا" قلقين بعض الشئ من وجود قوة خارج السيطرة لها كرامة في المنطقة، وأصبح الآن لديها تكنولوجيا نووية جيدة واقتصاد وتصنيع وطني متنامي وهي بالطبع إيران. كما أن الإسرائيلين "حلفاءنا وحبايبنا وإخوانا كمان" غاضبين من صوت نجاد العالي الذي يقلق مضاجع الصهاينة في تل أبيب بسبب تصريحاته وما تتضمنه من هجوم على الكيان الصهيوني وتطالب بالقضاء عليه باعتباره "ورم سرطاني خبيث" وهذا الكلام يعتبره الأمريكان خطا أحمر لا يجب حتى التفكير فيه لا ترديده، كما أن الإزعاج التي تسببه حماس بدا غير قابل للتحمل حيث كان أوباما قادما إلى البيت الأبيض وفي نيته وإنما الأعمال بالنيات أن يحقق تطبيعا عربيا بصورة واسعة مع إسرائيل ولكن وجود حماس وإصرارها على المقاومة جعلها تصبح عقبة في طريق تحقيق آمال أوباما، فكان من الطبيعي أن يعتمد الأمريكان والإسرائيليين على حبيبهم وحليفهم ورجلهم الكـُبرة السـُكرة حسني مبارك لذلك كانت الزيارة!
أولا: فيما يخص التطبيع العربي مع إسرائيل يقول سليمان عواد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية بأن مصر ملتزمة برفض التطبيع العربي "الشامل" مع إسرائيل قبل تحقيق التسوية الشاملة ولكن – ويا خوفي من ولكن – يمكن القبول بتطبيع "محدود" مقابل وقف الاستيطان!!، وحتى الآن لم أفهم ماذا يقصد بالتطبيع الشامل والمحدود فالأمر بالنسبة لي – ويمكن أطلع دقة قديمة – إما الاعتراف بإسرائيل وهذا موقف يجلب العار ويعتبر خيانة للقضية وإما رفض الاعتراف واعتبارها كيانا مغتصبا وهو موقف وطني محترم ولا يوجد موقفا وسطيا بين الإثنين فأي تطبيع "محدود" يعتبر اعترافا بإسرائيل يتناقض مع المبدأ!!
ثانيا: فيما يخص إيران "بعبع" أمريكا وإسرائيل الآن فإن الترتيبات تجري على قدم وساق لمشروع مظلة أمنية دفاعية (عربية – أمريكية – إسرائيلية) تكون رادعا لإيران الشريرة التي تكره إسرائيل! .. وعلى الرغم مما نشرته جريدة الأهرام الرسمية أن مصر ترفض المشاركة في المظلة الدفاعية إلا أن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية قال في جريدة الشروق "إن الجانب الأمريكي لا يتوقع من مصر إلا توفير غطاء سياسي لهذه المظلة وهو ما لا تمانع مصر في توفيره"، وعلينا أن نفهم الصورة الجديدة حلفاءنا هم أمريكا وإسرائيل وأعداءنا هم إيران وحزب الله وحماس وكل من تجرأ باللفظ أو بالفعل على إسرائيل!!ثالثا : الدولارات الأمريكية .. ماذا سنحصل نظير أننا دولة "بتسمع الكلام" وفاهمة جيدا دورها في المنطقة .. وبالتالي فإن أهم الموضوعات التي ستثار ستكون اقتصادية مثل المعونة الأمريكية .. وهذه المعونة استخدمتها أمريكا بجدارة على طريقة العصا والجزرة للتأثير على مواقف مصر السياسية حيث أن القانون الخاص بالمعونة الأمريكية صدر عام 1952م بهدف المحافظة على "المصالح الأمريكية" في الشرق الأوسط ، واستمرت المعونة 4 سنوات ثم تم تجميدها وسحب أمريكا عرضها لتمويل السد العالي عقابا لمصر في ذلك الوقت على رأسها الناشفة وعدم اعترافها بإسرائيل وصفقة الأسلحة التي عقدتها مصر مع تشيكوسلوفاكيا، ومع بداية السابعينات قدم الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون 250 مليون دولار كمعونة اقتصادية لمصر لتكون بمثابة إعادة للعلاقات أو بمعنى أدق بيقدم السبت!!
وبعد فض الاشتباك الثاني عام 1975م بين مصر وإسرائيل تم إدارج مصر ضمن برنامج المساعدات الأمريكية ثم بعد أن أصبحت دولة "بتسمع الكلام" ووقع السادات على اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام عام 1979 تعهد جيمي كارتر الرئيس الأمريكي وقتها بتقديم مليار دولار سنويا كمعونة اقتصادية لمصر، واستمرت مصر في الحصول على معونة تقدربـ 815 مليون دولار سنويا حتى عام 1998م تم بعد ذلك تخفيضها بنسبة 5% سنويا حتى وصلت عام 2008 إلى 415 مليون دولار ولكن إدارة بوش خفضت المعونة 50% في عام 2009م لتصل إلى 200 مليون دولار فقط واليوم تأتي الزيارة "التاريخية" من أجل رجاء واستعطاف قلب أوباما الطيب الكريم ومن قدم شئ بيداه عند المولى وجده وتلقاه لتعود المعونة إلى سابق عهدها 415 مليون دولار مع استمرار تخفيضها سنويا بنسبة ال 5%.كما تتطرق الزيارة إلى اتفاقية الكويز الموقعة عام 2004م وتقضي بأن المنتجات المصرية التي يتم انتاجها بداخل مناطق معينة في مصر هي القاهرة الكبرى والإسكندرية وبورسعيد والمنيا وبني سويف لها حق الدخول الحر إلى السوق الأمريكية بدون جمارك بشرط أن تتضمن السلعة في مكوناتها على 10.5% مكون إسرائيلي مما يشجع على التطبيع التجاري ونفع واستنفع مع الصهاينة! ، وما سيطالب به مبارك في هذه الزيارة هو زيادة المناطق التي تشملها الاتفاقية حتى تصل إلى أسوان ليصبح صعيد مصر كله غارقا في التطبيع وأهو رزق وجاي!!من هذه الزيارة والملفات المطروحة على طاولتها "أو من تحتها" يظهر جليا ما هو دور مصر الحقيقي في ظل حكم مبارك الذي تتغنى به الصحف الحكومية والإعلام الرسمي وهو "خدمة" المصالح الأمريكية والإسرائيلية مقابل المعونات الاقتصادية واتفاقيات التجارة، والمقابل الأهم هو بقاء مبارك في الحكم من الأساس، أما ما يثير تعجبي أن توصف الزيارة بالتاريخية بينما هي لقاء طبيعي جدا بين السيد والخادم!!

ليست هناك تعليقات: