الأمور البديهية في العملية الانتخابية!
كلما فتحت جريدة مستقلة أو حزبية تنهال على رأسي الكثير من الترشيحات الرئاسية لانتخابات عام 2011م القادمة .. تارة عمرو موسى يبقي الباب مواربا .. محمد البرادعي لا ينفي ترشحه للرئاسة .. أيمن نور يزور الغردقة عائدا من الأقصر .. استطلاعات للرأي كل يومين تؤكد تفوق فلان على علان .. إنها لعبة الديمقراطية التي كذبناها وصدقناها، يذكرني هذا المشهد العبثي بعادل إمام في مسرحية شاهد مشفش حاجة حينما دفع فاتورة التليفون خوفا ليشيلوا العدة بينما يكرر ساخرا عبارة "مع إني معنديش تليفون!!" .. وهل نحن لدينا انتخابات يا أساتذة لننشغل بمن سيترشح ومن سيتكرم ويفكر ومن يبقي الباب مواربا بينما يتم تصعيد جمال مبارك على رقاب كل هؤلاء الذين ربما بحسن نية يلعبون دور الكومبارس في فيلم التوريث!
أعلم أن المرحلة التاريخية التي تمر بها المنكوبة والمنهوبة والمتبهدلة يا ولداه مصر المحروسة سابقا هي مرحلة خطيرة وحساسة .. فهي المرحلة التي سيتحدد فيها مستقبل مصر في الربع قرن القادم وربنا يستر ولا يكون كالربع قرن الماضي! .. ولكن لابد أن نعي جيدا أن أي انتخابات في ظل الظروف السياسية الموجودة الآن هي خدمة مباشرة للنظام والحزب الوطني والوريث المنتظر جمال مبارك، لدينا في مصر نظام حزبي يمثل "بدعة" عجيبة في التاريخ الانساني كله فأنت إذا فكرت أن تؤسس حزبا فعليك أن تجمع ألف توكيل وتعد برنامجا وتذهب به إلى ما يطلق عليها لجنة شؤون الأحزاب والتي يرأسها بالطبع أمين عام الحزب الوطني صفوت الشريف لتقول كلمتها فإما أن توافق "أي يوافق الحزب الوطني عليك لتعارضه" .. أو ترفض في جملة شهيرة أن برنامج الحزب غير متميز .. ما هو من الطبيعي أن تراه غير متميز يا سيد صفوت وإلا لكنت استقلت من حزبك وانضممت إلى الحزب المتميز الجديد كيف بالله عليكم أن نسمي ما هو موجود الآن نظام حزبي يمكن أن يفرز قيادات تنافس في الانتخابات الرئاسية والتشريعية .. إنها أحزاب بالتكليف الرسمي ولا أريد أن أن أذكر واقعة طربوش حزب الأمة الشهيرة لصاحبها أحمد الصباحي!
ولدينا في مصر قانون وحالة طوارئ تعطي صلاحيات مهولة لجهاز الأمن فيصبح هو المسيطر على العملية الانتخابية من أولها لآخرها خاصة بعد غلق آخر مصباح وهو الإشراف القضائي على الانتخابات لينتهي آخر بصيص من نزاهة في العملية الانتخابية وكانت العينة بينة في انتخابات المحليات والتجديد النصفي لمجلس الشورى حيث كانت النتيجة هي لم ينجح أحد إلا إذا كان عضوا في الحزب الوطني أو (مظبط معاه)! .. وجماعة الإخوان المسلمين التي حصلت على خمس مقاعد مجلس الشعب فجأة اختفت فلم تفز بأي مقعد في انتخابات الشورى التي تم إجرائها بعد إلغاء الإشراف القضائي!
وإذا أردنا أن نوجد انتخابات حقيقية ليست ديكورية من نوعية اضحك الصورة تطلع حلوة فلابد أن يوجد مجتمع سياسي يفرز قادته بصورة تلقائية أي يوجد حرية لتكوين الأحزاب بمجرد الاخطار وإلغاء ما تسمى لجنة شؤون "تخريب " الأحزاب تلك .. يجب أن توجد حرية لإصدار الصحف وأرجو ألا يقول لي أحد أن هناك حرية صحافة في مصر الموجود الآن هو من حقك أن تتكلم ومن حقي أن استخدم قوانين الحبس في قضايا النشر وأرجو تذكر ما حدث للأساتذة إبراهيم عيسى وعبدالحليم قنديل وعادل حمودة ومجدي حسين ووائل الإبراشي من ملاحقات قضائية بسبب كتاباتهم المعارضة للنظام الفاسد المستبد بل وصل الأمر إلى الاختطاف والتعدي بالضرب والابعاد من الكتابة في مصر كما حدث مع عبدالحليم قنديل والمحاكمة العسكرية وغلق جريدة الشعب مع مجدي حسين!
وإذا أردنا أن نوجد انتخابات حقيقية يجب أن تتخلص مصر من تلك القوانين سيئة السمعة مثل قانون الطوارئ والافراج الفوري على كل المعتقلين السياسيين المقدرين بالآلاف .. يجب أيضا وجود رقابة دولية وقضائية تضمن حيادية العملية الانتخابية من أول فتح باب الترشيح وحتى إعلان النتائج .. وقبل كل ذلك يجب تعديل الدستور ليتيح حرية الترشح دون القيود التي تجعل أمر قبول الترشح مرتهنا بأن يكون اسم المرشح جمال محمد حسني مبارك!
هذه الضمانات والشروط هي خلاصة المشاروات التي استمرت شهورا بين مختلف القوى الوطنية والنخبة السياسية في ائتلاف المصريين من أجل التغيير وما عبر عنه في الوثيقة التي أعدها الإتلاف والتي تقوم على فكرة أن إذا ما لم تتحقق هذه الشروط والضمانات البديهية في الانتخابات يصبح دخولها سواء تشريعية أو رئاسية أمرا مرفوضا وتبدي فكرة المقاطعة .. تظهر في نفس الإطار أصواتا لا أفهمها تقول بأن هذه الشروط رائعة ولكن نرفض المقاطعة ولا أعلم كيف تقول أنك تريد تعديل النظام الانتخابي وتطالب بذلك وحين لا يحدث التعديل تقبل بالنظام القديم وكأن شيئا لم يكن فلماذا المطالبة بتعديله إذن إذا كنت ستوافق عليه كما هو في النهاية وتدخل الانتخابات بغض النظر عن التعديل من عدمه .. صبرنا يا رب!!
قد يقول البعض أن فكرة المقاطعة ما لم تتوفر الضمانات والشروط السابقة هي فكرة للهروب من المواجهة الحتمية بين قوى المعارضة الجذرية والنظام في تلك المرحلة التاريخية، وهذا أمر غير صحيح بالمرة فتيار المعارضة الجذرية والذي أسست له وقادته حركة كفاية وامتدادها الطبيعي المتمثل في ائتلاف المصريين من أجل التغيير ليس من دعاة الجلوس في البيت ومشاهدة قنوات الأخبار ثم التحول إلى لعب دور رد الفعل ولكن هو التيار صاحب المبادرة دائما .. فما هو دوره في هذه المرحلة التاريخية إذا لم تتحقق الشروط والضمانات وقرر مقاطعة الانتخابات؟! .. سيكون هذا هو محور الحديث الأسبوع القادم.
وللحديث بقية
هناك تعليق واحد:
اشعر بالامل عندما اقرا مثل هذه المقالات التي تفضح مدى تخاذل بعض القيادات المصريه والتبعيه المصريه لاسرائيل والملزم بتوفير الامن لاسرائيل على حساب الشعب وكرامته وعلى حساب الاهل في غزه
ياللعار من جدار العار
انا ارى انه اشد فعلا و وقاحة ودمار من الحرب الاسرائيليه على غزه
على الاقل الحرب كانت من عدونا وشيء طبيعي يكون حروب بين الاعداء
ولكن هل يجوز من الاخوه
**ولكن القرار في النهايه بيد الشعب المصري وليس الحكومه المباركه لوكان في الشعب خير لغير قادته بيده
اذاً الشعب راضي
إرسال تعليق